بدء تنفيذ رسوم ترامب الجديدة.. سوريا والعراق الأكثر تضررا بالمنطقة
بدأت الولايات المتحدة، اليوم الخميس، فرض رسوم جمركية مرتفعة على السلع الواردة من عشرات الشركاء التجاريين، في تصعيد كبير لحملة الرئيس دونالد ترامب لإعادة تشكيل التجارة العالمية بما يخدم مصلحة أميركا.
وطالت الرسوم الجمركية عدة دول في الشرق الأوسط، حيث كانت سوريا الأكثر تضررًا في المنطقة بنسبة رسوم بلغت 41%، تلتها جارتها العراق بنسبة 35%، ثم الجزائر وليبيا بنسبة 30%، وتونس بنسبة 25%.
وقبيل دخول هذه الرسوم الجديدة حيز التنفيذ، أعلنت واشنطن بشكل منفصل أنها ستضاعف الرسوم الجمركية على الهند لتصل إلى 50%، كما ستفرض رسومًا بنسبة 100% على العديد من واردات أشباه الموصلات من مختلف أنحاء العالم.
ومع دخول أمر تنفيذي وقّعه ترامب الأسبوع الماضي حيز التنفيذ، ارتفعت الرسوم الجمركية الأمريكية من 10% إلى مستويات تراوحت بين 15% و41% على قائمة من الشركاء التجاريين.
العديد من الواردات من اقتصادات كالاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية تواجه الآن رسومًا جمركية بنسبة 15%، رغم التوصل إلى اتفاقات مع واشنطن لتفادي فرض رسوم أعلى كانت مهددة بها.
لكن دولاً أخرى مثل الهند تواجه رسومًا بنسبة 25% – من المقرر مضاعفتها خلال ثلاثة أسابيع لتصل إلى 50% – فيما تواجه ميانمار ولاوس مستويات مرتفعة للغاية من الرسوم تصل إلى 40% أو 41%.
حكومة سويسرا، التي فشلت في إقناع ترامب بعدم فرض رسوم قاسية بنسبة 39%، كانت تستعد لعقد اجتماع طارئ في وقت لاحق من يوم الخميس.
وفي منشور على منصته "تروث سوشيال" بعد منتصف الليل مباشرة، كتب ترامب: "إنها منتصف الليل!!! مليارات الدولارات من الرسوم الجمركية بدأت الآن تتدفق إلى الولايات المتحدة الأمريكية!"
وتُعد هذه الموجة الأخيرة من الرسوم "المتبادلة"، والتي تهدف إلى معالجة ممارسات تجارية تعتبرها واشنطن غير عادلة، توسعًا للإجراءات التي فرضها ترامب منذ عودته إلى الرئاسة.
"لا مجال للتنازل"
عشية إطلاقه لهذه الخطوة الجديدة، ضاعف ترامب الرسوم المقررة على السلع الهندية لتصل إلى 50%، مبررًا ذلك باستمرار نيودلهي في شراء النفط الروسي.
ومن المتوقع أن تدخل هذه الرسوم الجديدة – المرتفعة من 25% حاليًا – حيز التنفيذ خلال ثلاثة أسابيع.
وقالت "اتحاد منظمات التصدير الهندية" إن هذه الخطوة تمثل "انتكاسة كبيرة للصادرات الهندية، حيث يتأثر بها بشكل مباشر نحو 55% من شحناتنا إلى السوق الأمريكية".
ومن جانبها، تعتبر نيودلهي أن أحد أبرز نقاط الخلاف يتمثل في مطالبة واشنطن بالحصول على دخول واسع إلى السوق الزراعية وسوق الألبان الهندية.
وقال رئيس الوزراء ناريندرا مودي يوم الخميس: "لن نساوم على مصالح مزارعينا، وقطاع الألبان لدينا، وصيادينا".
أمر ترامب هدد أيضًا بفرض عقوبات على الدول التي "تستورد النفط الروسي بشكل مباشر أو غير مباشر"، وهو مصدر دخل رئيسي لتمويل الحرب الروسية في أوكرانيا.
وقد فرضت واشنطن بالفعل رسومًا جمركية منفصلة على واردات محددة من قطاعات مثل الصلب والسيارات والأدوية.
وقال ترامب يوم الأربعاء إنه يخطط أيضًا لفرض "رسوم جمركية تقارب 100%" على واردات أشباه الموصلات، لكنه أضاف أن الشركات التي تستثمر في الولايات المتحدة أو تلتزم بالاستثمار فيها "لن تُفرض عليها أي رسوم".
