"وول ستريت جورنال": هزيمة نظام الأسد أمام المعارضة السورية كشفت ضعف حلفائه
أربع سنوات استغرقتها قوات النظام السوري وداعميه من أجل السيطرة على حلب، التي عادت إلى سيطرة المعارضة السورية في غضون أيام قليلة من إطلاقها عملية "ردع العدوان".
وسلطت جريدة "وول ستريت جورنال" الضوء على هذه المفارقة، مرجعة ذلك إلى الحروب التي اندلعت خارج سوريا خلال الفترة الماضية، وأدت إلى "إضعاف" حلفاء الرئيس بشار الأسد.
وقال أندرو تابلر، وهو زميل بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والذي شغل منصب مدير شؤون سوريا في البيت الأبيض في عهد ترامب: "إنه تحول جذري".
وأضافت الجريدة الأميركية: "لقد تدخلت القوى الإقليمية والدولية في سوريا منذ أكثر من عقد من الزمن، والآن تؤثر الصراعات في أوكرانيا وغزة ولبنان على مجريات المعركة في حلب وما حولها".
تورط حلفاء الأسد في حروب
وأشارت إلى تورط ميليشيا حزب الله والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإيران في صراعات "هددت بقائهم"، وأصبح دعمهم لحليفهم في سوريا "ليس أولوية"، مقابل استفادة تركيا، التي تدعم بعض فصائل المعارضة، من الاضطرابات الأخيرة.
وقالت أسلي أيدينتاشباش، المتخصصة في الشؤون التركية في معهد بروكينغز: "لقد تم إضعاف روسيا وإيران وهزيمة حزب الله، وكل هذا خلق فرصة هائلة".
وعلى أقل تقدير، ستؤدي التطورات الأخيرة إلى وقف تدفق اللاجئين السوريين إلى تركيا، وهي مشكلة سياسية كبيرة هناك، واعتماداً على كيفية تطور القتال في الأسابيع والأشهر المقبلة.
نصر "إعجازي"
ووصفت "وول ستريت جورنال" مشاهد احتفال قوات المعارضة في قلعة حلب القديمة بعد سيطرتهم عليها وباقي مناطق المدينة بـ"المعجزة"، حيث لم يتوقع أحد، وحتى المعارضة نفسها، انهيار جيش النظام وفراره بهذه السرعة.
وأكملت: "سيُظهر القتال في الأيام المقبلة ما إذا كان" قوات النظام "قادرة على إعادة تجميع صفوفها والقيام بهجوم مضاد، أم أنها ستواصل الانسحاب الفوضوي من المراكز السكانية الرئيسية الأخرى".
وترى أن العامل الأكثر أهمية وراء خسارة الأسد لحلب هو "هزيمة حزب الله في جنوب لبنان"، حيث كانت الميليشيا اللبنانية، المجهزة من إيران وروسيا، هي قوة المشاة الأكثر قدرة على القتال إلى جانب الأسد، وكان لها دور فعال في في الحرب بسوريا خلال الفترة الماضية.
وقال نوفار شعبان، الباحث في الشأن السوري في مركز حرمون للدراسات المعاصرة في إسطنبول، إن "حزب الله مصاب بالشلل"، مضيفا "لقد خلق هذا فراغا كبيرا... وعلى الرغم من وجود قوات النظام في حلب، إلا أنها لم تكن مدربة، وكانت تفتقر إلى الانضباط العسكري والتكتيكات، وحتى خطة انسحابها كانت كارثة".
ومنذ بدأت حرب غزة، فقدت إيران أيضاً بعضاً من كبار قادة الحرس الثوري في سوريا ولبنان بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية. وبدلاً من استعراض القوة، أدى الانتقام الإيراني ضد إسرائيل ــ وهو أول تبادل صاروخي مباشر بين البلدين ــ إلى القصف الإسرائيلي للدفاعات الجوية الإيرانية ومنشآت إنتاج الأسلحة، وكان ذلك بمثابة ضربة لقوة طهران العسكرية وهيبتها السياسية على حد سواء.
بالنسبة لروسيا، تم الإعلان عن تدخلها عام 2015 لإنقاذ نظام الأسد باعتباره انتصارًا جيوسياسيًا كبيرًا أزاح الولايات المتحدة، باعتبارها القوة المهيمنة الوحيدة في الشرق الأوسط، ثم جاء غزو أوكرانيا عام 2022، والذي تحول بدلاً من النصر السريع الذي توقعه بوتين إلى حرب استنزاف دموية.
وسقطت القوات الروسية النظامية مئات الآلاف من الضحايا وفقدت عدة آلاف من الدبابات والمركبات القتالية منذ ذلك الحين. فقد تم تدمير مجموعة فاغنر شبه العسكرية، التي لعبت دورا حاسما في سوريا، وقتلت قيادتها في أعقاب الانقلاب الفاشل ضد بوتين العام الماضي.
ولم تتدهور القوات الجوية الروسية، التي لا غنى عنها لبقاء الأسد، مثل القوات البرية الروسية في أوكرانيا، لكنها فقدت أيضًا جزءًا كبيرًا من قوتها النارية وتعمل بجزء صغير من قوتها السابقة في سوريا. ووفقاً لمحللين مفتوحي المصدر في شركة أوريكس الاستشارية، تم تدمير حوالي 117 طائرة حربية روسية خلال ما يقرب من ثلاث سنوات من الحرب الأوكرانية، وتضررت 15 طائرة أخرى.
وفي حين نفذت القوات الجوية الروسية سلسلة من الغارات الجوية في سوريا في الأيام الأخيرة، إلا أن هذه الضربات كانت محدودة ولم تفعل الكثير لوقف تقدم المتمردين. وقال معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لفريق الطوارئ السوري، وهي مجموعة تدافع عن الديمقراطية في سوريا: "الروس مشغولون للغاية في أوكرانيا، وهذا جزء كبير منه". "الحمد لله على الأوكرانيين."
المعارضة السورية تتفادى أخطاء الماضي
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى التغييرات على الطرف الآخر من القتال، وهي قوات المعارضة السورية، مؤكدة أنها وعلى عكس السنوات الماضية "بدت أحسن تدريبا وتسليحا"، واعتمدت بشكل كبير على تكنولوجيا الطائرات بدون طيار المطورة خلال الحرب في أوكرانيا.
ولفتت إلى "محاولة أحد فصائل المعارضة، وهو هيئة تحرير الشام، تجنب أخطاء الماضي وإبراز صورة الاعتدال، حيث دعا قائدها أبو محمد الجولاني، أتباعه إلى تجنب إيذاء الأقليات، والحفاظ على النظام في المدينة. وجاء في مرسومه أن حلب كانت دائماً – وستظل – ملتقى للحضارات والثقافات، ولها تاريخ طويل من التنوع الثقافي والديني".
وربطت الجريدة الأميركية بين الهجوم على حلب واتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين إسرائيل وحزب الله في لبنان.
وفي هذا السياق، يرى سفير الولايات المتحدة السابق في سوريا وزميل معهد الشرق الأوسط روبرت فورد أن قوات المعارضة "كانت مستعدة منذ فترة لتنفيذ العملية، لكن الأتراك أعاقوهم"، وعقب: "لكن بمجرد وقف إطلاق النار في لبنان، فإن الهجوم على حلب لم يعد يبدو وكأن تركيا تقاتل عدوًا لإسرائيل".
]]>