تغيَّر المناخ.. هل يكون عنوانا لصراعات المستقبل؟
أزمة المناخ المستقبلية تشكل تهديدا كبيرا على السلم والأمن الدوليين والوضع الاجتماعي، لتأثيرها المباشر على الموارد الطبيعية والحاجة إلى المياه العذبة، كما أن الجفاف وزيادة ندرة المياه العذبة سيؤديان إلى صراعات على هذه الموارد، فضلاً عن تزايد الهجرات القسرية من المناطق المتأثرة، إذ أن كمية المياه العذبة في الأرض نحو 53 مليون كلم مكعب 70% منها في الأقطاب المتجمدة والمتبقي من الماء الذي يمكن استعماله لا يتجاوز 10 ملايين كلم مكعب والحاجة حالياً في العالم للماء العذب تتجاوز 15 مليون كلم مكعب والتغير المناخي في السنوات القادمة سيؤدي إلى الجفاف بشكل أكبر مما قد يضاعف من تأثير هذه الأزمة.
تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب العائد إلى البيت الأبيض حول ضم كندا للولايات الأميركية لم تأت من فراغ، بل هي نابعة من معطيات و دراسة دقيقة عن مخاطر التغير المناخي، وتهيئةً لأزمة المياه العذبة حيث كندا هي ثاني أكبر الدول مساحةً وتأتي في المرتبة الثالثة من الدول التي تحتوي على أكبر مصدر من المياه العذبة، ما يجعلها مركزا محتملا للهجرة القسرية واللجوء في المستقبل كما أن التنوع الجغرافي والموارد الطبيعية التي تتمتع بها كندا تجعلها الدولة أو الولاية 51 بنظر ترامب المُثلى لاحتضان أزمة المياه القادمة.
أما أكثر الدول تضرراً جراء التغيَر هي الدول الفقيرة خاصةً في وسط وشرق القارة الغنية السمراء "أفريقيا"، فهذه الدول هشّة اجتماعياً وثقافة السلاح والتمرد سائدة بها حيث ستكون هنالك صراعات داخلية وتمردات لتلبية احتياجات السكان بعدما تعجز الدولة عن توفيرها.
كذلك الدول ذات الجغرافيا المنخفضة، ستكون معرضة لخطر كبير جراء ارتفاع مستوى سطح البحر، أما عربياً هنالك بعض الدول التي ستواجه كارثة كبيرة وهي منذ فترة تعاني من موجات جفاف قوّية وانخفاض شديد في معدل الأمطار أثرت على الموارد الغذائية بها مثل السودان والصومال والعراق ومصر الدولتان اللتان يمر بهما النيل ودجلة والفرات، فهما مهددتان بشُح المياه جراء تراجع تدفق الأنهار إلى جانب إرتفاع درجات الحرارة والتصحر وكلا البلدين يعانيان من مشكلة بناء السدود من دول الجوار - القاهرة مع أديس أبابا صاحبة سد النهضة وبغداد مع أنقرة صاحبة سد إليسو - ومعظم الدول العربية تصطدم بتحديات مماثلة في هذه الأزمة وه شُحّ المياه والتصحّر، ولذا يجب أن تتضافر الجهود ويكون هناك تعاون مشترك في سياسات واضحة للتعامل مع هذه الأزمة ومواجهة هذا التغيّر من الآن كما تفعل الدول الكبيرة التي تمتلك رؤى مستقبلية وسوف تتصارع حتى على الممرات المائية والخلجان مثلما بدأ ترامب يفكر في جديّة هذا الخطر، حتى قبل استلامه الرئاسة الأميركية.
الخلاصة إن أزمة المناخ و الموارد الطبيعية ستكون المحور الرئيسي للعديد من التحديات و الصراعات الجيوسياسية في المستقبل.
العباس الدوري محلل سياسي عراقي
]]>