جولة بين مقتنيات قصر الأسد.. "أدوية للقلق" ومخبأ تحت الأرض

وسط ملصقات ممزقة في كل مكان تحمل صورة بشار الأسد، تجول مقاتلو المعارضة والمدنيون في القصر الرئاسي للرئيس السوري المخلوع، الذي فر إلى روسيا قبل أيام، وذلك بعدما كان ممنوعا على الجميع حتى الاقتراب منه.

وفي مكتب الأسد المهجور، كان سطحة والأرضية حولة مليئين بالكتب والأوراق مثل تاريخ الجيش الروسي، وخريطة لشمال شرق سوريا، وسيرة ذاتية عن نفسه، وكانت شرائط حبوب "البنزوديازيبين" المضادة للقلق موجودة في عبواتها على المكتب، حسب جريدة "وول ستريت جورنال".

القصر يكشف أيام الأسد الأخيرة في الحكم

وقدم القصر لمحة عن الأيام الأخيرة للديكتاتور الذي استخدم التعذيب والتفجيرات والأسلحة الكيميائية لأكثر من عقد من الزمن في حرب لقمع الثورة ضده، التي بدأت خلال احتجاجات الربيع العربي في عام 2011. 

وفي الأيام الأخيرة، احتشد المتظاهرون في ساحة الأمويين وسط العاصمة، والتقطوا الصور مع مقاتلين معارضين يحملون بنادق هجومية ويلوحون بعلم الثورة السورية باللون الأخضر والأبيض والأسود.

وبعد حرب استمرت لسنوات، انهار النظام في أقل من أسبوعين، حيث لم يتمكن حليفاه، روسيا وإيران، من مساعدته في وقف تقدم المعارضين، واستولت المعارضة على سلسلة من المدن السورية، مما مهد الطريق للسيطرة على العاصمة يوم الأحد دون احتكاك تقريبًا.

جولة في جناح القصر

ويوم الثلاثاء، في قاعة الدخول إلى جناح القصر الذي يضم مكتب الأسد، كان جندي من المعارضة يحمل بندقية "كلاشينكوف" على كتفه مع اثنين من رفاقه يتجولون على شريط من السجادة الحمراء التي تقطع أرضية رخامية.

ويرى مصطفى حسن، وهو مدرس التاريخ السابق من مدينة الرقة السورية، الذي انضم إلى الثورة عام 2011 وحمل السلاح إن "الكابوس انتهى"، مستذكرا الفترة التي قبع فيها في سجن تنظيم "داعش"، خلال الفترة التي سيطر فيها على الرقة.

وقال حسن: "لقد انتهينا من معركة، وبدأنا أخرى: معركة بناء وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى".

ويظل القصر الرئاسي الفارغ الآن، والذي يقع على قمة تل بجوار دمشق، بمثابة نصب تذكاري للنظام المهزوم، وقد تم تصميم المبنى من قبل مهندس معماري ياباني، ثم جرى الانتهاء منه في عام 1990 في ظل حكم حافظ الأسد، ويعتبر المبنى من بقايا العمارة الاستبدادية، مع قاعات واسعة مكعبة الشكل.

مخبأ تحت الأرض

يحتوي القصر على قاعتين على الأقل لاجتماعات مجلس الوزراء، واحدة فوق الأرض والأخرى تحت الأرض، والغرفة تحت الأرض هي جزء من مخبأ يبدو أنه تم بناؤه في حالة الطوارئ القصوى.

وفي غرفة مجلس الوزراء، الواقعة على ثلاثة طوابق أسفل القصر في جبل قاسيون في سوريا، توجد لوحات نحاسية تحمل أسماء مقاعد وزير الدفاع والعديد من القادة العسكريين. على رأس الطاولة، مكان الأسد مكتوب عليه "القائد الأعلى". تتصل الغرفة بأماكن معيشة تحت الأرض، وتحتوي على غرفة نوم وحمام، بالإضافة إلى أماكن إقامة للموظفين.

