أنشأ وحدات جديدة لمتابعة الحركة.. الموساد يستعد لقطع إمدادات القات عن الحوثيين
خطط ومقترحات عديدة تتداولها الدوائر العسكرية والاستخباراتية في إسرائيل للتعامل مع الحوثيين، التي أطلقت عليها 250 طائرة بدون طيار وصاروخ باليستي طيلة 15 شهرا، ومنها ما طرحه أحد كبار عملاء الموساد السابقين حاييم تومر بشأن "قطع إمدادات القات" عن الحركة، الأمر الذي "سيؤدي إلى تعطيل عملياتها" كما يرى.
ويرى تومر، في حديثه إلى "ذا جيوش كرونيكل"، أن تدمير محاصيل الحوثيين من القات، من شأنه أن يربك ويعوق قدرتهم على العمل".
وكان تومر، الرئيس السابق لقسم "كوزموس" (تيفيل) التابع للموساد - المسؤول عن العلاقات السرية مع نظرائه في الاستخبارات والدول التي لها علاقات سرية مع إسرائيل - يدرك منذ فترة طويلة التعقيدات التي يواجهها اليمن، ومنذ اندلاع الحرب مع حماس وحزب الله في 7 أكتوبر 2023، كثفت أجهزة المخابرات الإسرائيلية تركيزها على اليمن بعد سنوات من الإهمال.
وحدات جديدة في الموساد لرصد الحوثيين
وتم تعبئة وحدات جديدة داخل الموساد والجيش الإسرائيلي، مدعومة بمراقبة السفن البحرية ورحلات الاستطلاع والأقمار الصناعية، لجمع معلومات استخباراتية عن نظام الحوثيين.
وفي الستينيات، دعمت إسرائيل الملكيين في اليمن ضد الجمهوريين، واتصلت المخابرات البريطانية وعملاء وحدة النخبة السابقة في SAS بالموساد وطلبوا من سلاح الجو الإسرائيلي إسقاط أسلحة للقوات الملكية، وفق "ذا جيوش كرونيكل".
وافقت إسرائيل، وقامت طائرة نقل تابعة للقوات الجوية الإسرائيلية من طراز "ستراتوكوزر" بـ 14 طلعة جوية في ظروف صعبة لإسقاط الأسلحة في اليمن، وبعد حرب الأيام الستة في يونيو 1967، أرسل الموساد عملاء لمراقبة معسكرات تدريب منظمة التحرير الفلسطينية في اليمن، والتي كان يدعمها الاتحاد السوفيتي.
ثم في التسعينيات، وبفضل الموساد والمنظمات اليهودية العالمية وضغوط الإدارة الأمريكية، وافق الرئيس اليمني علي عبد الله صالح على السماح لمن تبقى من اليهود في اليمن بالهجرة إلى إسرائيل، وذهب الكثير منهم في النهاية إلى الولايات المتحدة، و"تم التوصل إلى الصفقة بعد أن التقى كبار مسؤولي الموساد بصالح ومساعديه وتبادلوا الأموال"، حسب "ذا جيوش كرونيكل".
وجددت إسرائيل اهتمامها باليمن منذ نحو 15 عاما. في أعقاب الجهود التي بذلها قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني (الذي اغتيل في عام 2020 على يد الولايات المتحدة) لاستخدام وكلائه في الشرق الأوسط ضد إسرائيل، بدأت إيران في زيادة شحنات الأسلحة إلى حماس في غزة.
وتم نقل هذه الشحنات على متن سفن إيرانية توقفت في الموانئ اليمنية قبل أن تتوجه إلى السودان، حيث تم تفريغ الأسلحة ونقلها إلى غزة، ومن طرق الإمداد الأخرى قوارب يمنية صغيرة تقوم بتهريب الأسلحة والمخدرات والحيوانات البرية.
واستنادًا إلى مهام جمع المعلومات الاستخبارية التي قام بها الموساد، في الفترة من 2012 إلى 2019، دمرت القوات الجوية والبحرية الإسرائيلية مستودعات أسلحة في السودان، وأغرقت السفن واستهدفت قوافل المركبات.
