معهد أميركي يدعو إلى فرض عقوبات على "أطراف إخوانية" تدعم "حماس" ماليًا

دعا معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إلى إعادة صياغة النهج الأمريكي في التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين، مقترحا التركيز على فرض عقوبات محددة على أطراف إخوانية بعينها تُموّل "حماس".

وقال المعهد في تقرير تحليلي إن الإدارة الأميركية بحاجة إلى تبني نهج "ضيّق ومحدد" يركز على الفروع الإخوانية والكيانات المرتبطة بالحركة التي تقدم دعمًا ماليًا مباشرًا أو غير مباشر لحماس. ويرى التقرير أن هذا النهج يتجاوز التعقيدات القانونية المرتبطة بمحاولة تصنيف جماعة واسعة ومشتتة مثل الإخوان كتنظيم إرهابي موحّد، خصوصًا مع غياب هيكل قيادي مركزي يحكم جميع فروعها حول العالم.

لماذا التركيز على التمويل؟

يشير التقرير إلى أن جماعة الإخوان المسلمين ليست منظمة واحدة موحَّدة، بل شبكة عالمية واسعة تختلف طبيعة أنشطتها وعلاقتها ببعضها من بلد إلى آخر. ولذلك، فإن محاولة تصنيف جميع فروعها دفعة واحدة ستكون — بحسب التقرير — "غير واقعية" قانونيًا وغير دقيقة سياسيًا.

كما يضيف المعهد أن الدعم المالي الذي قدمته جهات مرتبطة بالإخوان لصالح "حماس" قد ازداد منذ نهاية عام 2023، وأن استمرار هذه التدفقات المالية يجعل بعض تلك الكيانات في قلب منظومة تمويل الإرهاب، ما يتطلب إجراءات عملية وحازمة.

كيانات إخوانية تستهدفها العقوبات المقترحة

يذكر تقرير المعهد عددًا من الكيانات الإخوانية التي يرى أنها منخرطة بشكل مباشر في تمويل "حماس"، ويقترح تصنيفها ضمن قائمة "الداعمين العالميين للإرهاب". ومن بين هذه الكيانات:

المؤتمر الشعبي للفلسطينيين في الخارج: والذي تقول تقديرات أمنية إنه يعمل بمثابة "واجهة دبلوماسية" لحماس في الخارج، وله جذور داخل البنية الإخوانية التقليدية.

الاتحاد من أجل الخير: وهو شبكة تضم عشرات المنظمات الخيرية، يقودها شخصيات مرتبطة بالإخوان، وتعتبر تاريخيًا من أبرز مصادر التمويل الخارجية التي استفادت منها حماس.

جمعيات "شبح" صغيرة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، تعمل — وفق التقرير — بغطاء خيري لكنها تتورط في تحويل الأموال إلى شبكات مالية مرتبطة بحماس.

فروع إخوانية عنيفة وتوصيات بتصنيفها إرهابية

ويدعو التقرير الولايات المتحدة إلى تصنيف فروع أخرى من الإخوان كمنظمات إرهابية أجنبية (FTO)، خصوصًا تلك التي ثبت تورطها في أعمال عنف. ومن أبرز الأمثلة التي يطرحها:

الفرع الأردني للإخوان: الذي تم حظره داخل الأردن على خلفية اتهامات أمنية.

الجماعة الإسلامية في لبنان: التي يمتلك جناحها العسكري — المعروف باسم "قوات الفجر" — سجلًا من إطلاق الصواريخ والتنسيق العسكري مع حزب الله، إلى جانب ارتباطات مفترضة بحماس.

كما يذكّر التقرير بأن الولايات المتحدة سبق أن صنّفت جماعات متفرعة عن الإخوان مثل "لواء الثورة" باعتبارها منظمة إرهابية.

ما الذي يميز المقاربة المقترحة؟

يعدد المعهد مجموعة من المزايا التي تجعل هذه المقاربة — وفقًا للتقرير — أكثر جدوى من التصنيف الشامل:

قاعدة قانونية أقوى: استهداف كيانات محددة يتيح إجراءات أكثر صلابة قانونيًا مقارنة بتصنيف جماعة واسعة متعددة الأفرع.

ضرب شبكة التمويل مباشرة: لأن تعطيل المال الموجه لحماس يضعف أحد أهم مصادر قوتها.

تشجيع الشركاء الدوليين على اتخاذ إجراءات مماثلة: إذ يرى التقرير أن العقوبات الأمريكية وحدها ليست كافية إذا لم تُدعَم بقرارات موازية من دول أوروبية على وجه الخصوص.

دفع فروع الإخوان إلى الابتعاد عن العنف: عبر إيصال رسالة أن أي تورط في نشاط مسلح ستكون له عواقب مباشرة.

تحديات تواجه هذه الاستراتيجية

ورغم إشادته بفاعلية النهج المقترح، يعترف معهد واشنطن بوجود عدد من التحديات:

تعقيد العلاقات الدولية: فبعض الدول تعتبر الإخوان جزءًا من منظومة سياسية محلية ولا تقبل تصنيفهم.

الحاجة إلى أدلة قوية: خاصة عند استهداف كيانات تعمل في أكثر من دولة وتستخدم قنوات مالية معقدة.

ردود الفعل الداخلية: إذ قد ترى بعض فروع الإخوان أن الاستهداف الانتقائي هو مقدمة لتصعيد شامل ضد الجماعة.

توصيات التقرير

يدعو المعهد الولايات المتحدة إلى:

تعزيز آليات تتبع التمويل المرتبط بالإخوان، لا سيما القنوات السرية.

استخدام نظام العقوبات القائمة بقوة، بدل البحث عن تصنيفات جديدة شاملة.

التعاون الوثيق مع أوروبا لتوحيد الجهود العقابية.

الاستمرار في مراقبة والتدقيق في أنشطة المنظمات الخيرية المرتبطة بالإخوان.

الخلاصة

يقدم معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى مقاربة جديدة للتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين، تقوم على "التحديد الدقيق" بدل "الاستهداف الشامل". فبدلًا من محاولة تصنيف الجماعة بالكامل كتنظيم إرهابي — وهو ما يعتبره المعهد إجراءً غير عملي وغير فعال — يقترح التركيز على الكيانات التي تثبت علاقتها المباشرة بتمويل "حماس"، إضافة إلى تصنيف الفروع التي تمارس العنف كمنظمات إرهابية أجنبية.

ويسلط التحليل الضوء على أن مواجهة الإخوان — كما يقول المعهد — لا تتطلب إجراءات سياسية واسعة، بل تحتاج سياسة "مدروسة ومركزة" تعالج مصادر المشكلة الحقيقية: المال والتنظيمات المسلحة. وهكذا، يحاول المعهد وضع إطار جديد لسياسة أمريكية أكثر دقة وفاعلية في مواجهة التحديات المرتبطة بشبكات الإخوان عالميًا، وبالارتباط المالي المتزايد بين بعض تلك الشبكات و"حماس".

Previous
Previous

الخطة الأميركية في لبنان.. استثمار خليجي مقابل نزع سلاح حزب الله

Next
Next

الفنان اللبناني وائل جسار يتحدث عن بداياته: أغنية"مشيت خلاص" كانت مفاجأة الجمهور