"سي إن إن": تدمير منشآت إيران النووية لا يعني تخليها عن "القنبلة"
صورة تعبيرية لمنشأة نووية مدمرة وقنبلة عليها شعار المواد الإشعاعية. (تصميم: جسور نيوز)
نشرت شبكة "سي إن إن" الأميركية اليوم الإثنين تحليلًا معمقًا حول التصعيد الأخير في ملف إيران النووي، عقب الضربات التي شنتها كل من إسرائيل والولايات المتحدة ضد منشآت نووية وعسكرية في العمق الإيراني.
وأكد التقرير أن هذه الضربات، ورغم ضخامتها، لن تكون نهاية لـ"التهديد النووي الإيراني" حسب تعبيرها، بل قد تسعى طهران إلى التسريع من الحصول على قنبلة نووية بعدها، بما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي.
الضربات الإسرائيلية
نفذت إسرائيل بتاريخ 13 يونيو سلسلة غارات جوية استخدمت فيها طائرات شبحية مسيرة وصواريخ بعيدة المدى، استهدفت منشآت تخصيب اليورانيوم في نطنز وفوردو، بالإضافة إلى منشآت تصنيع صواريخ ومراكز أبحاث نووية في أصفهان. كما استهدفت الضربات قادة من الحرس الثوري الإيراني ومرافق لوجستية حيوية.
ووفقًا لمصادر أمنية إسرائيلية، فإن العملية جاءت بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة جمعتها وحدات الموساد خلال الأشهر الماضية، وتهدف إلى إبطاء ما وصفته بـ"الاندفاعة الأخيرة لإيران نحو القنبلة".
الضربات الأمريكية
في 17 يونيو، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية تنفيذ ثلاث ضربات استراتيجية شملت منشآت نووية في نطنز وأصفهان وفوردو. وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن هذه الضربات تمت بالتنسيق مع الحلفاء، وهي بمثابة تحذير لإيران بأن واشنطن "لن تسمح بخطوط حمراء أن تُخرق".
واعتبرت الإدارة الأمريكية أن الهدف ليس الدخول في حرب، بل فرض كلفة باهظة على أي تحرك إيراني نحو التسلح النووي.
ردود الفعل الإيرانية
أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية بيانًا شديد اللهجة، اعتبرت فيه الضربات بمثابة "اعتداء على السيادة الوطنية وخرقًا للقانون الدولي". كما ندد المرشد الأعلى علي خامنئي بالهجمات، مؤكدًا أن إيران "لن ترضخ للابتزاز العسكري".
وأكدت طهران أن البرنامج النووي سيُستأنف بوتيرة أسرع، وأن الرد الإيراني قد يأتي في شكل هجمات إلكترونية، أو عبر وكلاءها في العراق وسوريا ولبنان.
التهديد المستمر
رغم تدمير بعض البنية التحتية، إلا أن الخبراء يؤكدون أن إيران تمتلك القدرة الفنية والمعرفة اللازمة لإعادة تشغيل البرنامج في غضون أشهر، كما أن جزءًا كبيرًا من التكنولوجيا النووية الإيرانية أصبح موزعًا في منشآت تحت الأرض يصعب الوصول إليها.
يشير مراقبون إلى أن بعد هذه الضربات، قد تتنصل إيران تماما من التزاماتها في الاتفاق النووي لعام 2015، مما يفتح الباب أمام سباق تسلح في المنطقة، ويهدد أمن دول الخليج بشكل مباشر.
فرص الدبلوماسية والوضع الإقليمي
يرى البعض أن سلطنة عمان وقطر قد تلعبان دورًا في التهدئة، خصوصًا مع انسداد الأفق أمام مفاوضات فيينا. إلا أن العقبات تبقى كبيرة في ظل غياب الثقة وتبادل الرسائل النارية بين الطرفين.
السعودية والإمارات: رفعتا حالة التأهب الأمني في المنشآت النفطية، وعززتا قدراتهما الدفاعية.
لبنان وسوريا: تحركات لحزب الله والحشد الشعبي تنذر بجبهة محتملة بديلة.
الخليج العربي: السفن الأمريكية في الخليج رفعت مستوى الجاهزية، تحسبًا لهجمات إيرانية بحرية.
خلاصة:
رغم الضربات الكبيرة، لا يزال المشروع النووي الإيراني حيًا، وربما أكثر تصميمًا من أي وقت مضى. إن تدمير المفاعلات لا يعني تدمير النوايا، والإرادة السياسية في طهران تبدو ماضية نحو امتلاك القدرة النووية، ولو تحت الأرض.
وتبقى الأسئلة الكبرى معلّقة: هل نحن أمام مواجهة إقليمية وشيكة؟ أم أن جولة دبلوماسية جديدة ستُبعث من بين الركام؟