هل أخفقت هاريس في كسب أصوات الأميركيين الأفارقة؟
لم تكن الوعود التي أطلقتها المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأميركية كامالا هاريس للأميركيين من أصول أفريقية، كافية لنيل ثقتهم، خصوصا في ولاية ميشيغان، إذ أن الكثير من هم "غير متحمسين لها"
هذا ما كشفته جريدة "واشنطن بوست" بعد لقاءات مع أميركيين أفريقيين في الولاية التي تعد إحدى أهم الولايات المتأرجحة، والتي سيكون لها عامل حاسم في انتخابات الرئاسة الشهر المقبل.
ويقول بريان كيليان، 60 عاما، إن الحزبين - الجمهوري والديمقراطي - لا يهتمان بالأميركيين من أصول أفريقية، وحتى مع صعود هاريس، التي تتحدث عن أصولها الهندية والأفريقية، فإن رأيه لم يتغير
لا مبالاة بالانتخابات
ويعكس رأي كيليان حالة "اللامبالاة" لتلك الفئة بالانتخابات، بينما حاول مشاهير مثل أيقونة كرة السلة ماجيك جونسون، وحتى الرئيس السابق باراك أوباما، أن يطلقوا نداءات حماسية موجهة للأميركيين من أصول أفريقية لدعم هاريس بقوة أكبر.
وأشارت حملة هاريس يوم الاثنين إلى الحاجة إلى التواصل مع هذه الفئة الديموغرافية، حيث أطلقت "أجندة الفرص" للأميركيين الأفارقة، تتضمن عناصر مثل القروض للشركات الصغيرة والتركيز على التحديات الصحية التي تواجههم، ومع ذلك، فإن بعض المبادرات ليست جديدة أو لا تستهدفهم على وجه التحديد، ولم يكن من الواضح ما إذا كانت ستؤثر على رغبة هؤلاء الناخبين في مساندة هاريس.
عدم قبول "البرنامج الديمقراطي"
ويرجع عدم تأييد الأميركيين الأفارقة لهاريس بشكل كبير إلى أسباب عدة منها خوف البعض من عدم فهمها حقا لاحتياجاتهم الخاصة، ولكن السبب الأهم هو أنهم غير قادرين على رؤية أنفسهم في برنامج الحزب الديمقراطي، ويواجهون قرارا صعبا، وهو إما دعم هاريس على مضض، أو الانسحاب من الانتخابات، أو التصويت لصالح منافسها الجمهوري دونالد ترامب.
وقال جو بول، المدير التنفيذي لمنظمة "بلاك مين فووت"، إن هذا الموقف المتباين قد يكون حاسما في ولايات مثل ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا التي يمكن أن ترجح كفة الانتخابات.
وأضاف بول إن الرجال السود سيستفيدون من العديد من مقترحات هاريس السياسية، لكن من الأفضل لها أن تعالج بشكل أكثر وضوحًا أعباءهم الخاصة مثل ملف التعليم وعنف الشرطة وارتفاع معدلات السجن.
وأكمل بول أن بايدن كانت له رسالة واضحة للنساء من أصل أفريقي وهي "صوتوا لي وسأعطيكم قاضياً في المحكمة العليا، ونائبة رئيس من أصل أفريقي والعديد من التعيينات الفيدرالية"، داعيا هاريس أن تنتهج نفس الأسلوب في تعاملها مع الرجال من أصول أفريقية.
وأظهر استطلاع أجراه مركز "بيو" للأبحاث الأسبوع الماضي أن 72% من الناخبين السود المسجلين يدعمون هاريس مقارنة بـ 85% من النساء، وهي أغلبية قوية لكنها أضعف من موقف بايدن في هذه المرحلة من عام 2020.
وبينما صوت كيليان باي لصالح بايدن في عام 2020، وأكد موقفه الرافض لترامب، إلا أنه لا يزال غير متأكد مما إذا كان سيصوت هذه المرة.
انتقادات للحزب الديمقراطي
ويرى أحمد تايلور، (47 عاما)، أن الحزب الديمقراطي لا يعطي الأولوية للأميركيين السود، متعجبا من إرسال إدارة بايدن مئات الملايين من الدولارات إلى أوكرانيا، بينما ترك الأميركيين يعانون في الداخل.
ووصف تايلور تصويته لبايدن في عام 2020 بأنه "خطأ"، متمنيا لو دعم ترامب حينها، أما الآن فهو في حيرة بشأن التصويت في نوفمبر، "وفي الغالب يشعر باليأس".
وأضاف تايلور متحدثا عن حال مدينته بونتياك في ميشيغان: "لم يأتِ شيء بثماره. انظر إلى المدارس والملاعب والحدائق، وسط المدينة يعاني.. في مجتمعنا، عادة، نصوت للديمقراطيين، ولكن ما الذي عاد علينا؟".
وتابع تايلور، موجها حديثه إلى هاري: "امنحونا بعض الأمل في أنكم تستمعون إلى مخاوفنا”.
ومثل تايلور، اعترض ديمار بياس، الذي شارك في تأسيس منظمة لتوجيه الشباب في بونتياك، على إنفاق إدارة بايدن-هاريس على الصراعات في الخارج مقارنة بالقضايا المحلية، لكنه "سيصوت على مضض لصالح هاريس"، معتبرا الأمر "أقل الشرين"
وانتقد بياس "انفصال" الديمقراطيين عن المجتمع الأسود وعدم اعتراف بحاجاته، معقبا: "الآن أصبح الأمر مثل: مرحبًا، نحن بحاجة إليك – نحن بحاجة إلى هذه الأصوات".
