حركة تخزين "مستعرة" للشركات الأميركية قبل رسوم ترامب الجمركية الجديدة على الصين
تعمل الشركات أميركية "بشكل محموم" على تخزين البضائع التي يستوردونها من الصين، وذلك منذ اللحظة التي اتضح فيها أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عائد إلى البيت الأبيض، حيث يستبقون التعريفات الجمركية التي وعد بفرضها على الواردات من الدولة الآسيوية، ويدرسون أيضا إمكانية إيجاد بدائل للبضائع الصينية.
ويقول صاحب شركة عناية بالبشرة، جيسون جونود، إنه عندما أدرك في ليلة الانتخابات أن ترامب سيكون الفائز، اتصل بموردي شركته ليطلب مخزونًا بقيمة عام، مقابل 50 ألف دولار تقريبًا، وهو المبلغ الذي يستطيع أن ينفقه للشراء، ولديه مساحة كافية لتخزين البضاعة، وفق جريدة "واشنطن بوست".
ترامب جاد في وعوده بفرض الرسوم على الصين
ويأمل جونود أن تصل نحو 30 ألف فرشاة للجسم وقفازات التقشير إلى منشأته، "باير بوتانس" في ماديسون بولاية ويسكونسن، قبل يوم التنصيب، لأنه يعتقد أن ترامب "جاد في وعده خلال حملته الانتخابية بفرض رسوم جمركية بنسبة 60% على جميع البضائع الصينية"، ويعلق: "السؤال أمامي الآن هل سأبقى في التعامل مع الصين؟".
وعندما بدأ ترامب حربه التجارية ضد الصين في عام 2018، سارعت الشركات الأميركية إلى شراء الواردات الصينية قبل تنفيذ التعريفات الجمركية، وفقًا لتحليل صندوق النقد الدولي، ونتيجة لذلك، ارتفع العجز التجاري للولايات المتحدة أمام الصين، قبل أن ينخفض في عام 2019.
وبالفعل، ارتفعت الصادرات من الصين الشهر الماضي، وهو ما يعتقد بعض الاقتصاديين أنه كان من الممكن أن يكون مدفوعًا جزئيًا على الأقل بـ"التحميل المبكر" وسط حالة عدم اليقين بشأن نتائج الانتخابات، وزادت الشحنات الصادرة من الصين بنسبة 13% تقريبًا في أكتوبر مقارنة بالعام السابق، وهو أعلى بكثير من التوقعات، كما زاد بشكل حاد بنسبة 2.4% مقارنة مع سبتمبر.
وقال اقتصاديون في "وول ستريت" إن نمو الصادرات الصينية إلى أميركا سيظل قويا خلال الأشهر القليلة المقبلة بسبب "التحميل المبكر"، أي حركة التخزين من الشركات الأميركية.
أميركا أكبر مشتري للمنتجات الصينية في العالم
وتظل الصين أكبر مصدر للسلع في العالم والولايات المتحدة أكبر مشتري لها، واشترت الشركات الأمريكية نحو 430 مليار دولار من البضائع الصينية في العام الماضي، حيث شكلت منتجات الكمبيوتر والإلكترونيات الجزء الأكبر.
وقال وان جونهوي، الذي يعمل في مجال التسويق لدى إحدى شركات تصنيع الإلكترونيات في مقاطعة قوانغدونغ، إن شركته لاحظت زيادة في الاستفسارات و"قلقًا ملحوظًا" من عملائها في الولايات المتحدة مؤخرًا، متابعا إن التعريفات الجمركية حتى الآن لم تؤثر على المبيعات بشكل كبير.
وعلى الرغم من انخفاض حصة الصين من الواردات الأمريكية إلى نحو 14% في عام 2023، من 22% في عام 2017، فإن الرسوم الجمركية المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين لم تكبح بعد العجز التجاري الأميركي الإجمالي في التجارة العالمية أو الفائض التجاري الإجمالي للصين.
ويعود الخلل التجاري المستمر إلى الطلب القوي من المستهلكين الأميركيين وضعف الطلب المحلي في الصين، وفقًا لصندوق النقد الدولي، فقد عززت الشركات الأميركية حصتها من الواردات من أماكن مثل فيتنام، في حين زادت الصين صادراتها إلى مناطق بما في ذلك جنوب شرق آسيا.
ولا يتم دفع الرسوم الجمركية من قبل المصدرين، بل من قبل الشركات التي تستورد المنتجات، ويقول الاقتصاديون إن هذه الشركات عادة ما تنقل الجزء الأكبر من التكلفة إلى المستهلكين من خلال رفع الأسعار.
ويشكك بعض الاقتصاديين في نجاح الولايات المتحدة في رفع الرسوم الجمركية إلى 60% على جميع المنتجات الصينية، ويتوقع الاقتصاديون في بنك "جولدمان ساكس" أن الرسوم الإضافية على الصين يمكن أن يصل متوسطها إلى زيادة قدرها 20% فقط، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية على البضائع الصينية.
