معهد أميركي يطرح 4 تدابير لمواجهة تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات. (أرشيفية: الإنترنت)

طرح معهد أميركي أربعة توصيات يمكن من خلالها أن تنهي الولايات المتحدة وشركائها في منطقة الشرق الأوسط، تهديدات الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر، وذلك على المديين القصير وطويل الأمد.

وتناول الخبير العسكري في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى المقدم جيمس شيبارد، الخطر الذي يمثله الحوثيين ليس فقط على حركة التجارة الدولية، بل أيضا على قدرة الولايات المتحدة في تنفيذ العمليات العسكرية بالإقليم والتأثير على العمليات اللوجستية للقوات الأميركية.

وحسب تقرير المعهد، أول التدابير هو الاستمرار في الضغط على الحوثيين، بما يجعلهم غير "راغبين أو قادرين" على تهديد حركة الملاحة، وهذا يستلزم تصعيد الحملة الحالية إلى ما هو أبعد من الضربات الجوية، ما يستدعي "تحركا بريا" من الأطراف اليمنية المناوءة للحركة، بالتنسيق مع شركاء موثوقين مثل السعوديين أو الإماراتيين.

والنقطة الثانية هي "التركيز إلى المنبع"، حيث دعا شيبارد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى "السعي لردع إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، من خلال تعزيز قدرات القيادة المركزية الأميركية في المنطقة"، منوها في هذا الإطار بنشر "قاذفات بي-2" ودخول حاملة طائرات أخرى إلى الشرق الأوسط، وتابع: "ينبغي تسليط الضوء على هذه التحركات العسكرية الأميركية خلال المفاوضات النووية الحالية مع طهران، وعلى سبيل المثال، يُمكن للمسؤولين الأميركيين مطالبة إيران بوقف الدعم العسكري للحوثيين كأحد الشروط المسبقة لتخفيف العقوبات".

ويرى الخبير العسكري أن الولايات المتحدة مطالبة بـ"توسيع التعاون الأمني" لحشد تحالفٍ من الدول التي ستستفيد من أمن البحر الأحمر، بما في ذلك الشركاء الإقليميون "مصر وإسرائيل والأردن والسعودية"، لافتا إلى أن قوة المهام البحرية "أسبايدس" التابعة للاتحاد الأوروبي تمثل نقطة بداية لتقاسم الأعباء الدفاعية مع القوات الأميركية "وإن كانت تعاني من نقص الموارد".

وأخيرا يؤكد شيبارد أن التطورات في البحر الأحمر وباب المندب تطرح على الإدارة الأميركية تحدي خاص في "إيجاد طرق بديلة"، من خلال "تسريع الجهود الرامية إلى تعزيز المرونة في لوجستيات مسرح العمليات، وتطوير بدائل برية سريعة وفعّالة من حيث التكلفة، مثل الممر البري بين الإمارات وإسرائيل"، ومن خلال هذه التدابير وغيرها، تستطيع الولايات المتحدة إرساء الاستراتيجية الشاملة اللازمة للمهمة الأطول أمداً المتمثلة في معالجة التهديدات الحوثية والإيرانية للخدمات اللوجستية العسكرية والتجارة العالمية بشكل نهائي.

تحدٍّ استراتيجي

ويشير التقرير إلى أن تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر هي تنفيذ لاستراتيجية إيران الأوسع نطاقًا المتمثلة في تمكين وكلائها من حرمان خصومه طهران من حرية المناورة في المنطقة.

وبالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، فإن زيادة وقت العبور حول أفريقيا سيجعل هذا الخيار غير عملي في السيناريوهات التي تتطلب نقلًا سريعًا وآمنًا للموارد العسكرية عبر مسارح عملياتية شاسعة، وتتطلب الطبيعة العالمية للتنافس بين القوى العظمى من البنتاغون نقل الأصول بين مسارح العمليات في أوروبا والوسطى ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ حتى في الظروف العادية، وسيكون استخدام باب المندب إلزاميًا كلما أصبحت هذه التحولات ملحة.

ومن الجدير بالذكر أن النقل البحري هو وسيلة النقل الأكثر فعالية من حيث التكلفة المتاحة للخدمات اللوجستية العسكرية، أما النقل الجوي فهو أكثر تكلفة ومطلوب بشكل أكبر، لكن البنتاغون سيواصل استخدامه لإعادة التمركز الاستراتيجي الفوري للقدرات عالية القيمة. يستكشف القسم التالي كيف يمكن للجيش الاستفادة بشكل أكبر من وسيلة نقل ثالثة: النقل البري.

