فرق صينية تتسبب في أزمة كهرباء حول العالم.. ما علاقتهم بـ"البيتكوين"؟

لليوم العاشر، تستمر أزمة انقطاع الكهرباء عن مناطق واسعة في بنغازي، ثان أكبر مدن ليبيا، حيث ترجع السلطات سبب المشكلة إلى "أعمال حفر أضرت بالبنية التحتية للشبكة"، فيما يوجه آخرون أصابع الاتهام إلى "فرق تقنية صينية".

ويقول آمر قوة الإسناد بعملية "بركان الغضب" الليبية، ناصر عمار، إن تلك الفرق تعمل في مزرعتين بالمدينة من أجل "تعدين البيتكوين".

وحسب تلك الرواية، جرى تجهيز تلك المزرعتين بأجهزة الكومبيوتر المستخدمة في عملية التعدين، والتي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، ما تسبب في انقطاع الكهرباء عدة مرات ببنغازي، وفق عمار.

وتعاني شبكة الكهرباء في ليبيا بشكل عام من التهالك جراء توقف أعمال الصيانة طيلة عقد من الزمان نظرا للاضطرابات في البلاد، إضافة إلى ارتفاع الأحمال خلال فترة الصيف.

ضبط صينيين في ليبيا

وسبق أن أوقفت السلطات في غرب البلاد صينيين منتصف العام الماضي، بعدما تورطوا في إدارة "مصنع لتعدين" العملات الرقمية "البيتكوين" في زليتن، مستخدمين موقع لصهر النضائد والمعادن كستار لهم.

وداهمت القوات الأمنية في حينه المصنع لتعثر على "منظومة التحويل الرقمية، وكذلك المبردات الخاصة بها التي تعمل بالجهد الكهربائي العالي (التيرا)".

وجاء ذلك بعد إعلان النيابة العامة اكتشاف عدة مواقع تُستخدم في ممارسة تعدين العملات المشفرة بمدينتي طرابلس ومصراتة، وضبط عشرة وافدين صينيين في موقع بمدينة مصراتة، بعد تقصي وقائع تعدين "البيتكوين" ومثيلاتها في نطاق اختصاص محكمتي استئناف طرابلس ومصراتة.

ليبيا الثانية عالميا

وبعدها خرج رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبدالحميد الدبيبة في خطاب يتحدث عن نشاط تعدين "البيتكوين" في ليبيا، قائلا إن بلاده "تعد الثانية عالميا في عدد مصانع العملة الرقمية".

وأرجع الدبيبة رواج هذا النشاط إلى انخفاض أسعار استهلاك الطاقة في بلاده، وهي "بلا مقابل تقريبا"، حسب تعبيره، ما أسهم في أزمة كهرباء عصفت بليبيا الصيف الماضي.

تعدين البيتكوين

ويشرح مهند الحسان، وهو مستثمر ليبي في العملات الرقمية، أن "البيتكوين" عملية رقمية تستخدم فيها أجهزة حاسب آلي بقدرات معينة تسمى "أجهزة التعدين"، وتحتاج إلى مصدر كهربائي قوي، وأيضا تبريد مستمر في الجهاز، موضحا أن العالم به العديد من "المزارع" التي تستخدم في تلك العملية.

وأكمل: "لإيضاح تلك المسألة بطريقة مبسطة، فإن إنتاج عملة بيتكوين واحدة قد تتطلب استهلاك كميات من الكهرباء تكفي قرية صغيرة لمدة معينة، وهناك شركات حول العالم تضخ عشرات الملايين من الدولارات لإنتاج بيتكوين، وهي عملية ستتجه إلى الانتهاء تقريبا في عام 2028، وذلك مع الإجراءات الدولية التي ستفرض قيودا صارمة على تداول وتعدين العملات الإلكترونية".

وكشف تقرير دولي صادر العام 2020، أن عملية تعدين "بيتكوين" في ليبيا تمثل 0.9% من إجمالي قوة التعدين لهذه العملة الرقمية حول العالم، أي أن هناك ما يتراوح بين 1000 و1500 ميغاوات تهدر في تلك العملية.

وأضاف الحسان: "ليبيا بالأساس لديها عجز في إنتاج الكهرباء يصل إلى نحو 4000 ميغاوات"، مردفا أن "رخص تكلفة الطاقة في ليبيا جعلها وجهة للشركات والعصابات العاملة في هذا المجال، التي تستغل غياب القوانين والسلطة التي تمنعهم من استعمال الكهرباء لغرض التعدين".

