خط الدفاع الأول أمام الحوثيين.. معهد أميركي يحذر من تراجع دعم "الانتقالي الجنوبي"

ظل المجلس الانتقالي الجنوبي المُعرّف أنه التنظيم الأكثر تنظيمًا وقوة في جنوب اليمن، منذ تأسيسه في مايو 2017، الفاعل الرئيسي في الصراع الجنوبي ومقارعة الحوثيين، ومع توقف الضربات الجوية للولايات المتحدة ضد الجماعة منذ 6 مايو 2025، ارتفعت أهمية هذا الدور، غير أن الشلل المالي وتراجع الدعم الدوليين يهددان فعاليته وقدرته على الصمود أمام تمدد الحوثيين .

أهمية المجلس كقوة مواجهة حيوية

يعتبر التقرير الذي نشره معهد الشرق الأوسط الصادر حديثا عن الوضع في اليمن، أن المجلس الانتقالي الجنوبي هو الجهة اليمنية الوحيدة القادرة على شن هجوم بري فعّال ضد الحوثيين، لا سيّما في مناطق الجنوب التي تتمركز فيها قواته – "دعم وإسناد" و"الحزام الأمني" – وقد أثبت ذلك في معارك سابقة قبل وقف إطلاق النار .

في وقت تتراجع فيه قدرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا بسبب الانقسامات وتراجع الدعم، يعوّل المجلس على قبضته الأمنية في عدن ومناطق الجنوب. ورغم كونه جزءًا من مجلس القيادة الرئاسي الذي تم تشكيله في أبريل 2022، إلا أنه صوته الأقوى ضمنه، بفضل تنظيماً عسكرياً واسع الانتشار وتأييد شعبي في الجنوب .

خطر الحوثيين: الفرصة والتهديد

جاء وقف النار الأميركي – الحوثي ليتيح للحوثيين فرصة ذهبية لإصلاح البنى التحتية، واستعادة التمويل، وتعبئة صفوف جديدة من المجندين، ما ضاعف قوتهم في 2024 مقارنة بالسنوات السابقة .

هوية الحوثيين كـ"فرع من محور المقاومة" وتلقيهم دعماً إيرانياً ولوجستياً من دول مثل روسيا وكوريا الشمالية يجعلهم تهديدًا متصاعدًا، ليس فقط للجنوب، بل لمنطقة البحر الأحمر بأسرها، بعد أن باتت قادرة على استهداف السفن الدولية وشحنات النفط .

أزمة داخلية مع تراجع الدعم

مع توقف الدعم العسكري والغارات الجوية الغربية، يواجه المجلس الانتقالي الجنوبي أزمة مالية حادة إذ تعاني عدن وبقية المدن الجنوبية نتيجة تردّي الخدمات، وارتفاع الأسعار، ونقص السيولة.

ويرجع ذلك إلى عدة أسباب منها تراجع التمويل الخارجي للمجلس، الأمر الذي يضعه أمام خيارات قاسية: تقليص حجم قواته، أو طلب دعم من مؤسسات جنوبية محلية أو عبر التفاوض مع الحكومة المركزية، خيار قد يسهم في تآكل هويته الانفصالية.

موازنة بين الضرورة والسياسة

في ضوء توقف الدعم الخارجي وانعدام البدائل، يُحتمل أن ينخرط المجلس الانتقالي في مفاوضات جديدة، ربما لتأمين تمويل مشروط من الحكومة المركزية أو المملكة العربية السعودية، بدعم وطني أو أميركي. ومع ذلك، يُرجّح أن يتمسك بخطابه وتحالفاته، خاصة مع نفوذ الزُبيدي في المجلس الرئاسي وردعه العسكري الراسخ في الجنوب.

خيار المواجهة أم التهدئة؟

مع كل هذه الضغوط، يبقى أمام المجلس خياران:

التوجه نحو تصعيد عسكري: لإعادة فرض سيطرته وتعزيز موقفه، لكنه معرض لخوض مواجهة طويلة ضد الحوثيين في ظل غياب الدعم الجوي والمالي.

اللجوء إلى حل سياسي: عبر تمكين نفسه سياسيًّا داخل المجلس الرئاسي أو عبر مفاوضات دولية، مقابل تأمين موارد للجنوب واستعادة الخدمات.

الخيار العسكري الأوفر حظا

ولكن، يشير تحليل معهد الشرق الأوسط إلى أن الخيار العسكري لا يزال الأوفر لردع الحوثيين، رغم الأعباء المالية، نظرًا لأن البديل السياسي قد يؤدي إلى الهيمنة المركزية للشمال على الجنوب.

ويسلط التقرير الضوء على موقف الولايات المتحدة التي تنحاز حاليا لتوازن القوى عبر دعم الضربات الجوية ضد الحوثيين لا يتضمن دعمًا بريًا موسعًا لليمن، مما يقلص فعالية المجلس كمناعة أمام التمدد الحوثي .

فيما يقف المجتمع الدولي على المحك بين ضرورة مواجهة الحوثي ومنع اتساع وضع الخدمة الإنسانية في الجنوب، ودعم نمو المجلس كهدف مستقل عن السلطة المركزية.

إن تحليل معهد الشرق الأوسط يشير إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي لا يزال أهم عنصر يوازن قوة الحوثيين على الأرض في الجنوب. لكن هذا الدور يوازنه اضطراب داخلي وخارجي – أزمة مالية متنامية، تراجع الدعم، انقسامات سياسية داخل المجلس الرئاسي، وخطر الحوثيين المتزايد، وعلى المجلس أن يختار: إما تكثيف جهوده العسكرية رغم كل التحديات، أو التوجه نحو الحلول السياسية والاقتصادية لتأمين الاستقرار والسعي نحو إعادة بناء الجنوب.

Previous
Previous

حسن الداوودي: شروط "النونو" للقبول بالهدنة مجرّد أمنيات للعودة إلى ما قبل 7 أكتوبر

Next
Next

بعد رفع العقوبات.. ماذا تنتظر أميركا من سوريا؟