وقام مقاتلو المعارضة بتأمين القصر بعد أن اقتحمت حشود من السوريين المبتهجين المجمع يوم الأحد، ونقلوا الأثاث والأعمال الفنية، وقام البعض بتصوير مقاطع فيديو لأنفسهم وهم في مرآب مليء بالسيارات الرياضية، بما في ذلك سيارات أستون مارتينز ولامبورغيني. 

وكان الهدوء الذي ساد القصر يوم الثلاثاء جزءا من جهد أوسع بذلته هيئة تحرير الشام لتجنب الفوضى أثناء الفترة الانتقالية إلى حكومة جديدة. ويسعى المعارضون إلى الحفاظ على العديد من المؤسسات الحكومية وإبقاء بعض شرطة النظام السابق في أماكنهم.

إن انتصار المعارضة لديه القدرة على تغيير توازن القوى العالمي، مما يؤدي إلى هزيمة قاسية لروسيا، التي شنت حملة عقابية من الضربات الجوية في عام 2015 والتي ساعدت في صد تقدم المعارضون وإنقاذ نظام الأسد من الانهيار. كما أن استيلاء المعارضة على السلطة يؤدي أيضًا إلى تراجع بصمة إيران في الشرق الأوسط، مما يؤدي إلى عزل طهران عن المناطق القريبة من منافستها إسرائيل وقطع طرق الإمداد الرئيسية للميليشيات المتحالفة معها مثل حزب الله.

جاءت هزيمة الأسد عندما انشغل حلفاؤه بمشاكل أخرى. فروسيا غارقة في غزوها الواسع النطاق لأوكرانيا، في حين تضررت إيران من الهجوم العسكري الإسرائيلي هذا العام ضد حزب الله، الذي تدخل في الحرب إلى جانب نظام الأسد.

بدأ نقاش في الخارج حول كيفية التعامل مع هيئة تحرير الشام، المصنفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة والتي كانت ذات يوم حليفة

وقال زعيم الهيئة، أحمد الشرع، المكنى بـ"أبو محمد الجولاني"، إنه تخلى عن التطرف، وبلورت الجماعة رؤية لحماية الأقليات في سوريا الخاضعة لحكمها، وقد حافظت إدارة بايدن على مسافة بينها وبين الهيئة، على الرغم من أن بعض الدبلوماسيين الغربيين جادلوا بضرورة تجريدها من علامتها الإرهابية، وفق "وول ستريت جورنالأ".

تمزيق "وجه الأسد"

وفي جميع أنحاء العاصمة في الأيام الأخيرة، مزق السوريون وجه الأسد من ملصقات الزعيم السابق، وأطاحوا بتماثيل والده في جميع أنحاء البلاد، ومزقوا علم النظام باللون الأحمر والأسود والأبيض، واستبدلوه بالراية الجديدة ذات الألوان الخضراء والبيضاء والسوداء والنجوم الثلاث الحمراء. 

كان يوسف المصري، وهو عالم إسلامي من دمشق يبلغ من العمر 54 عاماً، مبتهجاً عندما وقف على حافة ساحة الأمويين يوم الثلاثاء. وقال إنه أصيب برصاصة في صدره خلال الانتفاضة الأولى ضد الأسد وسافر إلى الخارج لإجراء عملية جراحية، وأضاف أنه عاد بعد ذلك إلى العاصمة وبقي هناك بانتظار سقوط الأسد طيلة فترة الحرب، لقد أحضر بناته للمشاركة في الاحتفال بانهيار الدكتاتورية.

وقال: "لا توجد كلمات باللغة العربية أو بأي لغة أخرى تعبر عن الفرحة التي تغمر قلوبنا بعد انتهاء 45 عاماً من القمع.. اليوم، نحن نتنفس".

]]>

Previous
Previous

السوريون يبحثون عن أحبائهم في دفاتر المسلخ البشري "صيدنايا"

Next
Next

لارتكابهم جرائم حرب.. أميركا تطارد رجال الأسد