من لبنان إلى همدان.. إيران تستعين بـ"حزب الله" في قمع المتظاهرين

كشف تقرير تحليلي حديث لموقع "لونغ وور جورنال" الأمريكي أن النظام الإيراني استعان بعناصر من جماعات مسلحة موالية له في الخارج، وعلى رأسها "حزب الله" اللبناني، لقمع الاحتجاجات التي اندلعت أخيرًا في عدد من المحافظات الإيرانية، أبرزها همدان، حيث تصاعد الغضب الشعبي على خلفية انتهاكات طالت طالبات جامعيات واتهامات بتغلغل نفوذ الميليشيات الأجنبية داخل الجامعات.

احتجاجات تنفجر من الجامعات

بدأت الاحتجاجات مطلع أكتوبر عقب سلسلة حوادث اتهم فيها طلاب أجانب مرتبطون بفصائل مدعومة من طهران بالضلوع في ممارسات مسيئة بحق طالبات، ما فجّر موجة غضب واسعة في الأوساط الطلابية. ومع اتساع رقعة التظاهر بين 6 و11 أكتوبر، استخدمت السلطات قوات مدرّبة ذات خلفية عسكرية لإخماد التحركات، واعتقلت العشرات من المشاركين.

شهود عيان تحدثوا عن وجود عناصر غير إيرانية ضمن فرق الأمن الميدانية، فيما أشارت تقارير ميدانية إلى مشاركة كوادر مدعومة من "حزب الله" في عمليات التنسيق والمراقبة، خصوصًا في الجامعات ذات الكثافة الطلابية الشيعية.

أذرع إقليمية تُستخدم في الداخل

تُظهر هذه التطورات جانبًا من الاعتماد المتزايد للنظام الإيراني على شبكاته الإقليمية المسلحة، التي طالما كانت أدواته في ساحات خارجية مثل سوريا والعراق واليمن. لكن الجديد هو انتقال هذا الدور إلى الداخل الإيراني، حيث باتت هذه الجماعات تُستخدم كأذرع أمنية موازية في مواجهة الاضطرابات الاجتماعية والسياسية.

ويرى محللون أن النظام يلجأ إلى هذه الفصائل لأنها توفر له درجة من الإنكار، إذ يمكن تحميلها مسؤولية القمع في حال تصاعد الانتقادات الدولية، دون المساس بصورة الأجهزة الرسمية.

قمع بغطاء ثقافي وديني

يتحرك عناصر هذه المجموعات أحيانًا تحت مظلة "التبادل الثقافي" أو "الأنشطة الدينية المشتركة"، لكن الهدف الفعلي هو مراقبة النشاط الطلابي والسياسي داخل الجامعات، ورصد الأصوات المنتقدة لسياسات الدولة والحرس الثوري.

ويؤكد خبراء أن هذه الممارسات تُظهر طبيعة "الأمن الهجين" في إيران، حيث تتقاطع مهام الأجهزة الرسمية مع شبكات الولاء الأيديولوجي التي تتبع مباشرة لمكتب المرشد الأعلى، ما يجعل الرقابة أكثر تشعبًا وفعالية في كبح أي حراك شعبي.

احتقان يتجاوز همدان

ورغم نجاح السلطات في تفريق التظاهرات بسرعة، فإن الاحتقان لم يتراجع، بل تحوّل إلى موجة صامتة من الغضب الاجتماعي، خصوصًا بين طلاب الجامعات والنساء الشابات. ويرى مراقبون أن هذه الاحتجاجات تختلف عن موجة 2022 التي تفجّرت بعد وفاة مهسا أميني، إذ تمسّ هذه المرة كرامة الإيرانيين داخل مؤسساتهم التعليمية، وتكشف عمق اختراق الميليشيات الأجنبية للنسيج المحلي.

انعكاسات سياسية وأمنية

يرى محللون أن استمرار هذا النهج يهدد بتقويض ما تبقى من شرعية النظام، ويعزز الانطباع بأن طهران باتت تعتمد على قوى أجنبية لحماية سلطتها من شعبها. كما أن إشراك "حزب الله" وفصائل مشابهة في الشؤون الداخلية الإيرانية يحمل مخاطر أمنية على المدى الطويل، من بينها تآكل الثقة بين المجتمع ومؤسسات الدولة، وتفاقم الشعور بالاحتلال الداخلي.

خاتمة

تسعى إيران، عبر هذه الشبكات المتشابكة من الوكلاء الإقليميين، إلى إحكام قبضتها على الداخل بنفس الأدوات التي استخدمتها خارج حدودها. لكن مراقبين يحذرون من أن استيراد الولاء الأيديولوجي لقمع الداخل الإيراني قد يكون أكثر تكلفة مما تتخيل القيادة في طهران، لأن الغضب الذي يختنق اليوم تحت القبضة الأمنية قد ينفجر غدًا في شكل موجة احتجاج جديدة — أشد تنظيمًا، وأصعب كبحًا.

Previous
Previous

أهالي حي جوبر لـ"جسور نيوز": الحكومة تمنعنا من العودة وتعيق إعادة إعمار مدينتنا

Next
Next

"وول ستريت جورنال": حماس تستهدف العائلات في غزة بحملة قمع دامية