كيف تستغل الإمارات الذكاء الاصطناعي "في أعلى مستويات الحكومة"؟
أعلن نائب رئيس الدولة وحاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إطلاق الدورة الاستراتيجية الجديدة للحكومة الفيدرالية حتى 2031، التي تعتمد الذكاء الاصطناعي في التخطيط المرحلي وتحسين الكفاءة المالية وتبسيط الإجراءات وتوظيف بيانات ضخمة ونماذج تنبؤية في صنع القرار.
وشاركت 38 جهة اتحادية في ورشة عمل تحت رعاية مكتب رئاسة الوزراء، هدفت إلى تطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي في التخطيط المستقبلي وربط الأداء بالنتائج على أرض الواقع، ولذا ابتداءً من يناير 2026، ستشارك النظام الوطني للذكاء الاصطناعي كعضو استشاري في مجلس الوزراء ومجالس تطوير الوزراء وهيئات حكومية، لتقديم تحليلات فورية ودعم اتخاذ القرار في الزمن الحقيقي .
حوكمة ذكية وتخطيط استراتيجي مدفوع بالبيانات
سيسهم الذكاء الاصطناعي في تقليص دورات التخطيط داخل الدوائر الحكومية الإماراتية من خمس إلى ثلاث سنوات، مع تعزيز الكفاءة المالية وتبسيط الإجراءات الإدارية. وتلعب أدوات الذكاء الاصطناعي دورًا رئيسيًا في التنبؤ بالأداء وتحليل المؤشرات وربط النتائج بالأهداف بشكل مباشر.
وتوسعت الإمارات في استخدام الذكاء الاصطناعي في جهات عدة مثل شرطة دبي وهيئة الكهرباء والماء، بهدف تطبيق الحلول الذكية عبر القطاعات المختلفة، كما أنشأت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، التي أنتجت أكثر من 300 ورقة بحثية في 2024 وتدرس الآن للمرحلة الجامعية الأولى، ضمن استراتيجية وطنية لتوطين الخبرات
وفي هذا الإطار، أُطلِقت الإمارات شركة إم جي إكس لإدارة الصناديق المحدودة برأس مال 100 مليار دولار، لتكون ذراعًا تمويليًا لمشاريع الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية، وتهدف الشركة إلى تسريع تطوير المنظومات التقنية محليًا، مع التركيز على تصنيع الشرائح الإلكترونية داخل الدولة، ما يمثل خطوة استراتيجية نحو تقليل الاعتماد على الخارج وتعزيز السيادة التكنولوجية للإمارات في واحدة من أكثر الصناعات حساسية عالميًا.
كما عقدت أبوظبي صفقات مشتركة مع شركات مثل أوبن إيه آي، نفيديا، AMD، مايكروسوفت، وسامسونغ، لتطوير مراكز بيانات واستضافة آلاف شرائح الذكاء الاصطناعي ضمن مشاريع ضخمة مثل "ستارجيت" في أبوظبي
نجاح ملموس في القطاعات الحيوية
في الطاقة: أعلنت "أدنوك" عن توفير 500 مليون دولار عبر حلول الذكاء الاصطناعي في 2023 .
في الخدمات المصرفية: بنك الإمارات دبي الوطني اعتمد مساعدًا افتراضيًا منذ 2017.
في الصحة والنقل: يُستخدم الذكاء لتشخيص الأمراض وتحليل حركة المرور وتحسين إدارة الشبكات
خطوات نحو الحوكمة الأخلاقية
تشمل الاستراتيجية ميثاق أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وقوانين حماية البيانات، وأطر تنظيمية لضمان الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا وجني الثقة المجتمعية.
وتسير الإمارات بخطى واثقة نحو نموذج حكومي مبتكر، يُدمج فيه الذكاء الاصطناعي كعنصر أساسي في عملية اتخاذ القرار، وتُحول فيه الدولة أدوات التكنولوجيا إلى شراكة استراتيجية فاعلة في الحكم والإدارة. ومع التقدم المتسارع في هذه المنظومة، فإن البلاد ترسّخ مكانتها كواحدة من أوائل الدول التي تبني حكومات المستقبل فعليًا، لا نظريًا.