كلها تستبعد "حماس".. 3 سيناريوهات لليوم التالي في غزة
طرح معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ثلاثة سيناريوهات محتملة لإدارة قطاع غزة في مرحلة "اليوم التالي" للحرب، جميعها تستبعد حركة "حماس" من أي دور مستقبلي في الحكم.
ونشر المعهد تقرير تحليليا لما سيكون عليه مستقبل القطاع، مستندا إلى خطط سابقة وتجارب قائمة في إدارة شؤون غزة، وأشار إلى أن نجاح أي سيناريو يتوقف على توافق إقليمي ودولي وتوفير دعم مالي وخدماتي عاجل للسكان.
التقرير، الذي حمل عنوان "كيف يمكن أن تستفيد إدارة غزة بعد الحرب من الخطط القائمة"، أكد أن الجدل الدائر حول من يحكم غزة بعد الصراع لا يمكن فصله عن ضرورة استعادة الخدمات الأساسية، وضمان الأمن، وإعادة إعمار البنية التحتية المدمرة.
السيناريو الأول: إدارة بقيادة السلطة الفلسطينية بدعم عربي ودولي
يشير التقرير إلى أن الخيار الأكثر تداولاً في الأوساط الغربية والعربية هو إعادة السلطة الفلسطينية لتولي إدارة غزة، لكن ضمن صيغة جديدة مدعومة من تحالف عربي ودولي لضمان قدرتها على فرض الأمن وتقديم الخدمات.
ويضيف أن هذا السيناريو يتطلب "تجديد شرعية السلطة" عبر إصلاحات سياسية وأمنية واقتصادية، إضافة إلى دعم مالي كبير لتجاوز حالة الضعف التي تعانيها.
السيناريو الثاني: إدارة مؤقتة متعددة الأطراف
يقترح المعهد نموذجاً مشابهاً لبعثات الأمم المتحدة المؤقتة، يتم فيه تشكيل إدارة مدنية وأمنية تضم ممثلين فلسطينيين وشركاء إقليميين ودوليين، على أن تكون مهمتها مؤقتة وتمهيدية حتى الوصول إلى صيغة حكم دائمة.
ويرى معدو التقرير أن هذه الإدارة يمكن أن تعمل على إعادة الأمن وفتح المعابر وتنسيق دخول المساعدات، مع ضمان بقاء "حماس" خارج السلطة.
ويؤكد التقرير أن أي إدارة مؤقتة تحتاج إلى تفويض واضح من مجلس الأمن أو اتفاق سياسي واسع لتجنب الفراغ أو الصدامات الميدانية.
السيناريو الثالث: مبادرة إقليمية بقيادة الإمارات
وأشاد المعهد بمقترح إماراتي ينص على تولي تحالف عربي بقيادة أبوظبي مسؤولية إعادة الإعمار وتقديم الخدمات الأساسية في غزة، مع إنشاء قوة أمنية محلية يتم تدريبها وتمويلها إقليمياً.
ويصف التقرير المقترح الإماراتي بأنه "من أكثر الأفكار قابلية للتنفيذ" لقدرته على الجمع بين الموارد المالية والخبرة الإدارية والعلاقات الإقليمية، موضحاً أن الإمارات تمتلك سجلّاً ناجحاً في تنفيذ مشاريع إنسانية وإعمارية في مناطق النزاعات.
ويشير المعهد إلى أن المبادرة يمكن أن تحظى بدعم غربي واسع إذا ارتبطت بخطة سياسية طويلة المدى تضمن انتقالاً منظماً للسلطة ودمج غزة في إطار الدولة الفلسطينية مستقبلاً.
تحديات مشتركة أمام السيناريوهات الثلاثة
رغم تباين التفاصيل، يؤكد التقرير أن جميع السيناريوهات تواجه تحديات كبيرة، أبرزها:
* غياب توافق فلسطيني داخلي، إذ ترفض "حماس" أي ترتيبات تستبعدها، بينما تنقسم الفصائل الأخرى بين مؤيد ومعارض.
* هشاشة الوضع الأمني، مع وجود مجموعات مسلحة متعددة قد تعرقل أي خطة جديدة.
* حجم الدمار الهائل في البنية التحتية، ما يتطلب تمويلاً بمليارات الدولارات وجهوداً دولية منسقة.
* ضرورة كسب ثقة سكان غزة عبر تحسين الخدمات وضمان حرية الحركة وفتح المعابر.
أهمية التخطيط المبكر
يشدد معهد واشنطن على أن التخطيط لليوم التالي في غزة يجب أن يبدأ فوراً، بالتوازي مع الجهود لوقف إطلاق النار، حتى لا تتكرر تجارب الفوضى التي شهدتها مناطق نزاع أخرى عند غياب خطة واضحة.
ويحذر التقرير من أن ترك الأمور للمجهول قد يسمح بعودة "حماس" أو بروز قوى أكثر تشدداً، ما سيعقد المشهد الأمني والسياسي لسنوات مقبلة.
خلاصة
يلخص التقرير أن "اليوم التالي" في غزة لن يكون مجرد مسألة إدارة سياسية، بل مشروعاً متعدد الأبعاد يجمع بين إعادة الإعمار، وترتيبات أمنية، وإصلاحات سياسية، وضمان مشاركة عربية ودولية واسعة.
ويرى أن المبادرة الإماراتية تمثل نموذجاً عملياً يمكن البناء عليه، إذا توافرت الإرادة السياسية والدعم المالي الكافي، مؤكداً أن استبعاد "حماس" من الحكم سيكون عنصراً ثابتاً في أي من هذه السيناريوهات.