"هجوم تدمر" يكشف التحديات أمام التعاون الأمني بين سوريا وأميركا

قالت جريدة "وول ستريت جورنال" إن "الهجوم المأساوي" في تدمر السورية، كشف حجم التحديات التي تواجه ملف التعاون الأمني بين دشق وواشنطن.

أول من أمس السبت، استهدف مسلح قوة أميركية في المدينة التاريخية ما أسفر عن مقتل ثلاثة من عناصرها، بينهم جنديان من الحرس الوطني في ولاية آيوا ومترجم مدني، وإصابة آخرين.

وقالت مصادر سورية مسؤولة للجريدة الأميركية إن منفذ الهجوم "كان عضواً في قوات الأمن الداخلية السورية، وانضم حديثاً قبل شهرين"، مشيرة إلى أنه "كان من المقرر فصله بسبب شبهات حول تأييده لأفكار متطرفة وربما ارتباطه بتنظيم داعش"، مضيفة أن الهجوم وقع قبل أن يتمكن الأمن من اتخاذ أي إجراء، وأن المهاجم قتل في موقع الحادث نفسه.

ويشير الحادث، وفقاً للصحافة الأميركية، إلى "ثغرات واضحة في آليات الفحص الأمني داخل المنظومة السورية"، خصوصاً بعد أن بدأت الولايات المتحدة مؤخراً "مستويات تعاون غير مسبوقة مع الحكومة السورية الجديدة في مهام مكافحة الإرهاب".

قال مسؤول أميركي مطلع على الملف إن "وجود عناصر مشتبه بها ضمن صفوف قوات الأمن السورية يشكل تهديداً حقيقياً للعمليات المشتركة".

الهجوم وقع في منطقة "غير خاضعة بالكامل لسيطرة الحكومة السورية المركزية"، ما يعكس تحديات كبيرة تتعلق "بمدى نفوذ السيطرة الأمنية في البلاد" بحسب القيادة الوسطى الأميركية.

وفي هذا السياق، أوضح خبير أمني أن "الحدود المفتوحة نسبياً في البادية السورية تمنح الفرصة لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية للتسلل إلى صفوف القوات الجديدة أو تنفيذ هجمات مفاجئة".

رد الفعل الأميركي جاء سريعاً، حيث أكدت الإدارة أن "كل من يستهدف القوات الأميركية والعاملين معها سيواجه عقاباً فوريّاً وحازماً"، بينما وصف الرئيس الأميركي الهجوم بأنه "محاولة لزعزعة الاستقرار في المنطقة"، مشدداً على استمرار جهود مكافحة التنظيمات المتطرفة في سوريا.

من الجانب السوري، دانت وزارة الداخلية الهجوم واعتبرته "محاولة متعمدة لتقويض جهود مكافحة الإرهاب المشتركة"، مؤكدة استمرار التنسيق مع الولايات المتحدة لتعقب مرتكبي الهجوم وكشف شبكات الدعم المحتملة لهم.

ويكشف الحادث عن ثلاثة تحديات رئيسية أمام التعاون الأمني الأميركي‑السوري:

التعقيد الأمني الميداني: البادية السورية والمناطق غير الخاضعة للسلطة المركزية تجعل من الصعب ضمان سلامة القوات والمعلومات الاستخبارية في المهام المشتركة.

ثقة متبادلة هشة: وجود عنصر يتم التحقيق معه بسبب شبهات تطرف داخل قوات الأمن السورية يضع علامات استفهام حول "قدرة الأجهزة على ضمان ولاء أعضائها لالتزامات مكافحة الإرهاب".

التحديات السياسية الكبرى: رغم الدفء النسبي في العلاقة الثنائية، فإن العوامل السياسية الإقليمية والدولية قد "تعرّض أية شراكة أمنية طويلة الأمد لهزات جديدة".

ويُعتبر هجوم تدمر "اختباراً حقيقياً لنجاح أو فشل أي تعاون أمني بين الولايات المتحدة وسوريا في المرحلة الراهنة"، إذ يسلط الضوء على هشاشة الإجراءات الأمنية، وتعقيدات الواقع الميداني، وضرورة تعزيز الثقة المتبادلة بين الطرفين. وقال محلل سياسي: "المستويات المقبلة من التعاون الأميركي‑السوري ستعتمد بشكل كبير على كيفية تعامل الطرفين مع تبعات هذا الحادث وإمكانية بناء شراكات أمنية مستقرة".

وفي ختام التقييم، يرى خبراء أن الحادث يشكل "جرس إنذار لكل الأطراف المعنية"، مؤكّدين أن أية محاولات لمكافحة الإرهاب في سوريا ستظل تواجه تحديات إذا لم يتم معالجة الثغرات في هيكلية الأمن الداخلي وبناء الثقة على نحو فعّال ومستدام.

Next
Next

الفنانة اللبنانية ستيفاني عطالله: الجمهور تعلق بشخصية ميرنا في مسلسل "سلمى"