ونظرًا لقدراتهم في مجال الطائرات المسيرة والصواريخ، يمكن للحوثيين استهداف سفن الشحن في جميع أنحاء البحر الأحمر، ومعظم بحر العرب، وشمال المحيط الهندي، على الرغم من أن إصابة السفن المتحركة من مسافات بعيدة أمر صعب، تكون السفن أكثر عرضة للخطر أثناء تفريغ حمولاتها في الموانئ، ومع ذلك، بمجرد نقل هذه الشحنات إلى الشاحنات أو الطائرات أو المركبات الأخرى للنقل داخل مسرح العمليات، تتضاءل فرص الحظر.

وبناءً على ذلك، فإن استخدام مجموعة متنوعة من طرق النقل بالإضافة إلى باب المندب يمكن أن يساعد في التخفيف من تهديد الحوثيين، وفي هذا السياق تقترح شبكة النقل عبر الجزيرة العربية التابعة لوزارة الدفاع الأميريكية إنشاء 300 مركز لوجستي - مطارات وموانئ بحرية ومراكز برية - عبر شبه الجزيرة العربية لتنويع خيارات الشحن.

وعلى سبيل المثال، يمكن لبعض السفن تجاوز المضيق والرسو في جدة؛ ومن ثم يمكن لشحناتها أن تنتقل جوًا أو برًا. وكما ذُكر سابقًا، تقع جدة ضمن نطاق نيران الحوثيين، لكن إدخال هذه الطرق البديلة وغيرها من الطرق سيخلق معضلات استهداف للجماعة، ويوفر مرونة أكبر في عملية صنع القرار الأمريكية بهدف تعزيز السلامة العامة والمرونة.

تم اختبار شبكة النقل عبر الجزيرة العربية، لكنها ليست جاهزة للعمل بكامل طاقتها. أظهرت تجارب إثبات المبدأ التي أجرتها القيادة المركزية الأمريكية منذ عام 2015 نتائج واعدة، إلا أن تأخيرات الجمارك لا تزال مستمرة بسبب اللوائح غير المتسقة، كما أن الشروط المسبقة للتخليص الجمركي تميل إلى إعاقة الكفاءة. نظريًا، يمكن لشبكة النقل البري (TAN) التعامل مع آلاف الأطنان يوميًا إذا تم تفعيلها بالكامل وكانت جميع الاتفاقيات الجمركية سارية، مما قد ينافس حجم التجارة اليومية لمضيق هرمز في الخليج العربي. ومع ذلك، لا تزال الشبكة مقيدة في الوقت الحالي بمشاكل المقاولين، وحدود الشحنات العسكرية، وضعف التكامل متعدد الوسائط، وجهود التبسيط غير المكتملة.

وهناك خيار آخر يتمثل في الممر البري بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، وهو طريق تجاري يمتد من ميناء حيفا الإسرائيلي عبر الأردن والمملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة، ليصل إلى الخليج العربي متجنبًا البحر الأحمر تمامًا. تعمل شركتا نقل بالفعل على طول هذا الطريق - شركة Trucknet الإسرائيلية وشركة PureTrans الإماراتية - وقد تكونان من أبرز المرشحين للتعاقد مع الجيش الأمريكي. الممر مجهز حاليًا لاستيعاب ما يصل إلى 350 شاحنة يوميًا، وهو ما ينافس أو حتى يتجاوز قدرة شبكة النقل البحري (TAN) العاملة بكامل طاقتها.

مهما كانت الخيارات التي تختارها واشنطن، ستظل البدائل المرنة والقادرة على الصمود ضرورية طالما ظل الشحن البحري مُهددًا. مع المزيد من الاستكشاف واتخاذ تدابير أمنية مناسبة، مثل تعزيز الدفاعات الجوية في موانئ التفريغ، يمكن لكل من شبكة النقل البحري (TAN) والممر الإماراتي الإسرائيلي تلبية هذه المتطلبات، وتلبية احتياجات النقل العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، وربما حتى تقليل أوقات التسليم إلى مواقع في الأردن والكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

Previous
Previous

هل تلعب السعودية دور الوساطة بين أميركا والصين؟

Next
Next

انخفاض قياسي في معدل البطالة بالسعودية