وقد ارتفعت أسهم شركة صناعة الرقائق العملاقة التايوانية TSMC، بعدما أعلنت تايبيه أنها ستكون معفاة من هذه الرسوم، في حين تعرضت بعض الشركات المصنعة الآسيوية الأخرى لخسائر كبيرة.
وتحذر الشركات والمجموعات الصناعية من أن الرسوم الجديدة ستُلحق ضررًا بالغًا بالشركات الأمريكية الصغيرة، فيما يحذر اقتصاديون من أنها قد تؤدي إلى زيادة التضخم وتباطؤ النمو.
ومع استقرار مستويات الرسوم الجمركية بين الدول – ولو مؤقتًا – يتوقع البروفيسور مارك بوش من جامعة جورجتاون أن تقوم الشركات الأمريكية بتحميل المزيد من تكلفة الرسوم للمستهلكين.
"سيكون لهذا تأثير"
وأشار بوش إلى أن مهلة التسعين يومًا السابقة، التي سبقت بدء تنفيذ الرسوم "المتبادلة" الأعلى، منحت المستوردين وقتًا لتخزين البضائع.
لكنه أوضح أن استراتيجية "الانتظار والترقب" دفعت الشركات في البداية إلى تحمّل الجزء الأكبر من أعباء الرسوم، إلا أن المخزونات بدأت تنفد، ومن غير المرجح أن تستمر الشركات في ذلك لفترة طويلة.
وقال بوش، وهو خبير في سياسات التجارة الدولية: "مع اقتراب موسم العودة إلى المدارس بعد بضعة أسابيع، سيكون لهذا أثر سياسي واضح".
وتُبقي هذه الرسوم الجمركية العديد من التساؤلات قائمة أمام الشركاء التجاريين الذين تفاوضوا مؤخرًا على اتفاقيات مع ترامب.
على سبيل المثال، تبدو طوكيو وواشنطن على خلاف بشأن تفاصيل أساسية في اتفاقهما، خاصة ما يتعلق بتوقيت خفض الرسوم الجمركية على السيارات اليابانية.
وبوجه عام، تواجه واردات السيارات إلى الولايات المتحدة الآن رسومًا بنسبة 25% بموجب أمر خاص بالقطاع. وقد خفّضت شركة "تويوتا" توقعاتها للأرباح السنوية بنسبة 14% بسبب هذه الرسوم.
كما يبدو أن هناك تباينًا بين اليابان والولايات المتحدة بشأن ما إذا كانت الرسوم "المتبادلة" بنسبة 15% على السلع اليابانية الأخرى ستُضاف إلى الرسوم الحالية، أم أنها – كما هو الحال مع الاتحاد الأوروبي – ستكون بحد أقصى عند هذا المستوى.
وفي غضون ذلك، لا تزال الصين والولايات المتحدة في هدنة هشة ضمن مواجهتهما التجارية، لكن من المقرر أن تنتهي هذه الهدنة في 12 أغسطس.
وأظهرت البيانات الرسمية أن الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة تراجعت بنسبة 21.7% الشهر الماضي، في حين ارتفعت صادراتها إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 9.2%، وإلى جنوب شرق آسيا بنسبة 16.6%.
ويحاول الاتحاد الأوروبي الحصول على استثناء من الرسوم الجمركية لقطاع النبيذ، الذي يُعد من الصناعات الرئيسية فيه.
وفي رسالة حديثة موجهة إلى ترامب، ناشدت "تحالف تجارة النبيذ الأمريكي" وغيرها من الكيانات المعنية استثناء هذا القطاع من الرسوم، قائلين: "تشكل مبيعات النبيذ ما يصل إلى 60% من هوامش الأرباح الإجمالية للمطاعم كاملة الخدمة".
من جهة أخرى، استهدف ترامب البرازيل على خلفية محاكمة حليفه اليميني، الرئيس السابق جايير بولسونارو، المتهم بالتخطيط لانقلاب.
وقد ارتفعت الرسوم الأمريكية على سلع برازيلية متعددة من 10% إلى 50% يوم الأربعاء، إلا أن بعض الاستثناءات الواسعة – مثل عصير البرتقال والطائرات المدنية – تُعتبر عوامل تخفف من تأثير القرار. ومع ذلك، فإن منتجات رئيسية مثل القهوة واللحوم والسكر البرازيلية قد تضررت من هذه الرسوم.