كيف وصلت إسرائيل إلى نصر الله "في باطن الأرض"؟

في لحظات معدودة مساء الجمعة الماضي، تحول أهم مربع سكني في الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت إلى ركام، بعد غارات إسرائيلية قوية، وصل تأثيرها إلى عمق 60 قدما، حيث كان اجتماع 20 شخصا من قيادة حزب الله، على رأسهم الأمين العام حسن نصرالله.

لكن كيف نجحت إسرائيل في الوصول إلى نصرالله وقادة الحزب رغم كل الترتيبات الأمنية؟ وهنا تكشف "وول ستريت جورنال" أن التخطيط العملياتي للضربة بدأ منذ أشهر، حيث وضع المسؤولون العسكريون خطة لاختراق مخبأ الحزب تحت الأرض.

الانفجارات الموقوتة

 وتقوم فكرة على إحداث سلسلة من الانفجارات الموقوتة، حيث يمهد كل انفجار الطريق للانفجار التالي، كان الهجوم واحدًا من أكبر الغارات الجوية المنفردة على عاصمة في التاريخ الحديث.

وبدأ المسؤولون الإسرائيليون في الأيام الأخيرة مناقشة جدية لخيار قتل نصر الله، بحسب ما قاله شخص مطلع على الأمر للجريدة الأميركية.

وأوضح مسؤولون إسرائيليون إن التوقيت الدقيق للضربة جاء بعد أن علمت المخابرات الإسرائيلية بالاجتماع قبل ساعات من وقوعه.

وصرح الناطق باسم الجيش الإسرائيلي نداف شوشاني بأنهم حصلوا على "معلومات استخباراتية في الوقت الحقيقي تفيد بأن نصر الله كان يجتمع مع العديد من كبار" قادة الحزب.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث ألقى خطابا تحدث فيه عن أنه لن تقبل إسرائيل بوجود حزب الله على حدودها الشمالية، مشيرا إلى قدرته على تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر الماضي، حين هاجمت حركة حماس المنطقة المعروفة باسم "غلاف غزة".

ونشر مكتب نتنياهو صورة له بعد ساعة من الهجوم، ويظهر فيها في مقر إقامته بنيويورك وهو يعطي "الضوء الأخضر".

اللقاء الأخير

ولا يعلم أحد ماذا دار في لقاء نصرالله الأخير مع القادة البارزين في الحزب، ولكن بعضهم كان يريد استغلال الاجتماع "للتعبير عن الإحباط من أن إيران تمنعهم من الرد بقوة أكبر على الهجمات الإسرائيلية"، وفقا لما كشفه مطلعين على مناقشات حزب الله لـ"وول ستريت جورنال".

وقطع مداولات الحزب 80 طنا من القنابل التي أطلقتها طائرات حربية إسرائيلية، وفق مصادر الجريدة الأميركية، ليرتفع عمود من الدخان البرتقالي فوق بيروت، وكأنه إعلان بموت نصر الله الذي ترك فراغا كبيرا على رأس حزب الله.

القضاء على جيل كامل

وتقول "وول ستريت جورنال" أن ما وقع أحدث تحولا في الشرق الأوسط، فقد مثلت غارة الجمعة ختاما لسلسلة من عمليات الاغتيال التي نفذتها إسرائيل وقضت على ما يقرب من جيل كامل من قادة حزب الله، مما أدى إلى حالة من الفوضى في المجموعة المسلحة.

كما أظهرت الواقعة أن قادة إسرائيل مستعدون لتجاوز الخطوط الحمراء التي حددت في السابق الصراع مع حزب الله، وذلك بغية ضمان أمنهم، وفق الجريدة.

وقالت إسرائيل إن حملتها العسكرية تهدف إلى إنهاء هجمات حزب الله على شمال إسرائيل، التي أجبرت عشرات الآلاف من الإسرائيليين على إخلاء منازلهم. و

وترى مديرة معهد "SOAS" لأبحاث الشرق الأوسط، لينا الخطيب، أن ما فعلته إسرائيل بهذه الحملة ضد حزب الله "فتح الباب أمام حقبة جديدة يضعف فيها نفوذ إيران في الشرق الأوسط بشكل كبير". 

