سياسيا وعسكريا واقتصاديا.. حزب الله يمر بأصعب مرحلة منذ نشأته

منذ تأسيسه في العام 1982 بالجنوب اللبناني، لم يواجه حزب الله تحديات جسيمة مثل المرحلة الحالية، فبعد أن خسر جزءا كبيرا من قدراته العسكرية في المواجهة ضد الجيش الإسرائيلي، وفقد حليفه في سوريا نظام بشار الأسد، يجد نفسه يخسر سياسيا بصورة مطردة على الساحة السياسية اللبنانية.

تدهور الوضع العسكري للحزب 

ويقول الباحث الأميركي المختص في مكافحة الإرهاب ماثيو ليفيت إن الحزب أصبح "ظلا لما كان عليه" في السابق، فالضربات العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية أدت إلى "تدهور شديد" في القدرة القتالية للحزب، فضلا عن تفكيك كادره القيادي.

وأضاف، في تحليل نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أن الجيش الإسرائيلي، خلال الأشهر القليلة الماضية، دمر جميع البنية الأساسية لـ "حزب الله" تقريباً على طول الحدود، من بينها أبراج المراقبة، كما استمرت الطائرات الحربية الإسرائيلية في الهيمنة على الأجواء.

كما فقد الحزب مخزوناته من الصواريخ والطائرات دون طيار، إضافة إلى أن منظومات الدفاع الجوية التي استلمها الحزب لم تسهم في الحد من عمل الطيران الإسرائيلي، وتعرضت للتدمير أو لم تعد مجدية بشكل كبير.

لكن الضربة الكبرى لم تأت خلال الصراع الدائر على الحدود أو داخل الجنوب اللبناني، وإنما جاءت في خاصرة الحزب الضعيفة، وهي في سوريا، حيث شنت المعارضة السورية عملية عسكرية خاطفة انتهت بإسقاط نظام بشار الأسد.

وبذلك فقد الحزب خط إمداد حيوي ومهم للغاية، يبدأ من إيران وصولا إلى الحدود العراقية - السورية، وبالتحديد عند البوكمال، ومنه إلى القصير، وحتى إلى الداخل اللبناني في القباع، والذي ظل "يغذي" المجموعة اللبنانية بالعتاد والأسلحة طيلة عقود مضت.

الخسائر الاقتصادية

وتسببت الحرب الدائرة بين حزب الله وإسرائيل في خسارة لبنان خمسة مليارات دولار على الأقل نتيجة الدمار الذي لحق ببنيته التحتية، فضلا عن الخسائر الأخرى الناتجة عن تراجع إيرادات القطاع السياحي الحيوي للبلاد.

وبالنسبة للحزب نفسه، فقد طالت الحملة الإسرائيلية معاقله الاقتصادية، خاصة جمعية "القرض الحسن"، التي تعمل كنظام مصرفي بديل للحزب.

وأوضح تقرير سابق لـ"بلومبرغ" أن الجمعية لعبت دورا في عمل الحزب خارج النظام المصرفي القانوني في لبنان، وقال مسؤول استخباراتي إسرائيلي كبير إن الهدف من الضربة هو عرقلة قدرة الحزب على العمل خلال الحرب الحالية، ومنع قدراته على إعادة البناء وإعادة التسليح، وفق التقرير.

وبسقوط الأسد أيضا، انقطع تمويل الحزب من إيران عبر سوريا، حيث كانت تصله نحو 50 مليون دولار، وفق تقديرات إسرائيلية، كما كانت أموال الجمعية تستخدم في بعض الحالات لتمويل عمليات حزب الله في حالات الطوارئ.

وأشارت الوكالة إلى أن الجمعية منفصلة عن نظام سويفت الدولي لتجنب العقوبات التي فرضتها عليه الولايات المتحدة منذ عام 2007 بسبب علاقاته بحزب الله.

الخسائر السياسية

وتسببت الضربات العسكرية والنكسات الاقتصادية في إضعاف موقف حزب الله على الساحة الداخلية في لبنان، كما يرى مراقبون، حيث نجحت البلاد في انتخاب رئيس لها، جوزيف عون، بعدما ظل المنصب شاغرا لأكثر من عامين.

وفي البداية حاول أعضاء حزب الله في البرلمان اللبناني عرقلة انتخاب عون، قبل أن يتم التصويت له في جولة ثانية، بينما أظهرت مقاطع فيديو عديدة "علامات عدم الرضا" على نواب الحزب بعد إعلان انتخابه.

وأعلن عون، في كلمته أمام البرلمان اللبناني، نيته السعي لأجل "احتكار السلاح في يد الدولة" وهو ما لاقى ترحيبا كبيرا من جانب الكثير من الأعضاء.

ولم يكد الحزب يستفيق من جولة انتخاب عون، حتى جاء تكليف نواف سلامة، القاضي بمحكمة العدل الدولية، ليتولى تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد.

وعلق رئيس كتلة الحزب في البرلمان، والتي تحمل اسم "الوفاء للمقاومة" محمد رعد، على اختيار سلامة قائلا: "نأسف لمن يريد أن يخدش إطلالة العهد التوافقية، مرة جديدة يكمن البعض من أجل التفكيك والتقسيم والشرذمة والإلغاء والإقصاء تعنتا وكيدية وتربصا".

وفي رسالة غير مباشرة لحزب الله بعد تصريحات رعد، قال سلام: "لست من أهل الإقصاء بل من أهل الوحدة والشراكة.. ويداي ممدودتان للجميع".

]]>

Previous
Previous

جيمس جيفري المبعوث الأميركي السابق لسوريا في مقابلة خاصة مع "جسور"

Next
Next

الأقمار الصناعية تكشف رواية جديدة حول مصدر حرائق لوس أنجلوس