"لغة المستقبل".. الإمارات تبني قراراتها على تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي

بالتزامن مع الاحتفال دوليا بـ”يوم الإحصاء العالمي”، أعادت دولة الإمارات العربية المتحدة التأكيد على مكانتها الريادية في مجال توظيف البيانات والتحليل الإحصائي في صياغة القرارات الحكومية وصناعة السياسات العامة. وبينما تحتفي الأمم المتحدة هذا العام تحت شعار "القيادة بالتغيير من خلال بيانات عالية الجودة للجميع"، تمضي الإمارات بخطى متسارعة لترسيخ ما تصفه مؤسساتها الرسمية بـ"ثقافة القرار القائم على المعلومة الدقيقة".

تحوّل نوعي في المشهد الإحصائي

تقول حنان أهلي، مديرة المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، إن الدولة تشهد "تحولًا نوعيًا في منظومة العمل الإحصائي"، معتمدة على الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة في جمع وتحليل البيانات وربطها بمؤشرات التنمية المستدامة. وتضيف أن "البيانات لم تعد مجرد أرقام، بل أصبحت لغة المستقبل التي توجه السياسات وتستشرف الاتجاهات المقبلة".

وتوضح أهلي أن الجهود الحالية تركز على بناء نظام إحصائي متكامل يُمكّن صُنّاع القرار من الوصول إلى المعلومات الدقيقة في الوقت المناسب، مؤكدة أن "المعرفة القائمة على البيانات هي الأساس لأي سياسة فعّالة ومستدامة".

مبادرات وطنية موحدة

في إطار هذه الرؤية، أطلقت الإمارات عددًا من المبادرات الوطنية الرائدة، أبرزها مشروع "الأرقام الموحدة للإمارات"، الذي يهدف إلى توحيد البيانات الإحصائية بين الجهات الاتحادية والمحلية، وتوفير قاعدة بيانات مركزية تسهم في التخطيط الاقتصادي والاجتماعي. كما أطلقت الحكومة "مؤشر البيانات" (Data Index)، الذي يقيس أداء المؤسسات الحكومية في إدارة البيانات من حيث الجودة، الشفافية، وسرعة التحديث.

وترى الجهات المعنية أن هذه المبادرات تمثل نقلة نوعية نحو بناء بنية تحتية رقمية قادرة على دعم السياسات المستقبلية، وتوفير أرضية صلبة للابتكار في القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والطاقة.

حضور دولي متنامٍ

ولا تقتصر جهود الإمارات على المستوى المحلي، إذ نجحت الدولة في الانضمام إلى لجنة الإحصاء التابعة للأمم المتحدة للفترة 2025 – 2028، في خطوة تؤكد ثقة المجتمع الدولي بكفاءة النظام الإحصائي الإماراتي. كما تستضيف الدولة المقر الإقليمي لمنصة "البيانات الكبيرة من أجل التنمية المستدامة" التابعة للأمم المتحدة، لتصبح مركزًا محوريًا في تبادل الخبرات الإحصائية ودعم القدرات التقنية في المنطقة.

من الأرقام إلى القرارات الذكية

تؤمن الإمارات بأن البيانات هي "القوة الجديدة في عالم الإدارة والسياسات"، وأن من يمتلك المعلومة الدقيقة يمتلك القدرة على اتخاذ القرار السليم. وبفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، أصبحت المؤسسات قادرة على تحليل كميات ضخمة من البيانات لاستخلاص أنماط واتجاهات تساعد على التنبؤ بالتحديات المستقبلية وتقييم فعالية القرارات قبل تنفيذها.

رؤية تقوم على الشفافية والمعرفة

ومع توسّع مشاريع التحول الرقمي، تتجه الإمارات إلى ترسيخ بيئة "البيانات المفتوحة" التي تتيح للقطاعين العام والخاص الاستفادة من المعلومات في مجالات الابتكار والنمو. ويؤكد خبراء أن هذا التوجه يعزز مبادئ الشفافية والمساءلة، ويجعل من الدولة نموذجًا عالميًا في "الحوكمة القائمة على المعرفة".

وفي الختام، تبدو الإمارات اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق رؤيتها بأن تكون القرارات مبنية على "لغة المستقبل"، حيث لا مكان للتقدير العشوائي، بل للمعلومة الدقيقة التي تُوجّه التنمية وتصنع الفرق.

Previous
Previous

أهالي الحسكة: قرار إيقاف التسجيل في جامعة الفرات يهدد مستقبل أبنائنا

Next
Next

الحياة تحت حكم الحوثيين.. سجون وتجويع وأشخاص فوق المحاسبة