الموساد لم يدرك مخططات الحوثيين
ويقول "ذا جيوش كرونيكل" إن الموساد لم يدرك حقيقة أن إيران والحوثيين خططا لشيء أكبر بكثير – لزعزعة استقرار الشرق الأوسط ودول إقليمية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
ويقول زوهار بالتي، وهو مسؤول كبير آخر في الموساد الذي أدار عملياته الاستخباراتية: “أول من أدرك إمكانات الحوثيين، هم الإيرانيون.. لقد تبنوا نموذج حزب الله في التسليح والمساعدة. لقد كرروا تكتيكاتهم من لبنان وأنشأوا حلقة نار يمنية ضد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
اندلعت الحرب الأهلية اليمنية الأخيرة في عام 2015، وزودت إيران الحوثيين بالأسلحة والتمويل والخبرة العسكرية، واستخدمتها لزعزعة استقرار المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل.
وأسفرت الحرب الدموية عن مئات الآلاف من الضحايا والجوع والدمار الهائل بين السكان المدنيين اليمنيين، لكنها فشلت في تحقيق أهدافها.
في سبتمبر العام 2019، صدم الحوثيون، الذين يعملون بتوجيه إيراني، الشرق الأوسط والعالم باستخدام طائرات بدون طيار لأول مرة في إلحاق أضرار جسيمة بمنشآت النفط السعودية، وأوقفوا 50% من إنتاج النفط في المملكة. وبعد ثلاث سنوات، هاجموا أبو ظبي بطائرات بدون طيار.
ويضيف بالتي: "لم يدرك الأمريكيون والأوروبيون بشكل كامل عمق التدخل الإيراني الحوثي وتأثيره المحتمل على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.. وفي غضون أربع سنوات، قام الحوثيون ببناء قوة عسكرية ذات قدرة عالية بأسلحة متطورة، بدعم كبير من إيران".
وأكد تومر أن "الحوثيين لا يشكلون مجرد مصدر إزعاج لإسرائيل"؛ مشيرا إلى أن هجماتهم تعطل التجارة البحرية الدولية، وأنهم يقومون بعمليات تخريبية في خلجان عمان وعدن والممرات الملاحية للبحر الأحمر المؤدية إلى قناة السويس وخليج إيلات.
ويقدر أن 85% من الترسانة العسكرية للحوثيين تأتي من إيران، حيث يشرف ضباط الحرس الثوري الإيراني بشكل مباشر على العمليات في اليمن.
ويتفق بالتي مع ذلك قائلاً: "يشكل الحوثيون تحدياً كبيراً، لكنهم لا يشكلون تهديداً وجودياً لإسرائيل. لقد فشلنا في التعرف على قدراتهم في وقت سابق، والآن، يجب على إسرائيل بناء بنية تحتية استخباراتية قوية، تجمع بين التجنيد المحلي والحرب السيبرانية والتكنولوجيا المتقدمة".
تشيكل تحالف دولي لمواجهة نفوذ إيران
ويدعو تومر أيضًا إلى تشكيل تحالف دولي هائل، يضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل والجهات الفاعلة الإقليمية مثل مصر والسعودية والإمارات لمواجهة نفوذ إيران.
وبينما قد يتم النظر في اغتيال قادة الحوثيين، يحذر تومر من أن مثل هذه العمليات تتطلب عملاً أساسيًا واسع النطاق، ويعلق: "عمليات القتل المستهدف الناجحة ضد قادة حزب الله والقادة العسكريين كانت نتيجة عقدين من الجهود الشاقة".
وتواجه إسرائيل تحديات لوجستية في ظل بعد المسافة مع اليمن، نحو ألفي كيلومتر، ويحتاج الأمر إلى "التعاون مع حلفاء محليين، لكن ذلك لن يحدث بين عشية وضحاها"، وفق رجل الاستخبارات المتقاعد
ويشير تومر إلى أن نقطة التحول المحتملة قد تأتي مع التحولات السياسية في الولايات المتحدة، وإذا ضغطت إدارة ترامب على إسرائيل للحفاظ على وقف إطلاق النار مع حماس، فقد يرد الحوثيون بالمثل من خلال وقف هجماتهم، ويخلص تومر إلى أن "إسرائيل والمنطقة تقفان على مفترق طرق".
واختتم: "هناك فرصة لتشكيل تحالف استراتيجي، وعزل إيران ووكلائها، وتمهيد الطريق لمحور إسرائيلي-سعودي-إماراتي مدعوم من الغرب".
]]>