من أبوظبي إلى سانيڤيل: كيف تبني الإمارات قوتها في أبحاث الذكاء الاصطناعي؟
في خطوة استراتيجية طموحة، دشنت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي "MBZUAI" في عام 2025 معهدًا جديدًا تحت اسم معهد النماذج التأسيسية "IFM"، مع مختبر فرعي في قلب وادي السيليكون بمدينة سانيڤيل بولاية كاليفورنيا، إلى جانب مراكز بحثية في باريس وأبوظبي. يمثل هذا المختبر جزءًا محوريًا من خطة الإمارات الوطنية لبناء قدرات بحثية متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي.
المختبر الدولي ونهج البحث التنافسي
يقود المختبر فريق بحثي يضم حوالي 40 باحثًا من خلفيات متنوعة تشمل جامعات أمريكية وشركات تقنية كبرى، بالإضافة إلى 40 باحثًا آخرين في باريس وأبوظبي. المنهجية المتبعة هناك تشبه نموذج الشركات الناشئة أكثر من الكليات الأكاديمية التقليدية، حيث يركز الباحثون على بناء وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي بدلاً من التدريس أو التنوع الأكاديمي، ويُمنحون رواتب تنافسية وقوة حوسبة عالية من خلال موارد ضخمة. من بين الإنجازات المعلنة، أطلقت الجامعة نموذجًا اسمه K2 Think، تقول إنه يضاهي أداء بعض النماذج الأكبر في شركات مثل OpenAI وDeepSeek في اختبارات معيّنة، رغم أن عدد تحميلاته على منصات المطورين ظل أقل من نماذج مفتوحة المصدر منافسة.
الطموح العالمي للنماذج التأسيسية
إضافة إلى ذلك، طوّر المختبر نموذجًا عالميًا جديدًا يُدعى PAN — وهو نموذج قادر على التنبؤ بحالات العالم من خلال محاكاة الفيديو والتفاعل متعدد الأبعاد مع اللغات والصور والبيئة المحيطة. المدير التنفيذي للمختبر قال: "وظيفتنا الأولى هي تدريب هذه النماذج وإطلاقها … الإمارات ستكون سعيدة برؤية هذه النماذج تُستخدم في الواقع العملي." ويعكس هذا التوجه طموحًا إماراتيًا لبناء تأثير علمي وتقني عبر نشر المعرفة وليس الاحتفاظ بها محليًا فقط.
شراكات استراتيجية وأمن تقني
تعتمد استراتيجية الإمارات بشكل كبير على الشراكات مع شركات أميركية للحصول على المواهب ومعرفة التكنولوجيا المتقدمة، خاصة رقائق الحوسبة الضرورية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. وقد أثار حصول شركات إماراتية على هذه الموارد القلق في واشنطن بشأن مدى وصولها إلى أطراف ثالثة. من خلال هذه المبادرة، تتبلور لدى الإمارات استراتيجية مزدوجة: ليس فقط بناء قدرات بحثية، بل أيضًا ترسيخ مكانتها كقوة مؤثرة في عالم الذكاء الاصطناعي، وإظهار قدرتها على المنافسة عالميًا في مشاريع عالية التقنية.
من أبوظبي إلى سانيڤيل، ترسم الإمارات مسارًا طموحًا نحو الريادة في أبحاث الذكاء الاصطناعي: باعتمادها على المواهب الدولية، والموارد الضخمة، ونهج مفتوح المصدر، تُحاول هذه الدولة الخليجية أن تبني ليس فقط قدرات تكنولوجية، بل علامة مؤثرة في العالم الجديد للذكاء الاصطناعي.