ستدمر 80% من قدراته.. هل توجه إسرائيل "ضربة استباقية" لحزب الله؟

في الوقت الذي تستعد فيه إسرائيل لـ"الهجوم الانتقامي" المرتقب من إيران وحزب الله، يدور جدل حول إمكانية تنفيذ "ضربة استباقية" ضد الحزب، ولكن هناك مخاوف من اتساع رقعة الصراع لتيحول إلى "حرب إقليمية".

وهناك انقسام داخل إسرائيل حول الأمر، فمثلا وزير الدفاع يوآف غالانت قال مؤخرا إنه كان يؤيد الهجوم على حزب الله في العاشر من أكتوبر الماضي، وأوصى بذلك في اجتماع حكومي، لكنه اليوم أن الأمر غير ملائم اليوم، مفضلا الذهاب إلى اتفاق بشأن الأسرى في قطاع غزة.

لكن هناك أيضًا عدد متزايد من المسؤولين الأمنيين الحاليين والسابقين، فضلاً عن السياسيين من الوسط واليمين واليمين المتطرف، الذين يعتقدون أن التوقيت قد يكون مناسبًا لإسرائيل لاتخاذ نهج هجومي مع حزب الله، الذي حشد أكثر من 100 ألف جندي، ومئات الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار وغيرها من المقذوفات على طول الحدود الشمالية لإسرائيل، حسب جريدة "وول ستريت جورنال".

نهج أكثر عدوانية

وتقول الجريدة الأميركية إن قيادة القيادة الشمالية لإسرائيل، الفرع العسكري المسؤول عن الحدود مع لبنان، تدفع باتجاه نهج أكثر عدوانية ضد حزب الله مما اتخذته إسرائيل خلال الحرب الحالية، كما يقول مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون.

وقال مسؤول أمني كبير إن الرد غير المتناسب من جانب حزب الله يمكن أن "يؤدي إلى هجوم إسرائيلي سيؤدي إلى واقع جديد على الحدود الشمالية". 

ويرى عاموس يدلين، مسؤول استخباراتي سابق ورئيس شركة مايند إسرائيل، وهي شركة استشارات للأمن القومي، أن التوصل إلى اتفاق دبلوماسي، رغم أنه مفضل، غير مرجح في هذه المرحلة، ومن الناحية الاستراتيجية، فهو يعتقد أن إسرائيل يجب أن تنتظر حتى بعد هجوم حزب الله حتى يكون لديها المبرر اللازم لشن حملة سريعة وقوية يمكن أن تشل الجماعة في غضون أيام أو أسابيع مع التمتع بدعم الولايات المتحدة. 

وأكمل يادلين: "هذا يكفي.. بما أن حماس قد تم تدميرها بشكل أساسي، فقد حان الوقت للانتقال إلى الشمال".

داخل حكومة نتنياهو، دعا وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير إلى الحرب مع حزب الله، كما فعل أعضاء حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه نتنياهو، وحتى السياسيون الوسطيون، مثل رئيس حزب الوحدة الوطنية بيني غانتس، دعوا إسرائيل إلى ضرب البنية التحتية اللبنانية، وهي خطوة هجومية من المرجح أن تؤدي إلى اندلاع حرب. 

اندلاع الحرب مجرد مسألة وقت

لطالما اعتبرت الحرب بين إسرائيل وحزب الله حتمية، لذا فهي مجرد مسألة توقيت، كما يقول محللون أمنيون. وفي ظل ضربة انتقامية متوقعة من إيران وحزب الله رداً على عمليات الاغتيال في بيروت وطهران، يمكن أن يكون لدى إسرائيل المبررات التي تحتاجها لضرب الجماعة بقوة كافية لردع الهجمات المستقبلية لسنوات عديدة قادمة، وتحشد القوات الإسرائيلية على الحدود، كما نقلت الولايات المتحدة قطع حربية إلى المنطقة، بما في ذلك غواصة مزودة بصواريخ موجهة.

وهناك أيضاً ضغوط هائلة على الحكومة لتوجيه ضربة لحزب الله حتى يتمكن 60 ألف إسرائيلي نزحوا من العودة إلى ديارهم. 

وقال يوآف كيش، وزير التعليم وعضو ائتلاف نتنياهو، في مقابلة إذاعية يوم الأحد: "لا أرى أي طريقة لإعادة السكان إلى شمال إسرائيل دون حرب قوية ضد حزب الله في لبنان". 

الوقت غير مناسب

ومع ذلك، وبعد عشرة أشهر من الحرب في غزة، يرى البعض أن الآن هو الوقت غير المناسب للدخول في حرب أخرى، فلقد استنفدت قوات الاحتياط الإسرائيلية والاقتصاد يعاني، إذ خفضت وكالة "فيتش" الإثنين الماضي التصنيف الائتماني للبلاد، مشيرة إلى العمليات العسكرية على جبهات متعددة، وتحتاج البلاد أيضًا إلى الوقت لتجديد مخزونها من الأسلحة. 

