"حصان طروادة".. أسطورة يونانية وراء أقسى ضربة أوكرانية ضد روسيا
عمود دخان يتصاعد من موقع عسكري روسي بعد استهدافه من قبل أوكرانيا، 1 يونيو 5202. (الإنترنت)
أشاد قادة عسكريون أميركيون متقاعدون بالعملية الاستخباراتية النوعية التي نفذتها أوكرانيا ضد روسيا مؤخرا، حين هاجمت بطائرات مسيرة قواعد جوية موجودة في العمق الروسي، حيث وصفه أحد الخبراء بأنه "استنساخ" للأسطورة اليونانية "حصان طروادة".
تدمير 40 طائرة منها قاذفات نووية
وقال موقع "نيوزويك" الأميركي أن الهجوم المفاجئ، الذي ضرب مواقع متعددة في عمق الأراضي الروسية، أدى إلى تدمير أكثر من 40 طائرة عسكرية، بما في ذلك قاذفات نووية، وقد جاء هجوم كييف في الوقت الذي تستمر فيه محادثات السلام، لكنها لم تُسفر عن نتائج تُذكر في الأيام الأخيرة.
لطالما أعرب الرئيس دونالد ترامب عن إحباطه من بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لا سيما مما اعتبره ترامب افتقارًا محتملًا للاهتمام بالتوصل إلى اتفاق سلام فعلي. وقد تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في غضون 24 ساعة، لكنه لم يتمكن حتى الآن من إنهاء الصراع، الذي بدأ في فبراير 2022.
وصرح جهاز الأمن الأوكراني أمس الأحد بأن "قاذفات العدو الاستراتيجية تحترق بأعداد كبيرة في روسيا"، مؤكدًا أن أوكرانيا تُجري "عملية خاصة واسعة النطاق تهدف إلى تدمير طائرات العدو القاذفة"، وفقًا لما ذكرته يورو نيوز.
مع إصابة 41 طائرة عسكرية، وصف بعض المعلقين الهجوم الأوكراني بطائرات بدون طيار بأنه "بيرل هاربور" الروسي. كان الهجوم على بيرل هاربور في ديسمبر 1941 غارة جوية مفاجئة شنتها اليابان على الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية. يأتي هجوم كييف في أعقاب التقدم البري الذي أحرزته القوات الروسية في الأيام الأخيرة في منطقة سومي الحدودية الأوكرانية.
"لشهور، اعتقد البعض أن أوكرانيا "لا تملك أي أوراق". لقد دحض الكثير منا هذا الادعاء، قائلين إن نقطة تحول - بسبب فشل الاقتصاد الحربي الروسي واستمرار نقص تكيف القيادة الروسية، وخاصةً بسبب استمرار الدعم القوي من الحكومة الأوكرانية والجيش والشعب الأوكراني، بالإضافة إلى استخدامها المبتكر للعمليات الخاصة والأنظمة غير المأهولة (طائرات بدون طيار مختلفة) وقدرات الألياف الضوئية لمواجهة الحرب الإلكترونية الروسية - ستشعر بها ساحة المعركة قريبًا،" كتب الفريق المتقاعد في الجيش الأمريكي مارك هيرتلينج، الذي شغل منصب قائد الجيش الأمريكي في أوروبا، في منشور على X، المعروف سابقًا باسم تويتر، يوم الأحد.
وأضاف: "إن الهجوم المنسق والمتزامن اليوم، والذي يبدو أنه دمر جزءًا كبيرًا من الأسطول الجوي الروسي الذي كان متمركزًا على بُعد أكثر من 4000 كيلومتر من خط المواجهة، يُظهر أن أوكرانيا تمتلك بالتأكيد أوراقًا رابحة كثيرة."
وجه الأدميرال المتقاعد في البحرية الأميركية جيمس ستافريديس، الذي شغل منصب القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا، انتقادات شديدة إلى بوتن، وكتب على موقع X: "فلاد يمر بيوم سيئ للغاية".
في منشور آخر، أضاف: "ما تزرعه يا بوتين، تحصده".
وفي حديثه مع شبكة CNN بعد ظهر الأحد، وصف ستافريديس هجوم أوكرانيا بأنه "استثنائي".
وقال: "أنا أمريكي من أصل يوناني، لذا عليّ أن أخبركم بهذا. إنه أشبه بحصان طروادة". استُوحيَت استعارة حصان طروادة من الأساطير اليونانية، حيث توجد قصة حصان خشبي كبير مجوف، ينقل جنودًا يونانيين سرًا، ويُقدم كهدية إلى مدينة طروادة خلال حرب طروادة. وفي الليل، بعد أن سمحت طروادة للحصان الخشبي بدخول المدينة، خرج الجنود وانتصروا في الحرب بسرعة.
