بحملة "الضغط الأقصى".. ترامب يدفع اقتصاد إيران إلى حافة الانهيار
بعد سنة عصيبة عاشتها إيران، وشهدت خلالها إضعاف وكلائها في المنطقة، أو القضاء على بعضهم، استقبلت طهران العام الجديد وهي تعاني في شتى المجالات، خصوصا اقتصاديا مع ارتفاع معدلات التضخم وانهيار العملة المحلية وتزايد الفقر، ليأتي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ويعيد سياسة "الضغط الأقصى".
وترى مجلة "نيوزويك" الأميركية أن تحرك ترامب يضع الاقتصاد الإيراني على حافة الهاوية أو بمعنى آخر قد يكون "القشة" التي تقصم ظهر البعير، وهذا لعدة أسباب استعرضتها المجلة.
غلاء الأسعار
وشهدت إيران ارتفاعا كبيرا في أسعار الغذاء والسكن والأساسيات، مما الإيرانيون "يخوضون صراعا يوميا من أجل البقاء على قيد الحياة"، إذ يبلغ معدل التضخم أكثر من 45%، ويعيش نحو نصف السكان الآن في فقر، وفقًا للمركز الإحصائي الإيراني.
ومع تزايد الإحباط، تواجه القيادة الإيرانية ضغوطاً متزايدة لحملها على التحرك، وقد رفعت مؤخراً الحظر على استيراد السلع الفاخرة، بما في ذلك السيارات الأجنبية وهواتف آيفون من إنتاج شركة آبل، لإرضاء الطلب العام مع التقليل من أهمية الصعوبات الاقتصادية، ومع ذلك، يرى النقاد أن هذه الخطوة ليست أكثر من مجرد إصلاح سطحي.
تأثير سياسة ترامب
وبموجب أوامر ترامب، أعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات التي تهدف إلى شل الاقتصاد الإيراني، وقد بدأت آثارها محسوسة بالفعل، بينما تتصارع إيران مع التداعيات، أبدى ترامب استعداده للتفاوض، حتى عندما هدد بمزيد من الضغوط بشأن برنامج طهران النووي المتقدم.
وقال أفشين مولوي، زميل بارز في معهد السياسة الخارجية في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز، لـ"نيوزويك" إن "اقتصاد إيران متضرر، وهي تواجه نقصا حادا في الطاقة، ويرجع ذلك أساساً إلى سوء الإدارة والفساد، لكن أيضا بسبب العقوبات".
وانخفضت العملة الإيرانية إلى مستوى قياسي بلغ 928 ألف ريال مقابل دولار واحد في تعاملات ما بعد البيع، بانخفاض يزيد عن 6% يوم الجمعة. وقد أدى هذا الانخفاض الحاد في قيمة العملة إلى زيادة التضخم، مما أدى إلى محو المدخرات وجعل السلع المستوردة في متناول الكثيرين.
تكاليف السكن خارج نطاق السيطرة
ووفقا للبنك المركزي الإيراني، ارتفعت الإيجارات في طهران بمقدار 24 ضعفا على مدى السنوات الـ 12 الماضية، كما زادت أسعار العقارات أكثر من 37 مرة. وفي الوقت نفسه، جرى رفع الأجور نحو 20 مرة فقط. وبالنسبة للكثيرين، أصبح الآن من المستحيل الآن توفير حتى شقة متواضعة، حيث تتجاوز الإيجارات في بعض المناطق الراتب الشهري الكامل للعامل المتوسط.
العقوبات النفطية مؤلمة
ويشكل قطاع النفط الإيراني شريان الحياة لاقتصادها، مما يجعل سياسة "الضغط الأقصى" المتجددة التي ينتهجها ترامب تهديدا كبيرا، وفي الأسبوع الماضي، وقع على توجيه يعيد تطبيق الاستراتيجية منذ ولايته الأولى، متعهدا بخفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر.
وبالنظر إلى أن عائدات النفط تمثل ما يقرب من نصف دخل الحكومة، فإن هذه الخطوة تعمق معاناة طهران الاقتصادية.
ويعلق مولوي قائلا: "لقد تمكنت عائدات النفط الإيرانية من تغطية العديد من الأخطاء الهيكلية في الاقتصاد، كونها تشكل نحو 40% من الإيرادات الحكومية وتوفر أكبر مدخول للبلاد من العملة الصعبة".
في حين أشار ترامب إلى استعداده للتفاوض، فقد أصدر تحذيرا صارخا: "لا يمكنهم أن يحصلوا على شيء واحد - لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي. وإذا كنت أعتقد أنهم يسعون إلى الحصول على سلاح نووي... فسيكون ذلك مؤسفا للغاية بالنسبة لهم".
تصريحات الرئيسين الأميركي والإيراني
وقال الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان: "إن التحديات الاقتصادية الحالية خارجة عن السيطرة المباشرة للحكومة، ونحن نستكشف جميع السبل الممكنة للتخفيف من تأثيرها على مواطنينا".
بينما يرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إيران "متوترة للغاية، وخائفة"، مضيفا: "أعتقد أن إيران ترغب في عقد صفقة وأحب عقد صفقة معهم دون قصفهم".
وقال أفشين مولوي، زميل بارز في معهد السياسة الخارجية لمجلة نيوزويك: "هذه أزمة في الغالب من صنع نفسها. لقد أدت سنوات من سوء الإدارة والفساد والقرارات السياسية السيئة إلى ضعف كبير في أداء الاقتصاد الذي ينبغي أن يكون قوة إقليمية كبرى".
خيارات صعبة أمام طهران
ومع استمرار الاقتصاد الإيراني في التصاعد، تتعرض الحكومة لضغوط متزايدة للتحرك. وسواء من خلال الدبلوماسية أو الإصلاحات الاقتصادية أو المزيد من المواجهة مع الولايات المتحدة، تواجه طهران خيارات صعبة في الأشهر المقبلة. وفي الوقت نفسه، يتساءل الملايين من الإيرانيين عن مدى السوء الذي يمكن أن تصل إليه الأمور.
]]>