هل تجاوزت هاريس توابع هزة أسواق الأسهم؟
دخلت كامالا هاريس بحماسة كبيرة المشهد الانتخابي الأميركي كمرشحة للحزب الديمقراطي، وبحظوظ مرتفعة لحسم السباق الرئاسي، إلى حد أن البعض رأى أنها تفوق حظوظ منافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، إلا أن ما شهدته أسواق الأسهم أخيرا هزة كبيرة، أدى إلى انتشار حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تتهم إدارة جو بايدن وسياساته الاقتصادية بتحمل مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي شهدتها أميركا وبالتبعية العالم، ولكن هل نجحت هاريس في تجاوز تبعات الأزمة؟
كامالا هاريس في قلب العاصفة
ووجدت كامالا هاريس نفسها "في قلب عاصفة" غضب المدونيين الأميركيين، الذين شاركوا على نطاق واسع مقطع فيديو قديم تتحدث فيه عن "نجاح السياسات الاقتصادية للرئيس الحالي جو بايدن".
كما جاءت الكثير من التغريدات التي اتهمتها وبايدن بأنهما المسؤولان عن "الانهيار الاقتصادي"، وذلك بعدما حاولت هاريس الترويج لـ"نجاح الرؤية الديمقراطية للاقتصاد، والتركيز على الاستثمارات العامة".
ترامب ينتهز الفرصة
وانتهز ترامب الفرصة للحديث عن "فشل" الإدارة الديمقراطية ممثلة في بايدن وهاريس، وتسببهما في أزمة الأسواق.
وكتب ترامب على منصته "تروث سوشيال"، "الأسواق المالية تنهار. قلت لكم ذلك! كامالا لا تعرف شيئا، وبايدن نائما تماما، كل ذلك ناتج عن قيادة أميركية غير كفؤة".
لا تأثير طويل الأمد
ويستبعد الكاتب المتخصص في الشأن الاقتصادي علاء حمودة ألا تستمر هزة الأسواق المالية على المدى الطويل في ليبيا، مشيرا إلى أن الاستثمارات في الأسهم "سائلة" ومعرضة دائما للتغيرات الحادة والمفاجئة.
وأشار في حديثه إلى "جسور" إلى أن سبب المتاعب يعود إلى إصرار الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) على تثبيت سعر الفائدة، وهو ما أدى إلى هذه الهزة، ولكن لن يكن الأمر مختلفا عما حدث خلال الأزمة المالية العالمية 2008، التي تجاوزتها الولايات المتحدة والعالم في نهاية الأمر.
متاعب هاريس الاقتصادية بدأت مبكرا
لكن المتاعب الاقتصادية أمام هاريس بدأت منذ وقت مبكر، وبالتحديد خلال آخر ثلاث سنوات في ولاية بايدن الحالية، حيث ألقى المستهلكون الأميركيون الغاضبون باللوم على البيت الأبيض في ارتفاع الأسعار، وحاولت إدارة بايدن السيطرة على التضخم لكبح جماح الأسعار، لكن ذلك جاء على حساب إضعاف سوق العمل، كما يوضح مقال لشبكة "سي إن إن".
وفي الشهر الماضي، وفر الاقتصاد الأميركي 114 ألف وظيفة فقط، وارتفع معدل البطالة إلى 4.3% من 4.1%، حسب تقرير الوظائف الأميركي الصادر مؤخرا، والذي وصفته "سي إن إن" بالكارثي، حيث أظهر تراجعا جذريا مقارنة بالأرقام المسجلة سابقا، إذ كان عدد الوظائف في يونيو الماضي 179 ألف وظيفة، و216 ألف وظيفة في مايو.
ويعلّق المحلل في شركة إدارة الأصول "إس بي آسيت" ستيفن إينيس، بأن التقرير تسبب في "انخفاض عوائد الأسهم والسندات" في بورصة "وول ستريت: في نيويورك.
تدخل مرتقب للاحتياطي الفدرالي
وأشارت "فايناشيال تايمز"، إلى أن الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، ثبت أسعار الفائدة، الأسبوع الماضي، لكن رد فعل السوق بعد بيانات الوظائف يشير إلى أن المستثمرين يعتقدون أن الاحتياطي الفدرالي الأميركي، ربما ارتكب خطأً في عدم خفض أسعار الفائدة.