والأخطر من ذلك هو أن تدمير أقوى وكيل لإيران يخاطر بحدوث مواجهة مباشرة مع طهران، وهي مواجهة من شأنها أن تؤدي على الأرجح إلى حرب إقليمية شاملة يمكن أن تنتشر إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط، ومن المحتمل أن تجر الولايات المتحدة إلى الصراع، وتعمل الولايات المتحدة وأوروبا والحلفاء العرب في الشرق الأوسط جميعًا على تجنب مثل هذا السيناريو.

وعارض غالانت أولئك الذين يدعون إلى الحرب مع حزب الله. وقال في جلسة برلمانية إن "ظروف الحرب في لبنان القائمة اليوم هي عكس ما كانت عليه في بداية الحرب".

 وذكرت جريدة "وول ستريت جورنال" أن غالانت دعا إلى شن هجوم إسرائيلي على لبنان بعد 7 أكتوبر مباشرة، لكن الرئيس بايدن نجح في حث الإسرائيليين على وقف مثل هذه الخطط.

إعادة احتلال الجنوب اللبناني

مثل هذه الحرب ستكون مدمرة لكلا الجانبين، فحزب الله يشبه جيشا مسلحا أكثر من كونه جماعة مسلحة تقليدية، حيث يمتلك ما يكفي من الصواريخ والطائرات بدون طيار للتغلب على الدفاعات الجوية الإسرائيلية وآلاف من المشاة المدربين جيدا، ومع احتمال وقوع خسائر في صفوف المدنيين على الجانب الإسرائيلي، فإن الجيش الإسرائيلي سيسعى إلى إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن من خلال حملة جوية عقابية تستهدف المجموعة المتمركزة في القرى على طول الحدود الجنوبية، والبنية التحتية اللبنانية، كما يقول محللون أمنيون. وقال المحللون إن من المرجح أن تقوم إسرائيل بتدمير القرى اللبنانية الواقعة بالقرب من إسرائيل، ويمكن أن تعيد احتلال جنوب لبنان وإنشاء منطقة عازلة جديدة. 

ويرى البعض أن الجيش يجب أن يضرب لبنان بشكل استباقي.، فيقول أمير أفيفي، النائب السابق لقائد فرقة غزة بالجيش الإسرائيلي والذي يرأس الآن منتدى الأمن والدفاع الإسرائيلي، وهو مركز أبحاث: "هناك فرق كبير بين من يهاجم أولاً". 

وقال إن إسرائيل ستدمر 80% إلى 85% من قدرات حزب الله في هجوم وقائي، محذرا من أنه إذا هاجم حزب الله أولاً، فقد يكون الأمر مدمرا.  

وتعمل الولايات المتحدة والدول الحليفة على الخطوط العريضة لاتفاق بين إسرائيل وحزب الله كان من شأنه أن يؤدي إلى ابتعاد الجماعة عن حدود إسرائيل، لكن تلك المحادثات تعثرت مع محاولات التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. ويرى كثيرون في إسرائيل أيضاً أن أي اتفاق دبلوماسي دون رد عسكري من شأنه ببساطة أن يؤخر حرباً حتمية، حيث من المرجح أن يعود حزب الله إلى حدود إسرائيل ويجدد الأعمال العدائية في المستقبل. 

تأييد نهج أكثر عدوانية مع حزب الله

وفي استطلاع للرأي نشره المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، يؤيد 67% من الإسرائيليين اتباع نهج أكثر عدوانية تجاه حزب الله، وقال 42% إن ذلك يجب أن يشمل ضربات على البنية التحتية اللبنانية.

وقال جيورا إيلاند، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، إن إسرائيل يجب أن توافق على وقف إطلاق النار في غزة وإعادة الرهائن الإسرائيليين إلى الوطن، حتى لو كان ذلك يعني بقاء حزب الله على حاله وبقاء حماس في غزة في الوقت الحالي. 

ولكن إذا لم تتخذ حكومة إسرائيل هذا القرار، فقد قال إنها يجب أن تشن حربًا واسعة النطاق ضد الدولة اللبنانية بدلاً من الحفاظ على الوضع الراهن، لكنه يرى أن "الخيارين سيئين"، ولكن يجب الاختيار بينهما.

]]>

Previous
Previous

استمرار التوغل الأوكراني في روسيا.. وموسكو تضطر لإجلاء 200 ألف شخص

Next
Next

هل تنقذ المياه الجوفية تونس من الجفاف؟