أميركا.. إقبال كبير على "حبوب الإجهاض" بعد فوز ترامب بالرئاسة
تشهد الولايات المتحدة حاليا إقبالا "غير معتاد" من النساء على أدوية الإجهاض، وذلك منذ فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة، وقبل أسابيع قليلة من بداية ولايته الثانية.
وتلقت منظمة "آيد آكسيس"، وهي واحدة من أكبر موردي حبوب الإجهاض، 10 آلاف طلب للحصول على الدواء خلال الـ 24 ساعة التي أعقبت إعلان فوز ترامب بالسباق الرئاسي أمام كامالا هاريس، بزيادة 17 ضعفا عن الطلبات العادية يوميا، والتي لا تتجاوز 600 طلب، وفق جريدة "واشنطن بوست".
واستقبلت منظمة "جيست ذا بيل"، وهي منظمة غير ربحية تصف أدوية الإجهاض للنساء، 22 طلبًا من أصل 125 طلبًا لسيدات غير حوامل خلال الأيام منذ الأربعاء إلى الجمعة الماضيين، وعلقت المديرية الموقتة للمنظمة جولي أماون، بأنه من "النادر" عادة أن تطلب السيدات الحبوب قبل الحمل.
وأفادت منظمة "بلان سي"، التي تقدم معلومات حول الوصول إلى أدوية الإجهاض، بزيارة أكثر من 82 ألف شخص موقعها على الإنترنت يوم الأربعاء، مقارنة بنحو 4 أو 4.5 ألف زائر فقط قبل الانتخابات.
وقالت منظمات وشركات الصحة الإنجابية أيضًا إن الطلبات ازدادت على وسائل منع الحمل الطارئة، أو حبوب "الصباح التالي" أو اللجوء إلى وسائل "منع الحمل طويلة الأمد"، مثل الأجهزة داخل الرحم وقطع القناة الدافقة، لكنها رفضت تقديم أرقام محددة لـ"واشنطن بوست".
الخوف من اللجوء للإجهاض في ظل إدارة ترامب
وقالت بريتاني فونتينو، رئيسة الاتحاد الوطني للإجهاض، وهي رابطة مهنية لمقدمي خدمات الإجهاض: "يدرك الناس أن التهديد حقيقي للغاية، وهو عدم مقدرة النساء على اللجوء للإجهاض في ظل إدارة ترامب، ولذلك أعتقد أن الناس قلقون بشأن قدرتهم على الحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها".
وعلقت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم فريق ترامب الانتقالي، بأن الرئيس ترامب "كان ثابتا منذ فترة طويلة في دعم حقوق الولايات في اتخاذ القرارات بشأن الإجهاض".
تجارب سابقة لـ"تخزين" أدوية الإجهاض
وسبقد أن خزنت الأميركيات أدوية الإجهاض، عندما بدا أن الحصول على الحبوب أصبح صعبا، وهذا ما ذكرته ذكرت رسالة بحثية نُشرت في "جاما ميديسن" في يناير الماضي، حين زادت الطلبات اليومية المقدمة من النساء غير الحوامل للحصول على أدوية الإجهاض المسبقة بنحو عشرة أضعاف بعد تسرب مسودة قرارر بتضييق إجراءات الإجهاض، كما سعت النساء اللاتي يتمتعن بتأمين صحي خاص بشكل متزايد إلى استخدام وسائل منع الحمل طويلة الأمد، مثل اللولب، بعد انتخاب ترامب لأول مرة في عام 2016.
وقالت منظمة تنظيم الأسرة إن مواعيد عمليات قطع القناة الدافقة زادت يوم الأربعاء بنسبة 1200%، وارتفعت مواعيد اللولب المجدولة بأكثر من 760% مقارنة باليوم السابق، كما أفادت شركة "وينكس هيلث"، التي تبيع منتجات الصحة الإنجابية، أنها باعت سبعة أضعاف وسائل منع الحمل الطارئة يوم الأربعاء مقارنة بالأسبوع السابق بأكمله، ورفضت كلتا المنظمتين مشاركة الأرقام الأولية.
فتيات تلجأن إلى خطوات "لمنع الحمل"
سوهانا باي، طالبة الطب البالغة من العمر 24 عامًا في مدينة كانساس سيتي بولاية ميسوري، لم تستخدم أبدًا حبوب منع الحمل أو اللولب الرحمي، ولكن يوم الأربعاء، اتصلت بأحد المكاتب وطلبت حجز الاستشارة التالية المتاحة لمناقشة الحصول على اللولب، ثم ذهبت في اليوم التالي، واختارت جهازًا محددًا لعمليتها.
