معهد أميركي: الإمارات شريك رئيسي لإيقاف تمدد "الشباب" في الصومال
حذّر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى من خطورة التقدم الذي أحرزه تنظيم "الشباب" الصومالي خلال الأسابيع الأخيرة، مشددًا على أن مواجهة هذا التهديد لا يمكن أن تتحقق إلا عبر بناء شراكات دولية فعالة، على رأسها الإمارات العربية المتحدة وتركيا.
وأكد المعهد في تحليل منشور حديثا أن الدور الإماراتي بات محوريًا في دعم جهود الحكومة الصومالية لبناء جيش وطني قادر على ملء الفراغ الأمني الذي خلّفه انسحاب بعثة الاتحاد الإفريقي (آتميس)، مشيرًا إلى أن أبوظبي، بفضل خبرتها العسكرية وبرامج التدريب المتقدمة التي تقدمها في أفريقيا واليمن وليبيا، باتت مؤهلة لتكون الشريك الأكثر قدرة على إحداث فرق على الأرض.
تمدد "الشباب" يهدد الصومال والإقليم
التقرير استعرض التطورات الأخيرة في الساحة الصومالية، حيث تمكنت حركة "الشباب" من استعادة مدينة محاس وسط البلاد، بعد أكثر من عقد على خسارتها. هذا التقدم اعتُبر انتكاسة كبيرة للجيش الصومالي، وأعاد للأذهان هشاشة المؤسسات الأمنية، وفشل العمليات السابقة في منع تمدد التنظيم.
المعهد أشار إلى أن "الشباب" لم تعد مجرد تهديد محلي، بل امتد تأثيرها إلى ملفات إقليمية، حيث وثّقت الأمم المتحدة صلات بينها وبين الحوثيين في اليمن، خاصة في ما يتعلق بالتهريب البحري وتقنيات تصنيع المتفجرات، ما جعلها جزءًا من شبكة أوسع تهدد أمن البحر الأحمر وخطوط الملاحة العالمية.
الإمارات: خبرة عسكرية وحنكة سياسية
يعتبر معهد واشنطن أن الإمارات لعبت في السنوات الأخيرة دورًا يتجاوز الدعم المالي التقليدي، إذ استثمرت في برامج تدريب متخصصة للجيش الصومالي، وزودته بالدعم اللوجستي والتجهيزات التي تفتقر إليها المؤسسات المحلية.
كما ساهمت أبوظبي في بناء وحدات عسكرية نخبوية قادرة على تنفيذ عمليات نوعية ضد التنظيم، وهو ما يتكامل مع جهودها في محاربة الإرهاب في مناطق أخرى مثل اليمن وليبيا.
ويبرز التقرير أن القدرة الإماراتية على الدمج بين البعد الأمني والسياسي تمثل عنصر قوة أساسي، حيث تعمل أبوظبي على تقوية المؤسسات الحكومية الصومالية، في وقت تشهد فيه البلاد هشاشة داخلية وصراعات بين الحكومة الفيدرالية والأقاليم.
توصيات المعهد: شراكة ثلاثية لمحاصرة "الشباب"
المعهد أوصى الإدارة الأميركية بتعزيز التعاون الثلاثي بين واشنطن – أبوظبي – أنقرة، بحيث يتم توزيع الأدوار على النحو التالي:
الإمارات: توفير التدريب والتمويل المباشر للقوات الصومالية، إلى جانب خبرتها في محاربة الجماعات المسلحة.
تركيا: دعم القدرات الجوية والتسليحية من خلال الطائرات المسيّرة والمروحيات القتالية.
الولايات المتحدة: ضمان التمويل المستدام لبعثة الاتحاد الإفريقي الجديدة (AUSSOM)، وتوفير الغطاء السياسي واللوجستي.
وبحسب التحليل، فإن هذه المعادلة من شأنها أن تخلق توازنًا حقيقيًا يمكن أن يحد من تمدد "الشباب" ويمنح الجيش الصومالي فرصة لبسط سيطرته على المدن الاستراتيجية.
أهمية الدور الإماراتي للإستراتيجية الأميركية
يرى معهد واشنطن أن التعاون مع الإمارات في الصومال ليس مجرد خيار تكتيكي، بل يمثل جزءًا من رؤية أوسع للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب بالقرن الأفريقي. فالإمارات، التي راكمت خبرات في عمليات مكافحة التمرد في بيئات صعبة، باتت اليوم شريكًا لا غنى عنه لواشنطن في دعم الاستقرار الإقليمي.
التقرير شدد على أن تجاهل الدور الإماراتي أو التقليل من أهميته قد يترك فراغًا أمنيًا تستفيد منه التنظيمات المتشددة، ويضعف قدرة الحكومة الصومالية على حماية أراضيها.
خلاصة
يخلص معهد واشنطن إلى أن الإمارات هي الشريك الأكثر فاعلية لمواجهة تمدد "الشباب" في الصومال، نظرًا لقدرتها على المزج بين الدعم العسكري والتنموي، وتوظيف علاقاتها الإقليمية لخدمة الاستقرار. وفي وقت تسعى فيه واشنطن لتقليل تدخلها المباشر في أفريقيا، فإن الاعتماد على شركاء مثل الإمارات وتركيا يبدو الطريق الأمثل لإحباط مخططات التنظيمات الجهادية وضمان أمن البحر الأحمر والممرات البحرية العالمية.