مركز أبحاث أميركي يحذّر من انزلاق سوريا نحو حكم سلطوي جديد
حذّرت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات من خطر تحوّل سوريا إلى حكم سلطوي جديد أكثر قمعًا من حقبة نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وقالت المؤسسة، في تقرير تحليلي صادر حديثا، إنه بعد تسعة أشهر فقط على صعود أحمد الشرع كقائد للدولة، لا تزال البلاد تغرق في الفوضى، وتزداد ملامح حكم أمني يمثل خطرًا على الديمقراطية ومستقبل الدولة.
مسار بلا انتقال حقيقي
وفي تقريرها، أكّدت المؤسسة أن سقوط الأسد لم يسهم فعليًا في إرساء سوريا نحو انتقال حقيقي للسلطة، بل اتضح أن "السلطة الجديدة تصر على استمرار السيطرة المطلقة دون إطار انتخابي أو دستوري، فيما تتحكم فصائل مسحلة في الهيكل الأمني الجديد، كما لو أن النظام السابق أُعيد إنتاجه بنسخة معاد تدويرها".
انتهاكات مستمرة ضد الأقليات
ورصدت المؤسسة استمرار عمليات قمع بحق العلويين على الساحل والدروز في الجنوب والكرد في الشمال الشرقي، قائلة إن "هذه المذابح تمت بتغطية من السلطة الانتقالية وبمباركة بعض القوى المحلية".
كما يشير التقرير إلى وجود "أدلة واسعة" تدحض روايات المبعوث الأمريكي توم باراك التي حاولت تبرير الممارسات باسم "الإسلاميين المتنكرين".
أجندة الشرع
ورغم خطابات الشرع التي يظهر فيها كأنه يسعى إلى بناء سوريا جديدة، إلا أنه لا توجد أي إشارات إلى جدول زمني للانتخابات أو دستور مكتوب، وفق التقرير.
وتعلق المؤسسة: "أنه يعمل من خلال ميليشيات بما يشبه نفس الأسلوب الذي كان ينتهجه الأسد في التنظيم السياسي والأمني للبلاد"، داعية إلى ضرورة تدخل المجتمع الدولي – وخصوصًا الولايات المتحدة – لفرض خارطة طريق واضحة، إن أرادت سوريا بالفعل الخروج من النفق.
رفض القيادة الكردية للمركزية
في محاولة للتأكيد على أن سوريا لن تُعاد صياغتها من دون مشاركتها، عقد الأكراد مؤتمرًا في مناطقهم يطالبون فيه بحكم ذاتي، محاولين استعادة قدر من السيطرة على مصير مناطقهم، ومازال الأمر محل مفاوضات ومحادثات مع الحكومة السورية بقيادة الشرع.
الشعور بالخيانة بين صفوف الثورة
يشير التقرير إلى انطباع واسع لدى السوريين – خصوصًا أولئك الذين شاركوا في الثورة منذ 2011 – بأنهم خُدعوا، فسيطرة الشرع "تبدو في شكلها أكثر تشظيًا وقمعًا" من حكم الأسد، دون أفق سياسي واضح، مما يعيد إنتاج أجواء الثورة المخذولة.
دور الولايات المتحدة: ضرورة العودة والتدويل
تركّز مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات على نقطة جوهرية وهي أن "النهج الأمريكي السلبي أو المتراجع يسمح لهذا النظام الجديد بالتمدد والتجذر"، فمن دون إدارة ضغط دولية حازم أو تدخل فعلي لإنشاء خارطة انتقالية، ستظل سوريا ضحية نزاعات وحكومات شمولية لا تحكم إلا بالقوة، فإن كانت الثورة السورية تمثل إرادة شعب، فإن غياب إرادة دولية قد يحولها إلى ذكرى مهدّدة بالطمس.
خاتمة: سوريا عند مفترق طرق
يخلص تحليل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إلى أن سوريا "تقف الآن عند مفترق طرق حاسم"، بين خيار أول يتجه نحو الانغماس في نظام أمني قمعي جديد، يشبه إلى حد بعيد حكم الأسد وأكثر، لكن دون واجهة انتخابية أو سياسية، أو الخيار الثاني – الأمل المتجدد – المتمثل في تسليط ضغط دولي حقيقي وفعال، وإعادة بناء معارضة مدنية من داخل المنظومة أو خارجها، وصولاً لصيغة حكم جديدة تُعيد للسوريين الدولة والمواطنة.
السؤال الذي يطرحه التقرير: هل العالم، وخصوصًا الولايات المتحدة، مستعدٌّ للقيام بدورها لمنع انزلاق سوريا إلى تكرار مأساوي يُكسر فيه العظم الأخير للثورة ويُطوى مستقبل الدولة والحرية؟ أم أن الصمت الدولي هو بالفعل “ماء الحياة” لهذه المؤسسات السلطوية الجديدة؟