وتشعر باي بالقلق بشأن ما يثار حول "مشروع 2025" الخاص بترامب، وهي خطة للإدارة الجمهورية المقبلة تدعو إلى فرض قيود على الإجهاض، على الرغم من أنها ليست حظرا وطنيا، ومن بين المساهمين في الخطة، التي أصدرتها مؤسسة التراث، العديد من المسؤولين السابقين في إدارة ترامب، الذي نأى بنفسه عن المبادرة، إلا أن باي لا تريد المخاطرة بالاضطرار إلى مواصلة الحمل حتى نهايته عندما لا تشعر بأنها مستعدة ماليًا لتربية طفل.
وقالت إنها تعرف أن الحصول على اللولب قد يكون غير مريح، لكنها تقدر الاستقلالية التي سيمنحها إياها الجهاز، متابعة: "هذا مجرد القليل من الألم، وأشعر أن هذا الأمر يستحق العناء، لكن لا أخفي إحباطي لأنني مجبرة على اتخاذ هذه الخطوات".
وبالنسبة لبريانا شنيكلوث، 20 عامًا، كان الحصول على وسائل منع الحمل طويلة الأمد من أول الأشياء التي فكرت بها بعد أن استيقظت على نبأ فوز ترامب بالانتخابات، حيث أنها بعد أقل من ساعة على معرفتها بالخبر، بعثت رسالة نصية إلى صديقتها قائلة "نحن بحاجة إلى زرع وسائل منع الحمل أو اللولب".
من المهم بالنسبة لشنيكلوث، الطالبة في جامعة تمبل في فيلادلفيا، أن تكون قادرة على إنهاء أي حمل غير متوقع "قد ينجم عن الاعتداء الجنسي أو ممارسة الجنس بالتراضي"، في حين أنها قلقة بشأن الآثار الجانبية المحتملة لتحديد النسل الهرموني، إلا أنها قالت إن الأمر يستحق المخاطرة، وإذا قام ترامب بتقييد الوصول إلى الإجهاض أو وسائل منع الحمل، فهي تريد أن تكون مستعدة.
وقالت ريبيكا جومبيرتس، مؤسسة منظمة "آيد آكسيس" ومقرها أوروبا، إن منظمتها تلقت العديد من الطلبات عبر الإنترنت لأدوية الإجهاض يوم الأربعاء مما أدى إلى تعطل الموقع لفترة وجيزة، مؤكدة أن الكثير من الفتيات طلبت الحبول لتكون في المتناول لو حدث حمل غير متوقع، وأضافت أن الطلبات لم تأت فقط من الولايات التي تفرض قيودًا على الإجهاض، لكن أيضًا من الولايات التي تتمتع بالحماية، معلقة: "لم يعد الناس يثقون في أن القوانين في الولايات ستحميهم".
مخاوف نسائية من إدارة ترامب
وترى إليسا ويلز، المديرة المشاركة "بلان دي"، أن الارتفاع الكبير في طلب معلومات بشان الإجهاض يعكس المخاوف من أن إدارة ترامب قد توجه إدارة الغذاء والدواء لتقييد إرسال أدوية الإجهاض بالبريد، من بين احتمالات أخرى.
وقد جادلت الجماعات المناهضة للإجهاض بأنه يجب استخدام قانون كومستوك الصادر عام 1873 لمنع إرسال حبوب الإجهاض عبر البريد، ورفض ترامب الفكرة في مقابلة أجرتها معه شبكة "سي بي إس نيوز" في أغسطس الماضي، لكن نائبه المنتخب جيه دي فانس دفع وزارة العدل إلى فرض القانون "لإغلاق جميع عمليات الإجهاض عبر البريد".
وأضافت ويلز: "لا نعرف ما يمكن توقعه، ولكن أعتقد أنه يتعين علينا التخطيط للأسوأ، والتأكد من أن لدينا أنظمة قائمة لمساعدة الأشخاص في الوصول إلى هذه الحبوب الآمنة والفعالة للغاية".
وقالت فونتينو، الذي تدير منظمته خطًا ساخنًا لمعلومات الإجهاض، إن العديد من الأشخاص الذين اتصلوا الأسبوع الماضي عبروا عن ارتباكهم بشأن ما إذا كان الإجهاض لا يزال قانونيًا وما إذا كانت مواعيده لا تزال متاحة، كما أعرب آخرون عن قلقهم من أن الوصول إلى وسائل منع الحمل، وخاصة الأساليب طويلة المفعول، قد يكون صعبا أو خطوة خطرة.
وشددت فونتينو على أنه لا أحد يعلم الإجراءات التي ستتخذها إدارة ترامب بشأن الصحة الإنجابية في الوقت الحالي، مردفا: "الأمر غامض للغاية".
وقالت: "النساء يستمعن، ويدركن أن هناك تهديدًا حقيقيًا أمام الوصول إلى الإجهاض.. إنهن خائفات ومرتبكات، لكنهن يريدن أن يكن مستعدات".
]]>