واشنطن بوست: اتفاق بشان غزة فرصة لضم السعودية وسوريا إلى اتفاقيات إبراهيم

وصفت جريدة "واشنطن بوست" الاجتماع المرتقب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن بـ"الفرصة السياسية النادرة" لإحياء مسار متعثر في الشرق الأوسط.

وأضافت الجريدة الأميركية أن جوهر اللقاء يدور حول اقتراح وقف إطلاق نار مؤقت في غزة لمدة 60 يوما، يشمل تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية، غير أن وراء هذه التهدئة القصيرة المدى تقبع أهداف أوسع منها ضم السعودية وربما سوريا إلى اتفاقيات إبراهيم.

ما وراء الهدنة

المقترح الأميركي بوقف النار ليس جديدًا في شكله، لكنه يكتسب أهمية غير مسبوقة في توقيته ومآلاته، فقد بات واضحًا أن إدارة ترامب تراهن على تحقيق اختراق في ملف التطبيع العربي الإسرائيلي لتكريس إنجاز سياسي "تاريخي"، كما يصفه المقربون منه.

يقول مسؤول أميركي لـ"واشنطن بوست"، إن "الاتفاق بشأن غزة يمكن أن يكون الخطوة التي تطمئن السعودية كفاية لدخول اتفاق تطبيع مشروط" مع إسرائيل، مضيفا: "الرياض لن تقدم على خطوة علنية ما لم يكن هناك مسار سياسي حقيقي للفلسطينيين".

السعودية: بين الحسابات السياسية والإقليمية

منذ سنوات، تُجري السعودية محادثات غير معلنة مع الولايات المتحدة وإسرائيل حول تطبيع محتمل، لكن موقفها ظل مشروطًا بالتقدم في الملف الفلسطيني.

بحسب مصادر مطلعة، فإن السعودية ليست بعيدة عن دعم اتفاق تهدئة "مؤقت" – بشرط ألا يُنظر إليه كغطاء لتثبيت الوضع القائم في غزة.

سوريا: التطبيع لم يعد مستبعدا

الحديث عن انضمام سوريا لاتفاقيات إبراهيم يبدو أكثر تعقيدًا، لكنه لم يعد مستبعدًا، فمع التقارب السوري الخليجي، والانفتاح النسبي بين دمشق وبعض العواصم العربية، تتزايد الضغوط على إيران – الحليف الأساسي للحوثيين وحماس – لتليين موقفها الإقليمي.

تقول مصادر دبلوماسية أوروبية إن وسطاء من الإمارات والأردن نقلوا رسائل إلى دمشق بأن "الهدنة في غزة وتهدئة في الجنوب السوري قد تفتح بابًا غير مباشر للتقارب مع إسرائيل"، التي بدورها ستعرض على دمشق امتيازات تجارية أو أمنية مقابل ضبط الوضع على الحدود، "ودون طلب اعتراف كامل".

فرصة تاريخية

ويقول الباحث في معهد واشنطن، ديفيد ماكوفسكي، لـ"واشنطن بوست" إن "التوقيت حساس للغاية... لكنه فرصة تاريخية إذا تم إدارتها بدقة سياسية".

التقارب مع السعودية وسوريا لا يتم بمعزل عن معادلات أكبر، فإسرائيل تأمل من خلال الهدنة أن تُعيد رسم دورها كضامن لأمن المنطقة بعد الضربات الجوية ضد إيران، في حين تسعى السعودية لتوظيف الاتفاق في تعزيز دورها الدولي – خاصة في ظل منافسة صينية-روسية متزايدة.

آراء متباينة

تقول الباحثة الإسرائيلية نوعا لانداو إن "الهدنة في غزة ليست إلا وسيلة لجعل اتفاق أبراهام أكثر جاذبية للرياض".

من جهته، يصر دبلوماسي سعودي سابق على أن "الرياض لن توقع على أي ورقة لا تعترف بحل الدولتين أو تعيد الاعتبار للسلطة الفلسطينية".

البُعد السياسي الأميركي

زيارة نتنياهو تأتي في الوقت الذي يسعى فيه ترامب لترسيخ صورة "صانع السلام" في الشرق الأوسط، مع العلم أن اتفاقيات إبراهيم كانت أبرز إنجازاته في السياسة الخارجية خلال ولايته الأولى.

وهدنة غزة قد تُمنح طابعًا إنسانيًا، لكنها تمهّد لأجندة تطبيع إقليمي تحت غطاء "السلام"، فيما يميل المزاج الإقليمي نحو إعادة التموضع: السعودية تقود مسار تهدئة إقليمي يخفف التصعيد، وقد توازن ذلك بخطوة تقارب مع إسرائيل.

آلية ممكنة للضم

التصور السياسي لتوسيع اتفاقيات إبراهيم سيأخذ مسارًا تدريجيًا وليس علنيًا من البداية:

السعودية قد تبدأ بتسهيلات اقتصادية أو فتح مكاتب دبلوماسية غير رسمية، وربما خطوات رمزية مثل فتح أجوائها، وسوريا، إن حصلت على مكاسب اقتصادية وعسكرية (مثل تخفيف العقوبات أو حماية الجنوب)، قد تسمح بتفاهمات "أمنية هادئة" بدل اتفاق معلن، حسب "واشنطن بوست".

الخلاصة

اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، في ظاهره مبادرة إنسانية لإنهاء القتال وتبادل الأسرى، لكن في عمقه، هو بوابة سياسية نحو إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية، ونجاحه قد يقود إلى ما وصفه البعض بـ"موجة تطبيع ثانية" تضم السعودية وربما سوريا، وتكرس ما لم تحققه عقود من الدبلوماسية التقليدية.

لكن هذه "الفرصة" تبقى رهينة واقع ميداني شديد التعقيد، وانقسامات سياسية داخل كل الدول المعنية بهذا الملف... فهل تنجح "الهدنة المؤقتة" في إطلاق مسار دائم؟ أم أنها مجرد محطة أخرى في سلسلة من التفاهمات المؤجلة؟

Next
Next

بعد رفض نعيم قاسم.. لبنانيون يطلقون حملة لنزع سلاح حزب الله