"انفصال اقتصادي" أم دعاية انتخابية.. ما وراء رسوم بادين الجديدة على واردات صينية؟

تساؤلات كثيرة، أثارها قرار الرئيس الأميركي جو بايدن برفع الرسوم الجمركية على واردات السيارات الكهربائية الصينية، ومنتجات الطاقة النظيفة الأخرى بشكل حاد، في خطوة هاجمتها بكين، ورأت فيه نكثا بتعهد إدارته بعدم "الانفصال" اقتصاديا عنها، فيما رأى محللون أنها تحرك لتحقيق مكاسب في سباق الانتخابات الرئاسية.

وقالت جريدة "فايننشال تايمز" الأميركية في تقرير لها، إن مسؤولين بارزين في الإدارة الأميركية، وهما وزيرة الخزانة جانيت يلين ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، سبق أن أكدا أنه "لا فصل كامل بين الاقتصادين"، بل ذهبت يلين إلى وصف هذا السيناريو بـ"الكارثي"، فيما قال "سوليفان" إن واشنطن تسعى فقط إلى "التخلص من المخاطر" وليس الانفصال.

دحض الانتقادات الصينية

وكان الهدف من هذا التوجه، هو دحض الانتقادات الصينية، بأن الولايات المتحدة تتخذ إجراءات، مثل ضوابط التصدير المرتبطة بالتكنولوجيا، لتقييد صعود بكين، إذ أراد مسؤولو إدارة بايدن أن تفهم الصين أن الولايات المتحدة ستستمر في اتخاذ تدابير لحماية الأمن القومي والاقتصادي، خصوصا بعدما وصلت العلاقات بين الطرفين إثر واقعة طيران بالون تجسس صيني فوق الولايات المتحدة، وفق الجريدة الأميركية.

ولكن بعد الرسوم الأخيرة، عادت العلاقة إلى التوتر، واتهمت بكين الرئيس الأمريكي بالتراجع عن تعهده "بعدم السعي للانفصال عن الصين"، بينما عزا النقاد قرارات بايدن إلى رغبته في "إرضاء العمال ذوي الياقات الزرقاء في ولايات مثل بنسلفانيا وميشيغان - وهي ساحات معركة انتخابية حاسمة في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني / نوفمبر المقبل".

وتساءل آخرون، عما إذا كان الرئيس الديمقراطي يستخدم التعريفات الجمركية كسلاح، في محاولة للظهور أكثر صرامة تجاه الصين من دونالد ترامب منافسه الجمهوري في سباق البيت الأبيض هذا العام، و الذي شن حربًا تجارية على بكين في عام 2018، وتعهد مؤخرًا بفرض ضريبة على وارداتها تصل إلى نحو 60%.

حرب تجارية جديدة

وبينما ناقش خبراء واشنطن مزايا استخدام التعريفات الجمركية لحماية الصناعة الأمريكية، اعتبر القليل منهم أن التدابير المعلنة هذا الأسبوع "فصل" أو علامة على اندلاع حرب تجارية جديدة، حسب "فايننشال تايمز".

وقالت إميلي كيلكريس، الخبيرة التجارية في مركز أبحاث الأمن الأمريكي الجديد، إن الرسوم الجديدة بمثابة "تكثيف لأجندة إزالة المخاطر"، وهذا المصطلح يغطي كل شيء، سواء بالحد من التهديدات الأمنية من بكين، أو تنويع اعتماد الولايات المتحدة على سلاسل التوريد الصينية.

وتابعت كليكريس، أن بايدن استهدف القطاعات التي تقع في قلب المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، لكنه أضاف عاملاً جديدًا يتمثل في الرسوم الجمركية، "لكن أدوات السياسة الافتراضية، مثل ضوابط التصدير، غير فعالة على الإطلاق في مجالات التكنولوجيا، حيث تتمتع الصين بالفعل بقدرة كبيرة والطاقة الزائدة في بعض الحالات".

الانفصال الاستراتيجي

وكان لدى كليت ويليمز، المسؤول التجاري السابق في البيت الأبيض خلال إدارة ترامب، مصطلح مختلف يعكس التركيز المخصص للإجراءات الجديدة على قطاعات معينة.

