بنسلفينيا تفلت من قبضة ترامب

"الطريق إلى البيت الأبيض يمر عبر ولاية بنسلفينيا"، هكذا يقول المهتمون بالشأن السياسي الأميركي، كونها أكبر ولاية متأرجحة في أميركا، وعلى الرغم من أهميتها الانتخابية القصوى، إلا أن الرئيس السابق دونالد ترامب لم يبذل الجهد الكافي حتى الآن لضمان أصوات سكانها، خصوصا أصحاب الأصول الأسبانية، وهم التركيبة السكانية الأسرع نموا في الولاية.

وقالت "فاينانشيال تايمز" إن عدد البالغين من ذوي الأصول الأسبانية في ولاية بنسلفينيا بلغ نحو 600 ألف، منهم 100 ألف فقط صوتوا خلال دورتي الانتخابات الماضيتين في العامين 2016 و2020.

ويرى المستشار الجمهوري المقيم في فيلادلفيا ألبرت أيزنبرغ أن الحزب يرتكب خطأ بتجاهله تلك الفئة، متابعا: "يبدو أننا نرتكب خطأً غير مقصود.. يمكن أن يكون اللاتينيون العامل الحاسم" في الانتخابات.

الديمقراطيون يتقدمون في هذا الملف

وعلى الجانب الآخر، عمل الديمقراطيون، ومنذ بدء حملة الرئيس الحالي جو بايدن في إعداد إعلانات باللغة الإسبانية في ولاية بنسلفينيا، منذ مارس الماضي، والآن قررت المرشحة الجديدة للحزب الديمقراطي كامالا هاريس تنظيم جولة انتخابية بالولاية هذا الأسبوع

وقال فيكتور مارتينيز، صاحب أكبر شبكة إذاعية باللغة الإسبانية في بنسلفينيا ومذيع برنامجها الصباحي من ألينتاون: "لم يسبق لي أن رأيت حملة تبدأ في وقت مبكر مثل بايدن - عادة ما يكون ذلك في سبتمبر".

وتابع: "ما يحيرني هو أن حملة ترامب لا تحاول حتى الوصول إلى المتحدثين باللغة الإسبانية.. كرجل أعمال، سأتعرض للإفلاس إذا تجاهلت جمهوري الأسرع نموًا".

لامبالاة حملة ترامب

وترى "فاينانشيال تايمز" إن "اللامبالاة الواضحة" من جانب حملة ترامب قد ترجع جزئيا إلى "الرضا عن النفس" بخصوص الاستطلاعات التي تظهر تقدم الرئيس السابق في بنسلفينيا.

ويبدو أن نجاته بصعوبة الشهر الماضي من الاغتيال في بتلر، وهي مدينة تقع شمال بيتسبرغ في غرب بنسلفينيا، أعطت المرشح الجمهوري المزيد من الزخم في الاقتراع، لكن منذ أن حلت هاريس مكان بايدن قبل شهر تقريبا، تغيرت الطاقة في الولاية بشكل كبير.

قالت ليندسي ويبر، المراسلة السياسية لجريدة "ذا مورنينغ كوول" المحلية في آلنتاون: "قبل أسابيع قليلة من تخلي بايدن عن الترشح، حضرت حدثًا لحملته وفي المجمل تواجد خمسة أشخاص، منهم أنا وباحث معارض لترامب.. لكن عندما أعادت حملة هاريس تسمية مكتب الحملة، كان مليئًا بالمتطوعين الجدد".

تقدم هاريس في بنسلفينيا 

وفق أحدث عينة من تقرير "كوك" السياسي، وهي مؤسسة تنبؤية مخضرمة، تضعها، بفارق خمس نقاط عن ترامب في ولاية بنسلفينيا.

وربما يعود تهاون حملة ترامب أيضا إلى حقيقة مفادها أن معظم ذوي الأصول الأسبانية في الولاية هم من بورتوريكو، ما يجعلهم مواطنين أميركيين. وعلى عكس المجتمعات الكبيرة في أمريكا الوسطى في شمال فرجينيا وماريلاند، أو الفنزويليين غير المسجلين في الولايات الحدودية للولايات المتحدة وفلوريدا، فإن البورتوريكيين لا يتعرضون لتهديد مباشر من تعهد ترامب بتنفيذ عمليات ترحيل واسعة النطاق للمهاجرين غير الشرعيين، وهذا يجعلهم أكثر انفتاحا على رسالته الاقتصادية، التي تلوم بايدن على التضخم ومشكلة الإسكان التي لا يمكن تحملها.

ما سر ثقة ترامب في حسم أصوات بنسلفينيا؟

وربما يستمد ترامب الثقة أيضًا من فوزه في ولاية بنسلفينيا العام 2016، حين هزم هيلاري كلينتون في الولاية بفارق 45 ألف صوت، أي بنسبة 0.72% فقط.

وشهدت السنوات الثمان منذ ذلك الحين تغيراً سكانياً سريعاً، ووصلت أعداد كبيرة من ذوي الأصول الأسبانية للعمل في المركز اللوجستي المزدهر في وادي ليهاي، كما انتقل العديد من سكان نيويورك الأثرياء، الذين يميلون إلى أن يكونوا ديمقراطيين، إلى المنطقة خلال جائحة "كورونا".

ويظل ترامب أول جمهوري يفوز بولاية بنسلفينيا منذ جورج بوش الأب في العام 1988.. فهل ينجح في إحداث صدمة أخرى؟ قال كريستوفر بوريك، خبير استطلاعات الرأي بكلية موهلينبيرج في ألينتاون، إن استطلاعات الرأي لم تستوعب بشكل كامل "التحول الخاطف" الذي أحدثته هاريس في سباق الرئاسة، حيث أصبح الديمقراطيون ينافسون مجددا على الولايات المتأرجحة، بعدما "خسروها" خلال فترة ترشح بايدن.

ترامب أمامه 80 يوما

والآن، لدى ترامب 80 يوما لتعويض ما فقده في ولاية بنسلفينيا وأماكن أخرى، لكن من الناحية العملية، يبدأ التصويت المبكر في منتصف سبتمبر، ومن المتوقع أن يصوت نحو ثلث سكان بنسلفينيا عبر البريد، وإذا استرشدنا بانتخابات التجديد النصفي لمجلس النواب في العام 2022، فإن التصويت سيكون في صالح الديمقراطيين.

وهنا مرة أخرى، يدوس ترامب على أولويات حملته. ويحاول الجمهوريون تثقيف ناخبيهم حول فوائد الاقتراع عبر البريد، فيما يكرر ترامب ادعاءه بأن الديمقراطيين سرقوا الانتخابات الرئاسية عام 2020 عن طريق الاحتيال عبر البريد. وفي الأيام الثلاثين المقبلة، يتعين على الجمهوريين أن يشجعوا مؤيديهم على التصويت مبكرا دون أن يتعارض الأمر مع نظرية الانتخابات المسروقة التي طرحها زعيمهم - وتحذيره من أن انتخابات 2024 ستزور أيضا.

]]>

Previous
Previous

يرونها نسخة جديدة من "أوباما".. ديمقراطيون يتبرعون لهاريس بملايين الدولارات

Next
Next

هل كسرت أوكرانيا حاجز الخوف من "نووي" بوتين؟