وسط انتقادات لاتفاقية مع أوروبا.. موريتانيون يخشون من توطين اللاجئين
نواكشوط- جسور
سيد المختار محمد.. خريج جامعي موريتاني عاطل عن العمل، لا يخفي تخوفه من توقيع حكومة بلاده اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال مجابهة الهجرة غير النظامية، ومنع المهاجرين من التدفق نحو السواحل الأوروبية.
ويصف محمد توقيع الاتفاقية بـ"الخيانة العظمى والسبة في جبين نظام (الرئيس) الشيخ الغزواني وحكومته"، محذرا من سيناريو "تقاسم الثروة" الوطنية مع المهاجرين والأجانب "مقابل فتات من أموال الأوربيين".
وأضاف المختار، لموقع "جسور": "بصريح العبارة هو استيطان على الأراضي الموريتانية بتمويل ودعم دول أوروبي، وسينعكس سلبا على حياة المواطن الموريتاني، خصوصا أن المواطن لم يكن ينعم بحياة بها نوع من الرفاهية أو الاستقرار المعيشي، وستزيد هذه الاتفاقية من الأمور صعوبة على المواطنين، خصوصا في الموارد الرئيسية التي كانت منعدمة في الأساس قبل الاتفاقية".
توقيع الاتفاقية
وفي السابع من مارس / آذار، وقع إعلان مشترك بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي يقضي بوضع خطة للعمل المشترك تجاه التحديات الأمنية والتصدي للمهاجرين.
ويتضمن الاتفاق أيضا التعاون في مجال اللجوء، ومساعدة موريتانيا على إيواء طالبي اللجوء الأجانب على أراضيها، مع احترام حقوقهم الأساسية، التي تكفلها القوانين الدولية والقانون الدولي الإنساني.
وشهدت البلاد، وقفات احتجاجية معارضة لتوقيع الاتفاق؛ حيث قامت قوات الأمن الموريتانية بمنعها والتصدي لها. وستحصل موريتانيا على مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي وإسبانيا، تتجاوز قيمتها 500 مليون يورو، وتعهدات بإقامة مشاريع في مجال الطرق والطاقة الكهربائية.
لكن معارضي الاتفاق، يصفونه بأنه "جريمة وبيع أراضي موريتانيا للأوروبيين"، بهدف توطين مهاجرين غير نظاميين من أفريقيا، الذين يتم ترحيلهم من أوروبا إلى موريتانيا، وهو ما تنفيه الحكومة الموريتانية بشدة.
خطر داهم
وقبل توقيع الاتفاق أصدرت الأحزاب السياسية المعارضة بيانا، حذرت فيه الحكومة من إمضاء المعاهدة، معتبرة أنها تشكل خطرا على الأمن القومي الوطني.
وقالت المعارضة، إن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي حول المهاجرين غير الشرعيين، سيغير من توازن التركيبة الديموغرافية للوطن، كما يهدد التعايش وانسجام القيم الدينية والأخلاقية والثقافية للشعب الموريتاني.
وفي 11 مارس / آذار الحالي، أصدر حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" - أكبر أحزاب المعارضة- بيانا دعا فيه كافة القوى الحية إلى الوقوف صفا واحدا في وجه هذا الاتفاق.
بدوره، يقول المحلل السياسي الموريتاني، عبد الرحمن ودادي، لموقع "جسور"، "إن اتفاق الهجرة تعرض لحملة هجوم كبيرة جدا، رغم أن كل المهاجمين لم يقدموا أي مسوغ لرفضهم أي بند من البنود الموضوعة، في إعلان النوايا الذي تم إصداره، كما تعمدوا الخلط بين نقطتين بسوء نية على ما يبدو وبقصد، ففي قضية المهاجرين البلاد تستضيف حوالي 150 ألف لاجئ أغلبهم من موريتانيا يقطن معظمهم في مخيم أمبرت في شرق البلاد، ونواكشوط كانت تطالب المجتمع الدولي بما فيه الاتحاد الأوروبي لمساعدتها، وألا تتحمل وحدها ثقل هذا العدد الكبير من اللاجئين، وهذا مطلب مشروع، وهو ما تم خلطه مع الهجرة السرية وهما موضوعان مختلفان".
