"ذا غارديان": تحركات "الانتقالي" فتحت المجال أمام استقلال جنوب اليمن

في تطور دراماتيكي قد يعيد خريطة اليمن من جديد، أعلنت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي سيطرتها الكاملة على مناطق لأول مرة منذ العام 1990، حيث فتحت هذه السيطرة الشاملة الباب أمام احتمال إعلان استقلال جنوب اليمن، في تحول يُعد ضربة قاسية للهيمنة التي كانت تمارسها قوى رافضة لهذا التطور.

السيطرة الميدانية: الجنوب تحت إدارة "الانتقالي"

ورصدت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية تحركات المجلس الأخيرة، ودخول نحو عشرة آلاف عنصر من قواته إلى محافظتي حضرموت والمَهْرَة، وهما منطقتان حيويتان نظراً لثروتهما النفطية وموقعهما الاستراتيجي، بالتالي بات مركز "اليمن الجنوبي" تحت سيطرته بشكل فعلي، ما يشمل الحضور العسكري، الأمني، والإداري.

هذا الزحف الميداني لم يقتصر على الأرض فحسب، بل شمل مؤسسات الدولة: فقد سيطر الانتقالي على شركة بترول كبرى في حضرموت، كما سيطر على مباني حكومية ومطارات في عدن، ما يعكس نية واضحة للسيطرة الكاملة على مقدراشت الجنوب الاقتصادية والإدارية.

التداعيات المحتملة على مصير اليمن والمنطقة

عودة إلى دولة الجنوب: إذا مضى الانتقالي في استفتاء ووافق سكان الجنوب على الانفصال، فإن اليمن سيعود إلى وضع "شطرين"، ما يعني إعادة صياغة للخريطة السياسية والجغرافية.

وقالت الجريدة إن الكرة الآن في ملعب المجلس الانتقالي فلا تكفي السيطرة العسكرية فحسب، بل يجب أن يكون "جاهزا سياسياً وإدارياً لإدارة دولة"، كما يتطلب الأمر أيضا الحصول على اعتراف دولي واسع، وضمان أمن الحدود والملاحة في مضيق باب المندب.

ماذا حدث في جنوب اليمن؟

وشهد جنوب اليمن خلال الأسابيع الماضية تحولات ميدانية حاسمة، إذ تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً من توسيع نطاق سيطرته على محافظات الجنوب الثمانية، بما في ذلك عدن، حضرموت، المهرة، أبين، شبوة، لحج، الضالع، والبيضاء الجنوبية، وهذه السيطرة جاءت بعد تحركات عسكرية منسقة، تضمنت الانتشار السريع للقوات على الطرق الرئيسية والمداخل الاستراتيجية، واستعادة المواقع الأمنية والعسكرية التي كانت تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً والتحالف السعودي التقليدي.

دخلت وحدات الانتقالي إلى المدن الرئيسية بسرعة كبيرة، واستولت على ثكنات عسكرية ومراكز شرطة ومباني حكومية، ما عزز قبضتها على الأرض وخلق واقعاً ميدانيًا جديداً في الجنوب. كما أمنت القوات الانتقالية منافذ المدن، ووضعت نقاط تفتيش على الطرق الرئيسية لضبط حركة المدنيين، إضافة إلى تأمين المواقع الاقتصادية الحيوية مثل مصافي النفط والموانئ والمطارات. هذه الإجراءات مكنت المجلس من فرض وجوده بشكل ملموس وإعادة ترتيب الهيكل الأمني والإداري للمدن الواقعة تحت سيطرته.

ترافق التحرك الميداني مع تزايد الشعور الوطني لدى الكثير من سكان الجنوب، الذين لطالما عبروا عن توقهم لاستعادة دولتهم السابقة التي كانت قائمة قبل الوحدة اليمنية التي حدثت منذ نحو 35 عاما.. الاستياء من تهميش الجنوب خلال السنوات الماضية، واحتكاكهم المستمر مع الصراعات في الشمال، أعاد إشعال الرغبة في الاستقلال السياسي والاقتصادي، ما منح المجلس الانتقالي زخماً شعبياً إلى جانب دعمه الخارجي.

كما ركز الانتقالي على ترسيخ قدرته على حماية المدنيين وتأمين المدن من الانفلات الأمني، ما عزز صورته كقوة فعلية قادرة على إدارة الشؤون الأمنية والاقتصادية. مع هذه التحركات، يبدو الجنوب على أعتاب مرحلة جديدة من إعادة ترتيب القوى، ويظل السؤال الأساسي قائمًا: هل ستترجم السيطرة الميدانية إلى استقلال سياسي كامل؟

Previous
Previous

سكان حي القابون الدمشقي يطالبون الحكومة بتحسين أوضاعهم المعيشية الصعبة

Next
Next

مع قرب انتهاء المهلة الأميركية.. لبنان أمام خيار نزع سلاح حزب الله أو عودة الحرب