تجارة النفط في "الظل".. الحوثيون على خطى روسيا

كشف موقع "Lloyd’s List" المتخصص في الشؤون البحرية عن "تحول خطير" في سلوك جماعة الحوثي في اليمن، حيث باتت تعتمد على شبكة بحرية سرية لنقل النفط تشبه إلى حد بعيد ما بات يُعرف عالميًا بـ"أسطول الظل الروسي".

تكتيك الحوثيين: تهريب من ميناء رأس عيسى عبر "سفن الظل"

يفيد التقرير بأن حركة السفن القادمة إلى ميناء رأس عيسى اليمني – الخاضع للحوثيين – أصبحت أكثر غموضًا في الأشهر الأخير، وبالتحديد منذ أن أعلنت الولايات المتحدة إعادة تصنيف الجماعة كـ"منظمة إرهابية أجنبية" في يناير الماضي، إذ زادت حدة الرقابة الدولية على تحركاتها المالية والتجارية.

ولجأ الحوثيون إلى عدة أساليب في محاولة لمواصلة الاتجار في النفط دون ملاحظة، إذ باتت السفن القادمة إلى رأس عيسى تطفئ أجهزة التعريف الآلي (AIS)، وبعضها يستخدم أعلامًا أجنبية أو مزيّفة، وأخرى تخضع لعقوبات أميركية، وكثير من هذه السفن لا يُعرف مالكوها النهائيون، ما يشير إلى استخدام شركات واجهة.

وهذا التحول يعكس تصعيدًا حوثيًا متقنًا للالتفاف على العقوبات – تمامًا كما فعلت روسيا منذ بداية غزو أوكرانيا.

روسيا.. حيث بدأت تكتيكات "أسطول الظل"

منذ بداية العقوبات الغربية الواسعة ضد روسيا عام 2022، طورت موسكو منظومة سرية كاملة من النقل البحري أُطلق عليها مصطلح "أسطول الظل".

تشير تقارير أوروبية وأمريكية إلى ما يلي: "تضم الشبكة الروسية ما بين 600 إلى 1,000 ناقلة نفط تعمل بسرّية تامة، ويتم إطفاء AIS عمدًا لتفادي الرصد أثناء المرور من موانئ روسية إلى أسواق آسيا وأفريقيا، والسفن تُسجّل بأسماء شركات واجهة في بلدان مثل بنما والإمارات وهونغ كونغ".

تُستخدم أساليب التفريغ من سفينة إلى أخرى في عرض البحر، غالبًا قرب اليونان أو في المحيط الهندي، وبحسب الاتحاد الأوروبي، فإن روسيا تستخدم هذا الأسطول لبيع نفطها بأسعار أعلى من سقف السعر المحدد غربيًا، مع غسل هوية الشحنات عبر التمويه البحري.

لماذا يتبع الحوثيون النموذج الروسي؟

يعكس اعتماد الحوثيين على نفس التكتيكات الروسية عدة أهداف: "الهروب من العقوبات المالية والضغوط الأميركية واستمرار بيع النفط في السوق السوداء، بما يدعم اقتصاد الحرب للجماعة والاستفادة من خبرات الشركات الناقلة المرتبطة بجهات خاضعة للعقوبات" المفروضة على روسيا.

ويشير التقرير إلى أن بعض السفن التي سجل رسوها في ميناء رأس عيسى لها سوابق تعامل مع شركات مدرجة في قوائم العقوبات المفروضة على روسيا، ما يعزز فرضية التنسيق غير المباشر أو نقل الخبرات.

تهديد مضاعف للأمن البحري

يطرح هذا النمط من التجارة عدة مخاطر: "أولا البيئية إذ أن كثير من السفن المستخدمة متهالكة ومهددة بالغرق أو التسرب النفطي، كما أن الملاحة العالمية معرضة للخطر في ظل تحركات غير قابلة للتتبع تعني خطرًا على طرق الشحن الدولية، كما سيمثل الأمر تهديدا لفعالية العقوبات فمع ازدياد عدد الجهات التي تحاكي روسيا في التحايل سيؤدي الأمر إلى نسف فعالية العقوبات الجماعية".

الخلاصة

ما كشفه تقرير "Lloyd’s List" يُظهر بما لا يدع مجالًا للشك أن جماعة الحوثي لم تعد تعتمد فقط على شبكات تقليدية لتهريب الوقود، بل باتت تسير على خطى روسيا في استخدام أساطيل الظل لتأمين وارداتها وصادراتها النفطية.

إن عدم مواجهة هذا النمط المتطور من التحايل سيعني ترسيخ "نظام موازٍ" للملاحة العالمية يعمل خارج القانون، ويمنح الفاعلين غير الدوليين مساحة أوسع لتقويض النظام الدولي الاقتصادي والأمني.

Previous
Previous

وول ستريت جورنال: أحداث السويداء كشفت "هشاشة" السلطة في دمشق

Next
Next

كيف أصبحت المسيّرات أخطر سلاح لأوكرانيا ضد روسيا؟