فاتح أربكان.. شبح يطارد أردوغان 

جسور - حمادة عبدالوهاب

انقشع غبار الانتخابات البلدية في تركيا التي أجريت في 31 مارس الماضي، وأسفرت عن فوز حزب "الشعب الجمهوري" المعارض، على حساب تحالف الحزب الحاكم، الذي مني بخسارته الأولى منذ 2002، لكن هناك عضو سابق في هذا التحالف وجد نفسه في خانة الفائزين، وهو حزب "الرفاه الجديد" الذي حل ثالثا بعد حصوله على 6 من أصوات الناخبين، متفوقا على أحزاب "الحركة القومية" و"الخير" و"السعادة" وحتى حزب "المساواة الديمقراطية الشعبية" الموالي للأكراد.

حزب "الرفاه الجديد" كان بمثابة الحصان الأسود في الانتخابات بعد تمكنه من هزيمة العدالة والتنمية في أحد معاقله في شانلي أورفا، كما زاحم الحزب في بلديات أخرى كانت متقاربة مكنت مرشحي حزب الشعب الجمهوري من حسم الفوز على حساب مرشحي العدالة والتنمية.

وبالعودة إلى العام الماضي، قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، قرر رئيس الحزب فانح أربكان الانسحاب من سباق الانتخابات الرئاسية، وأعلن دعمه للرئيس رجب طيب أردوغان، كما أعلن انضمامه لتحالف الشعب، ولكنه قرر المشاركة بشعاره الخاص، وتمكن من الحصول على 1.5 مليون صوت، مما يمثل نسبة 2.8% من إجمالي أصوات الناخبين، وهو ما أهّله لشغل 5 مقاعد في البرلمان.

ومع اقتراب الانتخابات المحلية، بدء حزب "العدالة والتنمية" التفاوض مع "الرفاه الجديد" لإقناعه بالدخول تحت مظلة تحالف الشعب مجدداً، ولكن أربكان رفض هذا التوجه، وقرر الذهاب للانتخابات منفردا بعيدا عن تحالف "الشعب".

وقال محللون أتراك، لموقع "جسور"، إن مشاركة الحزب بشكل منفرد بعيدا عن تحالف "الشعب" سبب ضربة لحزب "العدالة والتنمية" لقيامه بتفتيت أصوات المحافظين التي كانت تصوت بشكل جماعي للحزب الحاكم، وهو ما شكل فرصة لحزب الجمهوري للتقدم في بلديات كانت عصية عليه في الماضي، كما أثبت نفسه كمنافس يعتد به في المعاقل التقليدية لحزب العدالة والتنمية".

خطاب الفوز
أبدى أربكان سعاته بوجود حزبه في المرتبة الثالثة خلال الانتخابات البلدية، بالقول "فزنا بـ 69 بلدية خلال الانتخابات البلدية، و أظهرت هذه النتائج بوضوح أن شعبنا يفضل النظرة الوطنية، هذه النتائج هي انبعاث للروح الوطنية من جديد، وهي تشير إلى أن الحزب في طريقه للوصول السلطة".

وأضاف رئيس الحزب، "حصلنا على 6 في المئة من الأصوات بانتخابات البلديات الكبرى و7.8 في المئة من الأصوات بانتخابات المجالس المحلية".

وعن رفض التحالف مع حزب "العدالة والتنمية"، أوضح: "لقد ظهر بوضوح أننا وصلنا إلى أكثر من 100 في المائة من الأصوات في انتخابات البلدية وأكثر من 150 في المائة في الانتخابات البرلمانية وفقًا لانتخابات 14 مايو، أجاب الشعب عبر الصناديق على حملات التشهير والافتراء بحق حزبنا".

تضرر العدالة والتنمية
المحلل السياسي التركي، إسلام أوزجان، يرى أن صعود حزب "الرفاه الجديد" يمثل أمرًا مهمًا، لكنه لم يؤدي ضربة عميقة بما يكفي للفوز بالانتخابات، إلا في مناطق صغيرة بحصوله على بلدية واحدة عامة، لكنه تسبب في خسارة حزب "العدالة والتنمية"، كما قام أيضا بالخصم من أصوات حزب السعادة.

ويرى أوزجان، أن أسباب التقدم الذي أحرزه الحزب في الانتخابات البلدية، تعود إلى تحالفه مع حزب "العدالة والتنمية" في العام الماضي، وهو ما أعطاه الشرعية في نظر ناخبي حزب "العدالة والتنمية"، و مكنه من أن يُنظر إليه على أنه حزب يمكن التصويت لصالحه، والأمر الثاني دخوله الانتخابات بشعارها الخاص ومرشحيه.

أسباب الصعود
بدوره، يرى حلل الكاتب التركي، بهادر أوزغور، أسباب صعود حزب "الرفاه الجديد" في الانتخابات البلدية، بأن الحزب يوجه خطابه السياسي نحو الكتلة الأكثر محافظة في البلاد، وهي كتلة كانت تصوت بشكل تقليدي لـ"العدالة والتنمية" أو حزب "السعادة" الذين كانوا طرفي نقيض، ووجود حزب "الرفاه الجديد" أوجد طريق ثالث لهؤلاء الناخبين.

وأضاف أوزغو، لموقع "جسور"، أنه رغم انضمامه لتحالف السعب في الانتخابات الماضية، إلا أنه حافظ على مساحة سمحت له بتوجيه انتقادات لسياسات الحكومة، بدءاً من الفساد والرشى وغياب العدالة والقانون، ووصولاً إلى مواصلة التجارة مع إسرائيل على الرغم من حرب غزة، كما يقود الحزب فاتح أربكان، نجل مؤسس الإسلام السياسي في تركيا أو "الرؤية الوطنية"، وهي التسمية التي يطلقها الأتراك على الأيديولوجيا السياسية التي تمزج الديانة الإسلامية بالقومية التركية، نجم الديم أربكان، والمتابع لخطاباته يدرك تماماً درجة التطابق مع أبيه.

ويعتقد أن الحزب استفاد، من القيادات التي استقالت من حزب "العدالة والتنمية" وضمها إليه، كما حدث مع شانلي أورفا، حيث قام بترشيح محمد قاسم جولبينار، الذي استقال من حزب "العدالة والتنمية"، ليتمكن من الفوز بالبلدية.

]]>

Previous
Previous

وسط انتقادات لاتفاقية مع أوروبا.. موريتانيون يخشون من توطين اللاجئين

Next
Next

كتاب مصري بثلاثة ملايين دولار.. ما قصته؟