التصويت لصالح ترامب
وقد دفع هذا الشعور بعض أصدقاء بياس إلى رفض الديمقراطيين تمامًا، ومنهم بشير عبد العزيز. ويخطط الرجل البالغ من العمر 46 عامًا التصويت لصالح ترامب، الذي قال إنه لا يحمل في قلبه المصالح الفضلى للرجال السود ولكنه "يدير البلاد مثل شركة تجارية"، بينما وصف هاريس بأنها امتداد لنفس الحزب الديمقراطي القديم الذي لم تتحقق وعوده للناخبين السود.
وقال عبدالعزيز: "الديمقراطيون يتحدثون عن تعويضات لليهود وللآسيويين ولهذا وذاك، ولكن ماذا عنا نحن السود؟"، متابعا: "أصوت دائمًا للديمقراطيين لأن هذا ما فعلناه، والآن بعد أن كبرت، وأصبح لدي أطفال، بدأت أرى الأشياء من خلال عدسة مختلفة".
قال جيمس جونسون، أحد مواطني بونتياك والمدير السياسي لمجموعة ديترويت أكشن، إنه على الرغم من أن الديمقراطيين لديهم منصة تتحدث إلى النساء السود، خاصة في قضايا مثل التعليم والتمثيل، إلا أنه نادرًا ما شعر أنها تستهدفه، داعيا حملة هاريس-فالز إلى التحدث عن القضايا المتنوعة التي تهم الرجال السود، وليس حصر الأمر فقط في مسألة "إصلاح العدالة الجنائية".
آراء رواد "محل الحلاقة المجتمعي"
وتحول "محل الحلاقة المجتمعي 313" في شمال غرب ديترويت بولاية ميشيغان إلى "صالون سياسي" لرواده من الرجال السود، الذين تناقشوا حول الانتخابات، ومنهم كيفن آشر، الذي يصف نفسه بأنه "لا يؤيد ترامب أبدًا"، وقد اعتاد المناقشات داخل المتجر، ويقول إن الأفضلية غالبا ما تكون لترامب أو انتقاد المرشحين على السواء.
ولم تعد هناك تلك المشاعر المؤيدة القوية لترامب كما كان الحال في الشهور الماضية، لكن الحديث يُظهر قدرًا كبيرًا من الشكوك حول هاريس، والتي سارع آشر إلى تحديها.
قال آشر، البالغ من العمر 52 عاماً، "إن الأمر دائمًا هو أن الديمقراطيين لا يهتمون بالسود، لكنني أتحداهم أن يبحثوا عن الإحصائيات"، مستشهدا بحديث للرئيس الأسبق بيل كلينتون في 1989، حين قال إن الرؤساء الديمقراطيين خلقوا 50 مليون وظيفة للأميركيين مقابل مليون وظيفة فقط في عهد نظرائهم الجمهوريين.
لكن آشر يعتقد أيضًا أن الديمقراطيين قاموا بعمل سيئ في نقل إنجازاتهم، مثل معدل البطالة بين السود المنخفض تاريخيًا في البلاد أو مشروع قانون مكافحة الإعدام خارج نطاق القانون الذي وقعه بايدن ليصبح قانونًا في عام 2022. وقال إن رسائل هاريس تجاه الرجال السود على وجه التحديد كانت غامضة، وخاصة في مواضيع مثل التعويضات.
وقال: "سيتعين عليها أن تعالج الأمر بشكل مباشر"، في إشارة إلى أجندتها الخاصة بالسود، والتي وصفها بـ"الضعيفة".
هاريس وتواصلها مع الأميركيين الأفارقة
وعندما سئلت هاريس عن تواصلها مع الرجال السود في مقابلة مع الرابطة الوطنية للصحفيين السود الشهر الماضي، قالت إنها تعلم أنها يجب أن تكسب أصواتهم تمامًا مثل أصوات أي شخص آخر. وتضمنت جهودها لقاءً مؤخرًا مع برنامج "All the Smoke"، وهو بودكاست رياضي استضافه لاعبون متقاعدون في الدوري الاميركي للمحترفين، و"جولة فرصة اقتصادية" تسلط الضوء على جهود الإدارة لمساعدة رواد الأعمال السود.
وقال أنطوان إيثريدج، 35 عاماً، إنه لا يستطيع أن يتخيل عدم ممارسة حقه في التصويت.
وأضاف إيثريدج أنه باعتباره أبًا لطفلين، فقد قرر التصويت لهاريس بعد أن سمعها تروج لفلسفتها الاقتصادية. وقال: "هذا ما جعلني أحبها إلى حد ما، لأنني كنت على الحياد في البداية.. لكن الأشياء التي قالتها عن الطبقة العاملة هي التي غيرت رأيي".
ودخل كوامي يامواه إلى المتجر في منتصف المناقشة ولم يتردد في الإعلان عن أن خطته الأولية كانت عدم التصويت: "كما أرى، كلا الحزبين هما نفس الشيء".
وقال يامواه، البالغ من العمر 75 عاماً، وهو أصلاً من غانا، إن الديمقراطيين والجمهوريين مدينون بالفضل لمصالح الشركات المماثلة، مما يجعل صوته غير مهم، لكنه كان لديه أيضًا مخاوف بشأن هاريس، بما في ذلك السنوات التي قضتها بوظيفة كبير المدعين العامين في كاليفورنيا، حيث شعرت أنها لعبت دورًا في النظام القانوني الجنائي الأمريكي الذي كان له نتائج أسوأ بالنسبة للسود وذوي الدخل المنخفض، ولم يفهم لماذا لا تتحدث أكثر عن علاقتها بوالدها، وقال يامواه إنه سيصوت لصالح هاريس، لكن فقط لإرضاء النساء في عائلته.
]]>