وأضاف ودادي، أن ما حدث هو أن جزر الكناري تعرضت في الأشهر الأخيرة، لموجات هجرة ضخمة جدا، والكثير منها قادم من موريتانيا، وفي شهر واحد وصل حوالي 7 آلاف مهاجر، وهذا ما شكل ضغطا كبيرا على الاتحاد الأوروبي، كما أن موريتانيا أوضحت أنها لا تمتلك الإمكانات لمنع عبور المهاجرين نحو الحدود الأوروبية ".
كما يرى أن" موريتانيا الآن تريد أن تصب هذه الشراكة في مصلحتها وألا تنفق ميزانية الأجهزة الأمنية المحدودة على حماية الحدود من المهاجرين ".
من جانبها، قالت الحكومة الموريتانية عبر بيان لوزارة الداخلية، إن الاتفاقية المذكورة لا تمس بالمصالح العامة، ولا تشكل خطرا على الأمة.
اتفاقيات سابقة
ترتبط الحكومة الموريتانية مع إسبانيا بما يسمى" اتفاقية مدريد "الموقعة في يوليو/ تموز 2003 بشأن اعتراض المهاجرين من شواطئ العاصمة الاقتصادية نواذيبو نحو جزر الكناري التي تبعد من المياه الموريتانية 600 ميل بحري، وبموجب المعاهدة تلتزم موريتانيا باعتراض المهاجرين إلى أوروبا والتعامل معهم، فيما تقدم إسبانيا المساعدات إلى نواكشوط، كتمويل المشاريع الاقتصادية وتقديم المنح والقروض، وقد جرى تجديد المعاهدة بين البلدين في عام 2019.
ومنذ عام 2006، يوجد في موريتانيا تشكيلان عسكريان من الأمن الإسباني، أحدهما من الحرس المدني، والثاني من الشرطة الوطنية الإسبانية، ويراقبان المنطقة البحرية بين مدينة نواذيبو وجزر الكناري، كما تتدخل قوة الوكالة الأوروبية لحرس الحدود و الشواطئ (frontex) لمساعدة الإسبان في التصدي للمهاجرين من غرب أفريقيا عن طريق المياه الموريتانية، وبالتزامن مع اتفاقية الهجرة، أعلن الاتحاد الأوروبي تقديم 200 مليون يورو (نحو 217 مليون دولار) كمساعدة ودعم سنوي للدولة الموريتانية.
وعن ذلك يقول ودادي، "إذا كانت أوروبا تريد من موريتانيا حماية حدودها من الهجرة السرية فعليها تقديم المساعدة لنواكشوط، خاصة أنها قدمت تنازلات كثير للاتحاد الأوروبي في فترة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز حيث سمحت للدرك الإسباني بالوجود في مدينة نواذيبو والقيام بالرقابة، كما سمحت بتأجير أراض لاستضافة المبعدين من المهاجرين السريين".
ارتفاع نسبة البطالة
يوجد في موريتانيا 56.9 % من عدد السكان البالغ نحو 5 ملايين يعيشون في حالة فقر متعددة الأبعاد من حيث انعدام التعليم والصحة وظروف المعيشة وانعدام فرص التوظيف.
ويوضح الشاب "المختار" الأمر، بقوله هناك معدلات كبير للبطالة في البلاد في ظل عدم توافر فرص العمل ويتفاقم الأمر عاما بعد آخر، ومن أهم أسباب زيادة البطالة في صفوف الشباب هو عدم توفر الظروف الملاءمة من أجل الانخراط في سوق العمل، فالشباب أمام خيارين القطاع الخاص أو الوظيفة العمومية، وبخصوص القطاع الخاص فالشركات الكبرى غالبا ما تعتمد معايير صعبة ومجحفة وغير عادلة، كما تعتمد الواسطة والقرابة الاجتماعية بما فيها القبيلة والمعرفة الشخصية لبعض الشخصيات الهامة".
]]>