قرارات أمير الكويت.. نهاية لرفاهية الإسلام السياسي؟ أم "كلاكيت مكرر"؟

 

أثار قرار أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الذي أمر بحلّ مجلس الأمة وإحالة اختصاصاته للأمير ومجلس الوزراء الجديد، فضلا عن وقف العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن أربع سنوات، حالة من الجدل في الأوساط السياسية، بعد أزمنة كانت التيارات الإسلامية ترفل خلالها منعمة في بلاط النظام الكويتي، مستغلة النظام الانتخابي الذي يميز الكويت عن باقي دول الخليج.

 

واعتبر أمير الكويت في خطابه المتلفز، أن تثبيت الديمقراطية في مجتمع لا يتمتع بتقاليد الحرية يشبه "تسليم مفاتيح السيارة لسائق غير مرخص"، وهو التعبير الذي رأى من خلاله محللون سياسيون أن الأمير مشعل الذي لم يمر على حكمه أكثر من خمسة أشهر، ربما اتخذ القرار، بوضعه حدا لتمدد جماعات الإسلام السياسي في الكويت، على غرار ما فعله نظراؤه في دول مجلس التعاون الخليجي ومصر.


كما استحضر المتابعون العرب المثال السعودي الحديث وتجربة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان التي استهدفت الجماعات الإسلامية في السعودية، في إطار محاولات القيادة السعودية فرض التغيير من الأعلى، بعد سيطرة الإسلاميين على المناخ الاجتماعي والسياسي في الكويت.


الا أن حسين عبدالحسين، كبير الباحثين في معهد الدفاع عن الديمقراطيات الأميركي، يرى أن مهمة أمير الكويت لن تكن بسهولة التغيير في السعودية، حيث لا يزال يشوب مشهد مستقبل القيادة في الكويت شئ من الضبابية، بينما في الحالة السعودية، حسمت مسألة المستقبل السياسي لصالح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي مازال شابا في مقتبل العمر، بينما في الحالة الكويتية فالأمير (مسن ومن غير المعروف من سيكون الأمير المستقبلي للكويت) وهذا ما يُبقي الكويت بعيدا عن شط الأمان.


وعلى الرغم من الحالة الديمقراطية الفريدة التي تميز الكويت، فإن المسار الديموقراطي لعب في صالح التيارات الإسلامية منذ السبعينيات، فبدأ التسابق بين السلفية والإخوان المسلمين، على الوصول للحكم، من خلال مجلس الأمة، كما انضم إليهما بعد الثورة الإسلامية في إيران، 1980، التيار الإسلامي الشيعي، الذي كان يعمل مع الإخوان المسلمين في الدوائر الانتخابية.


ويعمل الإسلاميون في الكويت تحت اسم منظمة الإصلاح الاجتماعي، ودائما ما كان يصطدم تيار الإخوان بالنظام، من خلال إثارة الرأي العام، حول بعض القضايا الموسمية، مثل شجرة عيد الميلاد في المركز التجاري الرئيسي في مدينة الكويت، وحديث السفير الأمريكي في الكويت بتمنيه لليهود عيد حانوكا سعيدا، حيث أطلق الإسلاميون عاصفة على وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبين بطرد السفير، غير مدركين أن تصريحات السفراء السياديين لا يمكن أن تتقيد بالتفصيلات الكويتية.

 

و سيطر الإسلاميون الكويتيون على الحياة العامة، إلى حد أنهم أكسبوا مدينة الكويت لقب "قندهار الخليج"، نسبة إلى المدينة الأفغانية المعروفة بأنها معقل للمتطرفين الإسلاميين.

 

وتعد المجالس التشريعية في الكويت الأقدم في منطقة الخليج العربي، حيث التأمت أول تجربة انتخابات نيابية في العام 1938، وأفرزت مجلسا تشريعيا صاغ أعضاؤه دستورا احتوى على مبادئ موجزة للحياة الدستورية.

 

ولم تكد الكويت تحصل على استقلالها في يونيو/حزيران 1961، حتى أجريت انتخابات في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، واختير 20 عضوا لتشكيل المجلس التأسيسي لوضع دستور متكامل للبلاد.

 

 فهل تكون قرارات أمير الكويت الأخيرة، نهاية لرفاهية الإسلام السياسي في بلاط مجلس الأمة؟ أم "كلاكيت مكرر"؟.

 

يقول عبدالحسين، في تصريحات خاصة لـ"جسور"، إن الكويت تغيرت بشكل كبير سياسياً، خاصة خلال السنوات القليلة الماضية، وتحتاج قضية وضعها على مسار سياسي جديد سواء في الملفات الداخلية أو الخارجية الكثير من العمل، فـ تيارات الإسلام السياسي استخدمت الديمقراطية للقضاء على الديمقراطية في الكويت.

 

وأوضح عبد الحسين، أن الإخوان يحصدون المقاعد في مجلس الأمة لمنع الديموقراطية عبر تعطيل عمل المجلس لوقت طويل، ثم فرض قوانين غير ديمقراطية ومتشددة، فمثلاً ماراثون الكويت العريق تم فصل الرجال فيه عن النساء، وكذلك الأمر بالنسبة للكثير من القرارات المتشددة التي خرج بها الإسلاميون في مجلس الأمة


وعلى صعيد السياسات الخارجية، يؤكد عبدالحسين، أنه بعد حرب العراق، كان الكويت  البلد الأقرب إلى السلام مع إسرائيل، خصوصاً أن ياسر عرفات وغالبية التيارات السياسية الفلسطينية انحازت إلى صدام حسين، فصار هناك نقمة لدى المجتمع الكويتي، ولكن الجيل الجديد الكويتي نسي هذه الحقائق، بالإضافة إلى الصعود الإسلامي الذي دفع المجتمع الكويتي باتجاه معارضة السلام، ورفض التطبيع مع إسرائيل، وإحراج القيادة الكويتية بهذه المواقف، على الرغم من الواقف الكويتية السابقة المعتمدة على عدم الانحياز بشأن هذه القضية.


وأضاف، هذا لم يحدث إلا مؤخرا عبر جماعة الإخوان المسلمين، ومعارضة فكرة السلام، حتى أكثر من قطر، فلو راجعنا الإعلام الكويتي في 2016- 2017 لرأينا أن المواقف الكويتية لم تكن على ما هي عليه في يومنا الحالي.


]]>

Previous
Previous

السودان: المأساة المنسية

Next
Next

"انفصال اقتصادي" أم دعاية انتخابية.. ما وراء رسوم بادين الجديدة على واردات صينية؟