هذه الصناديق الخشبية التي أُدخلت إلى البلاد، والتي انبثقت منها فجأةً، هي لهؤلاء المحاربين الذين دمّروا كل هذه الطائرات، ولا يوجد بينها بشر. إنه حقًا إنجاز عسكري باهر".
هجوم أوكرانيا المفاجئ على روسيا
صرحت مصادر في إدارة ترامب لشبكة سي بي إس نيوز يوم الأحد أن البيت الأبيض لم يكن على علم بهجوم وشيك. وأكدت وزارة الدفاع الروسية وقوع هجوم أوكراني بطائرات مُسيّرة على عدة مطارات في جميع أنحاء البلاد، لكنها نفت سقوط أي قتلى من العسكريين أو المدنيين، وفقًا لوكالة تاس الروسية للأنباء.
وقالت الوزارة: "شنّ نظام كييف هجومًا إرهابيًا باستخدام طائرات مُسيّرة من طراز FPV على مطارات في مناطق مورمانسك وإيركوتسك وإيفانوفو وريازان وأمور. وتم صد جميع الهجمات الإرهابية على المطارات العسكرية في مناطق إيفانوفو وريازان وأمور".
أعلن جهاز الأمن الداخلي الأوكراني (SBU) مسؤوليته عن الهجوم، حيث صرّح مسؤول أمني أوكراني بأن الجهاز حمّل طائرات مسيرة في أكواخ خشبية قرب محيط القواعد الجوية المتضررة. وذكرت وكالة رويترز أن هذه الأكواخ مزودة بآليات يتم التحكم فيها عن بُعد لسحب الأسقف وإطلاق الطائرات المسيرة.
كما كتب جهاز الأمن الأوكراني على تيليجرام أن "34% من حاملات صواريخ كروز الاستراتيجية في المطارات الرئيسية للاتحاد الروسي قد أُصيبت". وفي قناة X، ذكر جهاز الأمن الأوكراني أن الهجوم تسبب في خسائر فادحة لروسيا تُقدر بنحو 7 مليارات دولار.
ما يقوله الناس
كتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على قناة X يوم الأحد: "قدّم رئيس جهاز الأمن الأوكراني، فاسيل ماليوك، تقريرًا بشأن عملية اليوم. إنها نتيجة رائعة للغاية. نتيجة حققتها أوكرانيا وحدها. استغرقت عملية التخطيط عامًا وستة أشهر وتسعة أيام من بدء التخطيط وحتى التنفيذ الفعلي. إنها أبعد عملياتنا مدىً. تم سحب أفرادنا المشاركين في التحضير للعملية من الأراضي الروسية في الوقت المناسب".
كتب الصحفي مرتضى حسين على قناة X يوم الأحد: "أفادت التقارير أن طائرات FPV المسيرة أُطلقت من شاحنات متوقفة داخل الأراضي الروسية ونُشرت من أعلى أسطح قابلة للإزالة. على الرغم من خسارة الأراضي أمام التقدم الروسي في الأشهر الأخيرة، فقد نجحت الولايات المتحدة في تحقيق هجوم بيرل هاربور حديث. سأستعد لرد انتقامي جاد".
المدون العسكري الروسي رومان أليخين على تيليجرام: "هذا هو "بيرل هاربر" الروسي. نأمل أن يكون الرد مماثلاً للرد الأمريكي على الهجوم على بيرل هاربر، أو حتى أشد وطأة."
النائب الجمهوري السابق آدم كينزينجر من إلينوي على قناة إكس: "من المهم ملاحظة أن استهداف القاذفات الروسية قانوني تماماً ومتوقع في أي حرب. أي رد من روسيا سيستهدف المدنيين وسيكون جريمة حرب. لكنها روسيا. لقد قصفوا مستشفيات في أوكرانيا وسوريا. إنهم... دولة إرهابية."
ماذا بعد؟
أعلن زيلينسكي يوم الأحد أن أوكرانيا تعتزم إرسال وفد إلى إسطنبول لحضور جولة جديدة من محادثات السلام المباشرة مع روسيا يوم الاثنين. يمثل اجتماع إسطنبول فرصة نادرة للدبلوماسية في ظل استمرار اشتعال ساحة المعركة على جبهات متعددة وتزايد الخسائر الإنسانية.
