طمس هوية آخر مسجد على الطراز العربي في الصين

انتهت السلطات الصينية من تنفيذ "تعديل جذري" على آخر مسجد كبير في البلاد كان يتمتع بطراز معماري عربي وإسلامي تقليدي في شكل "القباب" و"المأذنة"، وذلك ضمن حملة حكومية بدأت قبل ستة سنوات.

وقالت جريدة "ذا غارديان" البريطانيةـ إن مسجد شاديان الكبير، أحد أكبر المساجد في الصين، يقع في بلدة صغيرة أخذ منها اسمه في مقاطعة يونان الجنوبية الغربية، جرى تبديل مظهره تماما، وإزالة الكتابة العربية عليه، والاكتفاء بالكتابة الصينية.

وحتى العام الماضي، كان المسجد الذي تبلغ مساحته 21 ألف متر مربع يضم مبنى كبيرا تعلوه قبة خضراء مزينة بهلال، محاطة بأربع قباب أصغر ومآذن مرتفعة، ولكن الصور الفوتوغرافية وروايات الشهود تظهر أن القبة أزيلت واستبدلت بسطح معبد على طراز الهان الصيني، مع تقصير المآذن وتحويلها إلى أبراج باغودا، كما لا يمكن أي رؤية سوى أثر باهت للهلال وبلاط النجوم الذي كان يميز الشرفة الأمامية للمسجد.

إزالة المعالم الإسلامية

وعلى بعد أقل من 100 ميل من شاديان، يوجد مسجد ناجياينغ التاريخي أيضا والذي أزيلت معالمه الإسلامية مؤخرا في عملية تجديد.

وفي عام 2018 نشرت الحكومة الصينية خطة حول "إضفاء الطابع الشرعي على الإسلام"، وكان جزء من الخطة هو مقاومة "الأساليب المعمارية الأجنبية" وصبغ "العمارة الإسلامية بالخصائص الصينية".

وتُظهر مذكرة مسرّبة للحزب الشيوعي الصيني، أنّ السلطات المحلية تلقّت تعليمات "بالالتزام بمبدأ هدم المزيد وتقليص البناء".

وقالت هانا ثيكر مؤرخة الإسلام في الصين بجامعة بليموث للجريدة البريطانية، إن حملة إضفاء الطابع الصيني على المساجد تقدّمت "من مقاطعة إلى أخرى"، مضيفة أنّه "بحلول عام 2023، كان هناك شعور بين المجتمعات بأنّ إضفاء الطابع الصيني على الهندسة المعمارية سيصل إلى مساجد يونان الشهيرة، باعتبارها آخر المساجد الرئيسية غير المصنّفة في الصين".

زيارة يوتيوبر سعودي

اليوتيوبر السعودي الشهير شادي نشوان، الذي اعتاد تصوير مقاطع فيديو لحياته في الصين حيث يدرس هناك، نشر مقطع فيديو في الرابع من أبريل الماضي خلال زيارته مدينة شاديان.

وحين ظهر نشوان في موقع المسجد، طلب منه رجال صينيون، عرفوا أنفسهم أنهم من الشرطة، عدم تصوير أعمال "إعادة تغيير" واجهة المسجد، بما أفقده شكله العربي الذي كان معروفا بـ"مكة" لشكله المميز واشتهر به بين المسلمين في الصين.

وقال اليوتيوبر السعودي، إن ما حدث في المسجد جعله أشبه بـ"المعابد البوذية"، كما ظل رجال الأمن يتابعونه طيلة رحلته، حتى طلبوا منه مغادرة المدينة بعد نحو 24 ساعة فقط من وصوله إليها.

يشار إلى أن مدينة شاديان شهدت انتفاضة للأقلية المسلمة التي تعيش فيها ضد حكم الحزب الشيوعي الصيني في العام 1975، والتي قمعها جيش التحرير الشعبي، ما أدى إلى مقتل 1600 شخصا بينهم 300 طفل، وتدمير أربعة آلاف و400 منزل. 

وفي العام 2014، أطلقت الحكومة الصينية "حملة شرسة" ضد الإيغور، الذين يعيشون بشكل رئيسي في المنطقة الشمالية الغربية من شينجيانغ، وتضمّنت السياسات تدابير مراقبة قمعية وعقوبات قاسية على التعبير عن العقيدة الإسلامية، مثل حيازة نسخ من القرآن أو مواد إسلامية أخرى.

وأدت الحملة في النهاية إلى سجن حوالي مليون من الإيغور والأقليات الأخرى في مراكز احتجاز خارج نطاق القضاء، وهو ما قالت الأمم المتحدة إنه قد يُشكّل جرائم ضد الإنسانية، بينما زعمت الحكومة الصينية إن سياساتها ضرورية لمعالجة التطرف والانفصالية.

]]>

Previous
Previous

برلماني مصري: معاهد كونفوشيوس جزء من بروباجندا الحزب الشيوعي الصيني

Next
Next

الصين تحظر استخدام "الأويغور" لتطبيقات التواصل الاجتماعي