مشروعات صينية معطلة.. هكذا تسببت الانقسامات في أزمة إسكان ليبية

جسور - تقارير

مآسي وخسائر لا تحصى خلفتها العاصفة "دانيال" التي ضربت الشرق الليبي في سبتمبر الماضي، متسببة في دمار واسع، خصوصا في مدينة "درنة"،  لكنها في الوقت نفسه أتاحت فرصة "نادرة" لتوحيد الشعب الليبي في مواجهة تداعيات تلك الفاجعة الإنسانية، رغم الانقسامات السياسية والمناطقية المستمرة منذ سنوات.

الأزمة أتاحت فرصة أخرى لا تقل أهمية، وهي استكمال المشروعات العقارية التي شرعت في تنفيذها شركات صينية في البلاد، خلال مطلع القرن الحادي والعشرين، ضمن رؤية "ليبيا الغد" وقتها، ثم توقفت بمغادرة تلك الشركات، بعد الاضطرابات التي شهدتها البلاد منذ العام 2011.

العمارات الصينية
ومثل مشروع "الـ 2000 وحدة سكنية" غرب "درنة"، المعروف باسم "العمارات الصينية"، طوق نجاة لأصحاب أكثر من ألف منزل، تضررت كليا أو جزئيا في المدينة، وقد تراوح معدل الإنجاز في المشروع بين 60 و70%، وفق تقديرات حكومية.

تنفذ الأعمال شركات محلية وعربية، وتستهدف استكمال العمارات وإنشاء أخرى، فضلا عن إتمام أعمال المرافق الحيوية "المياه والصرف الصحي والكهرباء"، وفق أحد المهندسين المشاركين في الأعمال عادل امهول.

وتطلب سرعة إتمام الوحدات السكنية، الدفع بعشرات المعدات الثقيلة، وكميات ضخمة من مواد البناء، واستقدام أعداد لا بأس بها من العمالة، وذلك من أجل التعجيل بتوزيع الشقق على المتضررين.

اسم "العمارات الصينية" ليس حكرا على مشروع "درنة"، بل إن الكثير من المشروعات السكنية يطلق عليه الاسم نفسه، وتنتشر في مدن مثل "القبة وأجدابيا وبنغازي وطرابلس وغيرها"، وبدأ العمل فيها في العام 2010، وكان مقررا تسليمها في العام 2013 بواقع 500 ألف وحدة، إلا أن هذا لم يتحقق.

معركة داخل العمارات
العمارات الصينية المهجورة، كانت مثالية لتمركزات الجماعات الإرهابية التي نشطت في مناطق واسعة في ليبيا، خلال السنوات الماضية، والأمر ليس استثنائا في أجدابيا، حيث خاضت الكتيبة 152 التابعة للجيش الوطني الليبي مواجهات ضارية مع المتطرفين، كما يروي الضابط بالمكتب الإعلامي للكتيبة محمد صادق.

فالمشروع الإسكاني تحول إلى "معسكر تدريب" ومركز لجمع عناصر متطرفة ظلت تروع الأهالي حتى العام 2016، حينما نجح الجيش في حسم المعركة تماما، لكن المشهد لم يتغير منذ ذلك الحين، فالمشروع الممتد على 1800 هيكتار، وكان يعمل فيه 11 ألف عامل وفني ومهندس وإداري صيني، أصبح كـ"مدينة أشباح"، بمبانٍ شبه مكتملة، كانت من المفترض أن تصبح "مساجد وأسواق ومدارس"، وشوارع كان مخطط لها "الإنارة والحدائق"، كما يروي الصادق الذي يحمل "إيصالا" باستحقاق وحدة سكنية في المشروع مثل آلاف الليبيين.

أزمة إسكان
وتسبب توقف المشروعات الإسكانية، طيلة المدة الماضية، في أزمة إسكان خانقة لليبيين، كما يشرح المستشار العقاري حاتم الفيتوري، منوها إلى أن المشكلة تظهر بوضوح في المدن كثيفة السكان مثل طرابلس.

وتغيرت عادات الليبيين في السنوات الأخيرة، فمن تفضيل السكن في منزل كبير يطلق عليه "الحوش"، اتجهوا إلى الشقق صغيرة الحجم، وارتفعت أسعار الإيجار والتمليك بشكل كبير، ومع تقدم الزمن لم يعد هناك حلولا للأزمة سوى استئناف المشروعات السكنية الشبابية المتوقفة، والتعاقد على أخرى جديدة، وفق الفيتوري.

المفاوضات مع الصينين للعودة
وشهدت الفترة الأخيرة، وبالتحديد منذ مطلع العام 2023، لقاءات مكثفة أجراها المسؤولون في الحكومتين شرق وغرب البلاد، مع نظرائهم في الجانب الصيني، بهدف استئناف  شركات البناء للمشروعات السكنية المعطلة في ليبيا.

وعلى الرغم من إبداء السلطات الصينية "استعدادها لتشجيع عودة شركاتها"، إلا أنه وحتى الآن لم يشهد هذا الملف انفراجة، خصوصا وأن بكين لم تقرر بعد إعادة عمل سفارتها في ليبيا.

]]>

Previous
Previous

دينا جرجس أول ملكة جمال مصرية تتوج بـ "ميس ورلد" في أميركا.. زوجي صاحب الفضل علي وهذه نصيحتي لكل سيدة تبحث عن الجمال

Next
Next

حلم الهجرة لا يزال يراود السوريين.. لقاءات خاصة لـ جسور ترصد قصص معاناة اللاجئين لتركيا