بالصدام أم الدبلوماسية.. ما هي سيناريوهات الخطة الأميركية لنزع سلاح حزب الله؟
تشهد منطقة الشرق الأوسط مرحلة إعادة تشكيل كبرى في ضوء التحولات الجيوسياسية المتسارعة حيث تسعى الولايات المتحدة إلى صياغة نظام إقليمي جديد تدفع فيه واشنطن نحو تعزيز حركة التطبيع بين الدول العربية مع إسرائيل، وإنهاء خطر وكلاء إيران في المنطقة.
وقال المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية إنه في هذا السياق ترى الإدارة الأميركية أن ملف نزع سلاح حزب الله يمثل أولوية قصوى لضمان استقرار لبنان، وفتح الفرصة أمام تقريب وجهات النظر مع إسرائيل، لكن المسار يواجه تعقيدات عميقة تتصل بتركيبة السلطة في لبنان وبالبيئة الإقليمية التي لا تزال غير مستقرة
الإطار الجيوسياسي الأمريكي
على مدى عقود اتسم الموقف الأمريكي من حزب الله بالثبات تصنيف إرهابي عقوبات مالية وضغوط سياسية بدأ ذلك منذ إدارة بيل كلينتون عام 1997 وتواصل عبر تشريعات مثل قانون منع التمويل الدولي لحزب الله 2015 وتعديلاته وصولا إلى إدارة ترامب التي استهدفت نوابا في البرلمان اللبناني ضمن سياسة الضغط الأقصى على إيران إدارة بايدن بدورها واصلت النهج نفسه عبر ملاحقة شبكات التمويل العابرة للحدود
غير أن التطور الأبرز في السنوات الأخيرة تمثل في انتقال واشنطن من سياسة الاحتواء إلى سياسة الإضعاف الهيكلي للحزب من خلال دعم الجيش اللبناني وتشكيل حكومات لا تمنح الحزب ثلثا معطلا والتأثير في مفاصل القرار المالي للدولة.
الموقف اللبناني
وفي 7 أغسطس الجاري، انسحب الوزراء الشيعة من اجتماع الحكومة اللبنانية رفضا لمناقشة المقترح الأمريكي لنزع سلاح الحزب متهمين الحكومة بالرضوخ لضغوط خارجية، فيما يتحجج حزب الله بوضع القوات الإسرائيلية في الجنوب وحسم أمرها قبل أي نقاش على سلاحه.
هذا الرفض يعكس هشاشة الموقف الداخلي إذ يملك الحزب قاعدة شعبية وترسانة عسكرية كبيرة، مما يجعل أي محاولة لفرض نزع السلاح بالقوة محفوفة بخطر التصعيد الداخلي وربما الصدام الأهلي.
خطة نزع السلاح الأمريكية
قدم المبعوث الأمريكي توم باراك ما يعرف بورقة باراك وهي خريطة طريق لنزع سلاح حزب الله وجميع الفصائل المسلحة قبل نهاية 2025 تتضمن الخطة أحد عشر بندا تشمل الالتزام باتفاق الطائف وقرارات مجلس الأمن وقف الأعمال العدائية تفكيك كل الجماعات المسلحة، ونشر الجيش على الحدود انسحاب إسرائيل من نقاط استراتيجية وترسيم الحدود مع إسرائيل وسوريا
تنفذ الخطة على أربع مراحل تبدأ بموافقة لبنانية رسمية وتقديم ضمانات دستورية يليها وقف كامل للعمليات العسكرية وانسحاب تدريجي إسرائيلي ونقل الأسلحة الثقيلة من الحزب إلى الجيش وانتهاء بالتفكيك الكامل للبنية العسكرية للحزب
ويرى المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن واشنطن تتحرك في هذا الملف وفق ثلاثة دوافع رئيسية، أولا استثمار انكسار الحزب الذي يعاني من تراجع حاد في قدراته بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل وخسارة قياداته البارزة وتراجع خطوط الإمداد بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، وثانيا دعم الدولة اللبنانية والضغط على حكومتها كي يتحمل الجيش مسؤولية نزع السلاح وثالثا إعادة رسم المشهد الإقليمي تفكيك ما تبقى من معاقل ما يسمى بـ"محور المقاومة" في لبنان وسوريا وفلسطين ودمج هذه الدول في مسار التطبيع الإقليمي.
ويخلص طرح المركز إلى أن الولايات المتحدة ستلجأ إلى مزيج بين الضغط الاقتصادي والسياسي والعمليات الإسرائيلية المحدودة لفرض واقع جديد يجعل الاحتفاظ بسلاح مكلفا لحزب الله وغير مستدام دون الانزلاق إلى حرب شاملة.