تقرير دولي يكشف تزايد التعاون بين "الحوثيين" وحركة الشباب في الصومال
كشفت وثيقة حديثة صادرة عن فريق خبراء تابع للأمم المتحدة تصاعد التعاون بين جماعة الحوثيين في اليمن وحركة الشباب الإرهابية في الصومال خلال العامين الماضيين، في خطوة يُنظر إليها على أنها تهديد خطير لاستقرار منطقة القرن الإفريقي والممرات البحرية الحيوية.
التقرير، الذي نشره موقع "يوراسيا ريفيو"، سلط الضوء على أبعاد هذا التحالف المتنامي، إذ أصبح التعاون بين الطرفين جزءا من استراتيجية واضحة للتوسع الإقليمي وتعزيز النفوذ العسكري والسياسي والاقتصادي لكل طرف.
ويشير التقرير إلى أن العلاقة بين الحوثيين وحركة الشباب لم تعد محدودة بمعاملات عرضية أو دعم مؤقت، بل تحولت إلى شراكة منظمة تشمل تبادل معلومات استخباراتية، نقل خبرات تدريبية، وتوفير أسلحة ومواد متفجرة، إلى جانب تكنولوجيا تصنيع عبوات ناسفة وطائرات مسيرة. ويقول التقرير إن "الحوثيين زودوا عناصر حركة الشباب بأسلحة خفيفة ومتوسطة، ومواد تفجير، وربما طائرات دون طيار وتقنيات تصنيع متفجرات". هذه القدرات، كما يوضح الخبراء، قد تُستخدم في تنفيذ عمليات إرهابية متطورة أو لشن هجمات تستهدف الممرات البحرية الحيوية مثل خليج عدن ومضيق باب المندب.
كما أظهر التقرير أن الحوثيين قاموا بتقديم تدريبات ميدانية لأعضاء حركة الشباب على تصنيع العبوات الناسفة واستخدام الطائرات المسيرة في العمليات الهجومية، وهو ما يمثل قفزة نوعية في القدرات القتالية للتنظيم الصومالي، ويزيد من المخاطر الأمنية في المنطقة. وقال التقرير "التعاون العسكري بين الحوثيين وحركة الشباب يشمل تدريباً مباشراً على استخدام تقنيات هجومية متقدمة"، ما يعكس مستوى التنسيق الذي وصل إليه الطرفان.
ويشير التقرير إلى أن هذا التعاون ليس عسكرياً فقط، بل له أبعاد اقتصادية مهمة، حيث يشمل تهريب الأسلحة والوقود والمواد عبر البحر الأحمر وخليج عدن والبحر الهندي، ما يعزز من مصادر تمويل الجماعتين ويمكّنهما من الاستمرار في نشاطاتهما المسلحة، ويضعف جهود الدول المجاورة والمجتمع الدولي في الحد من نفوذهما. وقال التقرير إن "شبكات التهريب المشتركة تمثل خطراً مزدوجاً على الأمن البحري والاقتصادي في المنطقة".
وتطرق التقرير كذلك إلى التحديات التي تواجهها الصومال والدول المجاورة في التصدي لهذا التحالف، مشيراً إلى أن السلطات الصومالية عثرت في الفترة الأخيرة على شحنات أسلحة ومتفجرات كان الهدف منها تعزيز قدرات حركة الشباب، وأن بعض هذه الشحنات كانت من اليمن، مما يؤكد وجود صلة مباشرة بين الحوثيين وحركة الشباب. وأكد التقرير "العلاقة بين الحوثيين وحركة الشباب تتجاوز الدعم العابر، لتصبح شراكة استراتيجية تشمل البعد العسكري والاقتصادي والسياسي".
ويقول الخبراء في التقرير إن هذا التحالف المتنامي يشكل تهديداً ليس فقط للصومال، بل للقرن الإفريقي بأكمله، ولأمن الممرات البحرية الحيوية، ويمثل تحدياً كبيراً أمام الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وتمويل الجماعات المسلحة. وقد دعا التقرير إلى ضرورة "تعزيز المراقبة الدولية على تدفقات الأسلحة بين اليمن والصومال، وتكثيف التعاون الأمني بين دول المنطقة والشركاء الدوليين".
ويشير التقرير إلى أن هذا التحالف قد يغير قواعد اللعبة في المنطقة، لأنه يتيح لكل طرف التوسع في نفوذه دون مواجهة مباشرة مع القوى الإقليمية والدولية، ويستفيد من الثغرات الأمنية البحرية والبرية لتوسيع نشاطه الإرهابي. وقال التقرير "استغلال الحوثيين لمنافذ التهريب في البحر الأحمر وخليج عدن يمكّن حركة الشباب من تطوير قدراتها التمويلية والقتالية دون رقابة فعالة".
وفي تحليل للتأثير المستقبلي لهذا التحالف، حذر التقرير من أن استمرار التعاون بين الحوثيين وحركة الشباب قد يؤدي إلى زيادة الهجمات الإرهابية في الصومال والمنطقة، وتهديد خطوط التجارة الدولية، وإطالة أمد النزاعات المسلحة في اليمن والصومال، ما يتطلب استجابة عاجلة من المجتمع الدولي والدول المجاورة. وأوضح التقرير "أي تأخير في التحرك لمواجهة هذا التحالف سيزيد من صعوبة الحد من نشاط الجماعات المسلحة ويزيد من تهديد الاستقرار الإقليمي".
ويختم التقرير بالتأكيد على أن التعاون بين الحوثيين وحركة الشباب ليس مؤقتاً، بل يشكل نمطاً متصاعداً قد يستمر إذا لم تتخذ خطوات عملية لمراقبة شبكات التهريب، ومتابعة التدريبات العسكرية غير القانونية، وفرض رقابة دولية وإقليمية صارمة على الممرات البحرية، لضمان عدم توسع نطاق تهديد هذه الجماعات. وقال التقرير في الخاتمة "المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لإيقاف توسع التعاون بين الحوثيين وحركة الشباب قبل أن يتحول إلى أزمة أمنية لا يمكن السيطرة عليها".