وقال: "إن التجاور بين الفصل الكامل ومجرد إزالة المخاطر هو فجوة واسعة للغاية.. هذا هو الانفصال الاستراتيجي".

وأكد أحد الخبراء التجاريين لـ"فايننشال تايمز"، إن أفضل تفسير للتعريفات الجمركية هو ببساطة أن واشنطن كانت تحاول منع الصين من الحصول على موطئ قدم في أجزاء من قطاع الطاقة النظيفة الناشئ في الولايات المتحدة.

وحتى يوم الاثنين الماضي (يوم فرض التعريفات الجديدة)، كان بايدن يركز إلى حد كبير على الإجراءات المتعلقة بالأمن لمنع الصين من الحصول على التكنولوجيا الأميركية المتقدمة، مثل أشباه الموصلات.

ووصف سوليفان هذه الإستراتيجية الضيقة التي تركز على القطاعات الرئيسية، مثل الذكاء الاصطناعي، بأنها نهج "مساحات صغيرة ذات سياج عالٍ" في إشارة إلى منع الصين من الوصول إلى تكنولوجيا محددة.

جذب الناخبين

وكان التساؤل الذي طرحه البعض، الثلاثاء الماضي، هو ما إذا كان بايدن يغير مساره في جذب الناخبين من ذوي الياقات الزرقاء الذين يغازلهم هو وترامب عبر "حزام الصدأ" الصناعي الأميركي، بحسب ما تقول الجريدة الأميركية.

وحزام الصدأ يشير إلى المنطقة الجغرافية الممتدة من نيويورك عبر الغرب الأوسط الأميركي التي كانت تهيمن عليها الصناعات التحويلية في السابق، وهو مرادف للمناطق التي تواجه تدهورا صناعيا، مما يؤدي إلى هجر المصانع التي تصدأ بسبب التعرض للعوامل الجوية.

وبعد مراجعة قانونية للتعريفات التي فرضها ترامب على بضائع صينية بقيمة 300 مليار دولار خلال حربه التجارية، أبقى بايدن الرسوم كما هي، وهو الذي انتقدها عند فرضها، لكنه أضاف الرسوم الأخرى على منتجات الطاقة النظيفة، مؤخرا.

 وقال ويليامز: "ما ترونه هو الكثير من الرمزية ذات الدوافع السياسية الواضحة".

ونقلت الصحيفة عن الخبيرة التجارية في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، إميلي بنسون قولها: "إنه من المهم النظر إلى كل منتج تم استهدافه في نظام التعريفات الجمركية الجديد لبايدن".

وأضافت: " على سبيل المثال أنه لم يكن ردع واردات السيارات الكهربائية مثالا على الانفصال، لأن قطاع السيارات الصيني والاقتصاد الأميركي "لم يكونا متشابكين بشكل كبير في البداية".

وعلى نحو مماثل، فإن مضاعفة التعريفة الجمركية على أشباه الموصلات الصينية إلى 50%، من شأنها أن تخلف تأثيرًا محدودًا، لأن الولايات المتحدة تستورد القليل من الرقائق.

وعلى النقيض من ذلك، فإن أي استهداف للمنتجات تامة الصنع التي تتضمن الرقائق من شأنه أن يمثل خطوة جديدة نحو الفصل.

هل نتجه إلى الانفصال؟

وقال الخبير التجاري في مجلس العلاقات الخارجية، براد سيتسر، إن أفضل تفسير للتعريفات الجمركية هو ببساطة أن واشنطن كانت تحاول منع الصين من الحصول على موطئ قدم في أجزاء من قطاع الطاقة النظيفة الناشئ في الولايات المتحدة.

وقال سيتسر، إن التعريفات الجديدة مصممة لتجنب الارتباط في قطاعات لم يتم دمجها تاريخيا (بين البلدين)، مثل السيارات التي لم تكن فيها الصين مصدرا رئيسيا للإمدادات إلى الولايات المتحدة.

واستبعد سيتسر، أن تؤدي هذه التعريفات إلى مزيد من الانفصال بالنظر إلى أنها لا تغطي بقية جوانب التجارة بين البلدين.

]]>

Previous
Previous

قرارات أمير الكويت.. نهاية لرفاهية الإسلام السياسي؟ أم "كلاكيت مكرر"؟

Next
Next

مجددا.. الصين تثير غضب المصريين بسبب الأهرامات