أزمات حول العالم

وتسبب تعدين "البيتكوين"، الذي يستهلك الكثير من الطاقة، في مخاطر بيئية واقتصادية خطيرة حول العالم، كما رصد تقرير أخير لمنظمة "السلام الأخضر" الدولية غير الحكومية، المهتمة بقضايا البيئة.

وأشار التقرير إلى أن النمو السريع لتعدين "البيتكوين" يهدد استقرار أنظمة الطاقة الوطنية ويستنزف الكهرباء اللازمة لتلبية الاحتياجات المجتمعية الأساسية الأخرى بما في ذلك التغذية الكهربائية للمنازل ووسائل النقل، كما يؤثر على خطط خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

ووفق المنظمة، فرضت ثمان دول حظرا تاما على تعدين العملات الرقمية اعتبارا من أبريل الماضي، مستهدفة في الأساس "البيتكوين" كونها أكبر عملة مشفرة، وجاء الحظر الأكثر شهرة على تعدين العملات المشفرة في عام 2021، عندما قامت الصين التي استضافت ما يقرب من ثلاثة أرباع قدرة تعدين البيتكوين العالمية، بإغلاق الصناعة، ما دفع شركات تعدين البيتكوين إلى الهروب لأجزاء أخرى من العالم بحثًا عن طاقة رخيصة ولوائح متساهلة.

حظر النشاط حول عدة دول

ومع ذلك، لم تكن الصين أول حكومة تقول لا لهذه الصناعة، كانت إحدى الجهود الأولى في العراق عندما أصدر البنك المركزي بيانًا في عام 2017 يحظر جميع استخدامات العملات المشفرة وتعدينها، ثم جاء حظر مبكر آخر من الجزائر في عام 2018 عندما منعت الحكومة استخدام وتعدين جميع العملات المشفرة، وفي العام الماضي، منعت الكويت تعدين البيتكوين كجزء من قواعد أوسع حول العملات المشفرة الصادرة عن هيئة تنظيمية مالية.

وفي عام 2022، حظرت كوسوفو جميع عمليات تعدين العملات المشفرة في محاولة للحفاظ على الكهرباء أثناء أزمة الطاقة، كما أقر البرلمان الأنغولي آخر حظر على تعدين البيتكوين في أبريل 2024. ويجرم القانون تعدين العملات المشفرة بهدف حماية الشبكة الكهربائية في البلاد وأمن الطاقة.

كانت الدول الاسكندنافية مركزًا لتعدين البيتكوين في أوروبا، لكن الحكومات وشركات المرافق بدأت في تضييق الخناق على الصناعة لاستخدامها الكثير من الكهرباء.

أما في كازاخستان، التي تمتلك واحدة من أكبر صناعات تعدين البيتكوين في العالم، استهلك القائمون بتعدين "البيتكوين" أكثر من 7% من إجمالي قدرة توليد الكهرباء في البلاد في عام 2021، مما دفع الشبكة إلى العجز، لتقرر الحكومة هناك في النهاية إلى منع العاملين في هذه الصناعة من الاتصال بشبكة الكهرباء، لكن استمر نشاطهم بشكل غير قانوني، وفي فبراير 2023 تقرر السماح لهم بالعمل فقط حينما يسجل فائض في إنتاج الطاقة.

وفي كندا، انجذب العاملون في تعدي "بيتكوين" إلى الطاقة الكهرومائية على نطاق واسع، لكن عدة مقاطعات منعت التوسع في تلك الصناعة التي تمتص إمدادات الطاقة اللازمة للصناعات المفيدة اجتماعيًا والتي تخلق المزيد من فرص العمل.

واقترح المشرعون في باراجواي فرض حظر مؤقت على الأقل على تعدين البيتكوين نظرًا لاستهلاكها العالي للطاقة ومحدودية خلق فرص العمل، ومع ذلك، يمكن حل تلك المشكلة "من خلال القضاء على تعدين إثبات العمل والانتقال إلى آلية جديدة للتحقق من المعاملات التي لا تتطلب كميات من الكهرباء بحجم الدولة"، وفق منظمة "السلام الأخضر".

]]>

Previous
Previous

من المعرضون لخطر الترحيل من ألمانيا

Next
Next

هل الأتراك عنصريون؟.. عداوات تاريخية مع جنسيات وعرقيات امتدت للداخل تكشف سبب كراهية الغير