وانضم اقتصاديون في "جي بي مورغان" إلى مجموعة متزايدة من استراتيجيي "وول ستريت" خلال عطلة نهاية الأسبوع في دعوة المجلس لخفض الفائدة بمقدار 0.5 نقطة مئوية في اجتماعيه المقبلين.
ويراهن المستثمرون على أن مجلس الاحتياط الفدرالي، سيخفض تكاليف الاقتراض بأكثر من نقطة مئوية كاملة بحلول نهاية العام لمواجهة الاقتصاد المتباطئ.
وقال ريك ريدر، رئيس قسم الدخل الثابت العالمي في بلاك روك: "أعتقد أن أسعار الفائدة مرتفعة جدا". وأضاف أنه بينما كان الاقتصاد لا يزال "قويا نسبيا"، كان يجب على المجلس أن يخفض أسعار الفائدة إلى نحو 4% "في أقرب وقت ممكن".
ومع ذلك، قالت ديانا إيوفانيل، كبيرة الاقتصاديين في "كابيتال إكينوميكس" في لندن، إن "تقييمات الأسهم لا تزال بعيدة عن الإشارة إلى كارثة اقتصادية".
وأضافت: "زادت المخاوف المتجددة من ركود اقتصادي أميركي من فرص خفض إضافي لأسعار الفائدة من مجلس الاحتياط الفدرالي. ولكننا لا نعتقد أن الاقتصاد الأميركي سيمنع انتعاش سوق الأسهم لفترة طويلة".
وقال إينيس إنه في حال "خفض الاحتياطي الفدرالي في سبتمبر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس"، بدلاً من 25 نقطة توقعها السوق، "فستكون هذه طريقته للإقرار" بأنه استغرق وقتاً طويلاً قبل تخفيف سياسته النقدية.
أزمة في الأسواق المالية
وخلال الهزة التي وقعت قبل أيام، وصلت أسعار الفائدة الأميركية التي تتحرك في الاتجاه المعاكس لأسعار السندات تراجعها، لتصل إلى 3.76 بالمئة في الساعة 07:25 توقيت "غرينتش"، مقارنة مع 3.79 بالمئة الجمعة للسندات التي يبلغ أجلها عشر سنوات، وهو ما يظهر اهتمام المستثمرين بالتوجه إلى أصول توفر مزيداً من الأمان مقارنة بالأسهم التي تعتبر أصولاً محفوفة بالمخاطر.
وفي أسواق الأسهم الآسيوية، كان انخفاض المؤشرات أكثر وضوحاً الإثنين، لا سيما في طوكيو التي تراجع مؤشرها الرئيسي، نيكي، بنسبة 12.4 بالمئة، بمقدار 4400 نقطة مسجلاً أسوأ انخفاض تاريخي له منذ انهيار سوق الأسهم في أكتوبر 1987،وهبط مؤشر توبكس الأوسع نطاقا بنسبة 12.23 بالمئة.
وفي أوروبا، تراجعت مؤشرات الأسهم الرئيسية عند الافتتاح لتنخفض في باريس بنسبة 2.42 بالمئة ولندن 1.95 بالمئة وفرانكفورت 2.49 بالمئة، وأمستردام 3.05 بالمئة، وميلانو 3.31% بالمئة، وزوريرخ 2.97 بالمئة، ومدريد 2.79 بالمئة.
كما تأثر النفط بمخاوف الركود؛ فقد انخفض سعر برميل برنت من بحر الشمال بنسبة 0.89% إلى 76.13 دولار قرابة الساعة 14:00 بتوقيت "غرينتش"، وخسر المعادل الأميركي، برميل "غرب تكساس" الوسيط، 0.95% من سعره ليصل إلى 72.82 دولار، بعيد انخفاضه إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر.
وبالمثل، تعثرت أسهم التكنولوجيا ذات القيمة العالية في ظل وضع الاقتصاد الكلي والشكوك حول آفاق نمو القطاع. وفي نيويورك انخفض سهم "إنفيديا" أكثر من 10%، وانخفض سهم "تيسلا" 7.77%، و"ألفابت" 3.46%، و"أبل" 5.05%، و"أمازون" 5.95%، و"ميتا" 4.71%، و"ميكروسوفت" 4.33%، وفي أوروبا، انخفض سهم "إيه إس إم إل" بنسبة 2.10%، و"إس إيه بي" بنسبة 4,35%، و"كابجيميني" بنسبة 3,79%.
]]>