وفي واشنطن، قوبلت الضربة بالإحباط من جانب كبار أعضاء إدارة بايدن بعد أيام حاولت فيها الولايات المتحدة استئناف المفاوضات نحو وقف إطلاق النار في كل من غزة ولبنان. 

وكان نتنياهو قد شكك في وقت سابق من الأسبوع في مبادرة وقف إطلاق النار التي تقودها الولايات المتحدة وفرنسا، بينما صرح المسؤولون الأميركيون بأنهم لم يعلموا مسبقًا بالضربة، وهو الأمر الذي أعرب وزير الدفاع لويد أوستن عن قلقه بشأنه خلال مكالمة يوم الجمعة مع نظيره الإسرائيلي، يوآف غالانت، وفقًا لمسؤول مطلع على المكالمة.

وقال القائد السابق للقوات الأمريكية في العراق الجنرال جوزيف فوتيل، إن إسرائيل جادة في "وقف التهديد المستمر من حزب الله، وأنهم على استعداد لقبول الكثير من المخاطر للقيام بذلك"، مشددا على أن إسرائيل استخدمت ذخائر ثقيلة "للتأكد من نجاح عملية قتل نصر الله".

ذعر في بيروت

ويعيش سكان بيروت حالة من التوتر منذ أشهر، وهم يراقبون تصاعد العنف بين حزب الله وإسرائيل، ويتذكر الكثيرون في لبنان الدمار الذي أحدثته الحرب الواسعة النطاق الأخيرة في عام 2006.

وفي ذلك الصراع، قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مدارج مطار بيروت، إلى محطات الوقود والبنية التحتية المدنية في جميع أنحاء البلاد. 

بينما يأتي الصراع الحالي في ظل معاناة لبنان من أزمة اقتصادية منذ سنوات، مما تركه على حافة وضع الدولة الفاشلة، مع القليل من الموارد التي تمكنه من الصمود في وجه حرب أخرى.

وفي الصراع الأخير، أدت موجات من الغارات الجوية الإسرائيلية إلى فرار الآلاف شمالاً وتدفقهم إلى المدينة.

وبعد الغارة، أصدر الجيش الإسرائيلي إشعارات على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو سكان مناطق محددة في جنوب بيروت إلى مغادرة مبانيهم، مستخدما التكتيكات الخاصة بالحرب في غزة.

وقال كثير من الناس أنهم لم يروا التحذيرات. لقد فروا بكل بساطة من جنوب بيروت بعد غارات يوم الجمعة خوفاً بعد الغارة على نصر الله. وحملوا حقائب الظهر والأكياس البلاستيكية، واتجهوا إلى وسط بيروت بينما تكدس آخرون في السيارات واتجهوا شمالاً.

ومع شروق الشمس، تجمعت العائلات معًا في ساحة الشهداء، وهي ساحة خرسانية في وسط بيروت بالقرب من البرلمان اللبناني، وجلس البعض على ألواح من الرغوة البلاستيكية بينما صنع آخرون خيمًا من الأغطية البلاستيكية لحماية أنفسهم من أشعة الشمس.

وكان أبو محمد محسن في منزله على بعد مسافة قصيرة من مكان وقوع الغارات قبل أن يضطر إلى النزوح، وقال لـ"وول ستريت جورنال" إنه إذا لم يتمكن من العودة قريباً، فسوف يفترش الأرض وينام في الشارع.

بينما فر موسى مراد من بلدته في جنوب لبنان في وقت سابق من شهر سبتمبر بعد أن سمع شائعات بأن القوات الإسرائيلية كانت على وشك ضرب البلدة، ولجأ أولاً إلى قريب له يعيش على الطريق المؤدي إلى مطار بيروت، ثم انتقل إلى شقة جديدة مع أسرته المكونة من سبعة أفراد يوم الخميس.

الوافد الجديد إلى العاصمة، بالكاد يعرف طريقه في جميع أنحاء المدينة، وقال إنه لم يكن لديه أي فكرة عن وجود مجمع لحزب الله في المنطقة.

]]>

Previous
Previous

توقعات أميركية ببدء العملية الإسرائيلية البرية في لبنان "على الفور"

Next
Next

الخيمة الجنسية قصة أثارت الجدل في غزة