واقترح ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 10% إلى 20% على الواردات من جميع البلدان، وهو سيناريو غير مفضل لـ "دارك فلوري" إحدى مؤسسي شركة ستون فلوري، وهي شركة متخصصة في بيع الأحجار الطبيعية والخزف في سان فرانسيسكو، وتشتري الحجر الطبيعي من الصين منذ عقدين من الزمان، وتستورد مواد أخرى من أوروبا.
وعندما فرض ترامب تعريفة جمركية على الحجر الطبيعي الصيني خلال فترة ولايته الأولى، واصلت دارك فلوري الشراء من الصين كالمعتاد، ورفعت الشركة الأسعار للتعويض، لكنها حاولت عدم تحصيل الزيادة الكاملة لتظل قادرة على المنافسة.
وقد سألت هذا الأسبوع موردها في الصين عن إمكانية طلب حاويتين شحن من الحجر الطبيعي بموجب خطة سداد لمحاولة استباق التعريفات الجمركية، ويمكن أن تصل تكلفة ذلك إلى حوالي 100 ألف دولار، ويستمر لمدة تتراوح بين بضعة أشهر وسنة، اعتمادًا على طلب العميل، وعلى المدى الطويل، تتوقع رفع أسعار المواد القادمة من الصين، ما قد يدفع الشركة إلى مصادر أخرى للاستيراد منها مثل فيتنام.
أما توني نورتون، صاحب شركة "فاين فيت سيسترز" في كارولاينا الشمالية، فهو يحصل على "زيت الجسم" من الصين، الذي يحظى بشعبية لدى العملاء في فصل الصيف، والشركة عادة لا تقوم بالتخزين حتى العام الجديد، لكنها تحاول طلب نحو 20 ألف وحدة قبل نهاية العام.
وإذا وصلت التعريفات الجمركية على المنتجات الصينية بالفعل إلى 60%، فقد يضطر نورتون إلى التوقف عن بيع زيوت الجسم والتركيز أكثر على خدمات تدريب اللياقة البدنية.
وقال، لجريدة "واشنطن بوست"، إنه لا يعتقد أن لديه مجالًا كبيرًا لرفع أسعار زيت الجسم، الذي يعلن عنه في الغالب على منصة "تيك توك"، ويبيعه مقابل نحو 13 دولارًا للعبوة، لأن "الناس يحبون الأشياء" زهيدة الثمن.
حل قصير الأجل
ويصف كريس تانج، أستاذ إدارة سلسلة التوريد بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، حركة الشركات لتخزين البضائع الصينية بأنها "حل قصير الأجل"، مرجحا أن تحتاج الشركات إلى استراتيجيات إضافية في عالم يشهد باستمرار تعريفات أعلى وأوسع.
وقد قامت شركات أميركية بالفعل بنقل التصنيع من الصين إلى أماكن مثل جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، وهو اتجاه من المتوقع أن يستمر - إذا تمكن المشترون من العثور على بديل مناسب للإنتاج الصيني.
ووجد استطلاع أجرته شركة "باين آند كامبني" عام 2024 أن 69% من الرؤساء التنفيذيين وكبار مسؤولي العمليات في الشركات الأميركية يخططون لتقليل اعتماد شركاتهم على الصين، وذلك بزيادة 55% عن الوضع في عام 2022.
وقال ريان بورسكي، الرئيس التنفيذي لشركة لوسيديتي لايتس، وهي شركة مصنعة لمنتجات الإضاءة في بوسطن، إن التعريفات الجديدة لن تؤدي تسريع عملية التخزين في شركته، لأنها اتخذت قرارا استراتيجيا بنقل مصانعها من الصين، ويرجع ذلك جزئيا إلى الحرب التجارية خلال الحقبة الأولى لترامب.
وتسير الشركة على الطريق الصحيح لتحقيق حوالي 15% من الإنتاج في كمبوديا هذا العام، مع خطط لنقل حوالي نصف الإنتاج خارج الصين في العام المقبل، وهو يعتقد أنه من الأفضل استخدام الموارد للاستثمار في تنويع سلسلة التوريد، بدلا من التخزين.
وقال بورسكي إن الأمر استغرق بعض الوقت للعثور على الموردين المناسبين في كمبوديا، التي لا تزال تعمل على تنمية قدرتها التصنيعية وسرعتها. لكنه يعتقد أن المنتجات المصنوعة في كمبوديا ذات جودة أفضل وأن هناك اهتمامًا أكبر بالتفاصيل.
ويتوقع جو جوركين، المؤسس والمدير الإداري لمجموعة "آيه بي سي" في ميلووكي، التي تساعد الشركات الأمريكية على إدارة سلاسل التوريد في آسيا، أن تظل الصين تهيمن على التصنيع إلى حد ما، حتى مع قيام عملائه بتعزيز المصادر من دول مثل فيتنام والهند وكمبوديا.
وأضاف أن الصين طورت البنية التحتية وقنوات الاتصالات والمعاملات التي تجعل ممارسة الأعمال التجارية سهلة بالنسبة للشركات الغربية، بينما لا تزال هذه الأنظمة قيد التطوير في دول أخرى، إضافة إلى ذلك، من الصعب على المصنعين في البلدان الأخرى التغلب على الأسعار المنخفضة للموردين الصينيين، وعقب "لن يتم استبدال الصين أبدًا.. الأسواق الأخرى هي البديل".
]]>