أهمها تغول الحوثيين على الدولة.. 3 عوامل تحرم اليمن من السلام
قال المركز الدولي لمبادرات الحوار إن هناك ثلاثة أسباب رئيسية تجعل السلام في اليمن بعيد المنال، لعل من أهمها "اختلال توازن القوى لصالح الحوثيين"، الذين تغولوا على مؤسسات البلاد لبناء "دولة تتماشى مع عقيدتهم"، وهذا ما يجعلهم غير راغبين في التسوية السياسية مع الفصائل اليمنية الأخرى.
ولام المركز، في تقرير مطول حول الوضع في اليمن، على الأطراف المناهضة للحوثيين عدم مقدرتها على التوحد معا في غاية مشتركة، مشيرا إلى "فشل دمج جميع الفصائل في الحكومة المعترف بها دوليًا، والإخفاق في حل التناقضات الداخلية".
وأشار إلى أن العامل الثالث هو "تضارب الرؤى لمستقبل اليمن"، إذ لا يوجد إجماع على البنية السياسية والإقليمية للبلاد، سواءً أكانت موحدة أم اتحادية أم منقسمة، وبالمثل، هناك خلاف حول النظام السياسي نفسه، حيث يدعو البعض إلى نموذج جمهوري، بينما يميل آخرون إلى نظام يمذج أكثر بين الدين والدولة، فيما أعلنت الإدارة الأمريكية صراحةً عدم رغبتها في التورط في حرب اليمن، وقد تجلى ذلك في تعليق المساعدات الإنسانية خلال فترة قصف دامت قرابة سبعة أسابيع في اليمن.
وتابع: "بالنسبة للمملكة العربية السعودية، وبعد سبع سنوات من التدخل العسكري، بات واضحًا أن الحرب أصبحت مستنقعًا لا يمكن كسبه، مستنزفةً مواردها المالية ومضرةً بسمعتها الدولية".
انتقد اليمنيون "خارطة الطريق" لافتقارها للشفافية والحصرية
ولفت المركز إلى الانتقادات اليمنية لمفاوضات مع الحوثيين التي تجري بتسيير من عمان، والتي سمتها الأمم المتحدة بـ"خارطة الطريق"، وذلك لعدة أسباب، أولها، غياب الشفافية، وعدم نشر أي وثيقة رسمية أو نص للاتفاق، واقتصار تداول المعلومات المسربة في وسائل الإعلام على ذلك، وثانيًا، اتسمت عملية التفاوض بالحصرية بشكل لا يمكن إنكاره، مما أدى فعليًا إلى تهميش جميع الفصائل اليمنية باستثناء الحوثيين.
وتابع: "مع ذلك، لا تزال خارطة الطريق تُقدم كمرجع لحل الصراع اليمني، على الرغم من الانتقادات الواسعة والتدخل الأميركي ضد الحوثيين بعد هجماتهم في البحر الأحمر"، قبل أن تتوصل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى اتفاق مع الجماعة بوساطة عمانية.
وأضاف التقرير: "تعكس هذه التطورات اتجاها متزايدا نحو تهميش الصراع المستعصي في اليمن من خلال معالجة تداعياته الأمنية المباشرة فقط، مع ترك أسبابه الجذرية دون معالجة".
اليمن بحاجة إلى استراتيجية سياسية واقتصادية شاملة
واستطرد: "خلال زيارة الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط، غاب اليمن بشكل ملحوظ عن جدول الأعمال، حتى أن طلب رئيس المجلس الرئاسي اليمني للقاء ترامب خلال زيارته السعودية قوبل بالتجاهل، ومن الواضح أن اليمن يُنظر إليه على أنه عبء بلا عوائد ملموسة، مما يجعل من الأفضل تجنبه، ونتيجة لذلك، تبدو أي مبادرة سلام مقترحة أقرب إلى استراتيجية احتواء لا حل، تهدف إلى حصر الصراع في نطاق محلي لمنع تداعيات إقليمية أوسع، حتى لو كان الحل جزئيًا وقصير النظر".
واختتم: "في الواقع، تنبع أزمة اليمن المتجذرة من عقود من السياسات قصيرة النظر والاعتماد المفرط على النهج الأمني، ما يحتاجه اليمن حقًا هو استراتيجية سياسية واقتصادية شاملة قادرة على تحقيق نتائج بناءة ودائمة، ومع ذلك، سيتطلب هذا جهودًا مستدامة وطويلة الأجل قائمة على التخطيط الاستراتيجي لا التكتيكي، وإلا، فإن الاعتماد المستمر على السياسات الانفعالية لن يحل الأزمة. وحتى لو نجحت مثل هذه الأساليب في احتواء بعض آثارها المباشرة، فإنها سوف تفشل في نهاية المطاف مع تفاقم الأزمة بمرور الوقت".