"الحصاد المر".. مغامرات حزب الله تُدمر السياحة اللبنانية
بيروت – جسور
يعد لبنان من أكثر الدول تأثرا بتطورات الوضع في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في الثامن من أكتوبر- تشرين الأول الماضي، إذ لم تكن الساحة اللبنانية بمعزل عن تطورات الصراع حيث تسببت المناوشات الحدودية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله في خلق حالة توتر شديدة انعكست بشكل كبير على قطاع السياحة في البلاد الذي أصيب بـ"الشلل" على حد وصف مسؤولين لبنانيين.
أوامر إيرانية
ويقول شارل جبور، رئيس جهاز التواصل والإعلام في حزب القوات اللبنانية، إن حزب الله جلب على لبنان ويلات الحرب، من خلال توريط البلاد في حرب غزة، دون استشارة الحكومة والدولة اللبنانية والمجموعات اللبنانية الأخرى، معقبا: :لا يحق للحزب جر البلاد لهذه الحرب بناءاً على قرار منفرد".
وأضاف جبور، لشبكة "جسور"، "مشاركة حزب الله في هذه الحرب تنفيذا لأوامر إيرانية، وطهران لا تأبه بمصالح لبنان، ما سبب خسائر بمليارات الدولارات على المستوى المالي والاقتصادي، وعلى الرأس منها قطاع السياحة الذي يعتبر مورداً أساسياً من موارد الدخل في لبنان".
بدوره يقول بيار أشقر، رئيس اتحاد النقابات السياحية، إن جميع الدول طلبت من رعاياها تجنب السفر إلى لبنان، كما قلصت السفارات طواقمها العاملة في البلاد، ما أدى إلى إلغاء كل الحجوزات سواء أفراد أو مجموعات سياحية أو معارض وغيرها".
وكشف أشقر، لموقع "جسور"، أن كل المدخرات التي كانت متاحة لدى القطاع من المواسم الماضية تبددت بشكل سريع في تغطية نفقات التشغيل من أجل إبقاء المرافق السياحية على قيد الحياة".
شلل سياحي بعد سنة مزدهرة
وقال أمين سلام وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني، في فبراير- شباط الماضي، إن بلاده تأثرت بشكل كبير من تبعات الحرب في غزة، مشيرا بشكل خاص إلى تأثر قطاعي الزراعة والسياحة.
وأوضح أمين سلام أن امتداد حرب غزة إلى حدود بلاده عطل جزءا كبيرا من الحركة الاقتصادية بالكامل في جنوب لبنان، موضحا أن حجم الضرر الذي تكبده لبنان بسبب الحرب في غزة يقدر بـ "مبلغ خطير" يتراوح من سبعة إلى عشرة مليارات دولار.
وتعرض الموسم السياحي الشتوي "لشلل كامل" بعد إلغاء الحجوزات والفعاليات والزيارات، ما منع دخلا كبيرا من العملات عن البلاد كان ليسهم في دفع الحركة الاقتصادية في العديد من القطاعات، وفق سلام.
وتتفق مع هذا التقييم سميرة كحلا، صاحبة وكالة سفر، قائلة إن نسبة انخفاض في المبيعات بلغت 85%، بسبب المخاوف الكبيرة من اندلاع الحرب بين إسرائيل وحزب الله على نطاق أوسع.
وأضافت كحلا، في حديثها إلى "جسور" أن بعض الرحلات أُلغيت بشكل مفاجئ، مما يسبب خلل وخسائر كبيرة، ما يؤثر سلبا على شركات، حيث نقوم بإعادة الأموال للزبائن وننتظر شركات الطيران من أجل إعادة الأموال وفي بعض الأحيان تتأخر".
إيرادات ضائعة تتجاوز مليار دولار
وقدَّر الدكتور مروان بركات، كبير الاقتصاديين ورئيس قسم الأبحاث في بنك عودة، أن الإيرادات السياحية الضائعة خلال فترة الستة أشهر منذ اندلاع الحرب في جنوب لبنان، فاقت المليار دولار أميركي حتى الآن، وذلك على أساس انخفاض متوسط عدد السياح بنسبة 24%، علما أن متوسط إنفاق السائح في لبنان يبلغ نحو ثلاثة آلاف دولار أميركي.
ويضيف بركات، أن تردّي قطاع السياحة يعيق نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبنان ويضعف وضعيته الخارجية، وفي هذا السياق، قامت وكالة "ستاندرد أند بورز" باختبار التأثير الصافي لخسارة 10 أو 30 أو 70% من إيرادات السياحة على اقتصاد لبنان، علماً أن البلاد تعتمد بشكل كبير على القطاع الذي يمثل 26% من إيرادات الحساب الجاري.
وترى "ستاندرد أند بورز" أنه إذا انخفضت عائدات السياحة بنسبة 10%، فإن الخسارة المباشرة للناتج المحلي الفعلي يمكن أن تصل إلى 3%ن وإذا تراجعت بنسبة 30%، فإن التأثير الناتج سيكون انكماشاً بنسبة 10% في الاقتصاد المحلي الحقيقي، أنا هبوط عائدات السياحة بنسبة 70% فيعني انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 23%.
الخوف من القادم
وأبدى أسعد صقال، رئيس مجلس رجال الأعمال اللبنانيين الكويتيين، تخوفه من خسارة الموسم السياحي في الصيف المقبل، ما ينذر بدخول الاقتصاد اللبناني في مرحلة ركود جديدة.
وقال صقال، في بيان له "من الواضح جداً أن السياحة في لبنان كانت الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني والنشاط الاقتصادي الذي جرى تسجيله خلال عام 2023 حتى 7 أكتوبر- تشرين الأول".
وأكد أن "الأرقام المسجلة خلال هذه الفترة شكلت الركيزة الأساسية لكل التطورات الإيجابية التي شهدناها في مختلف
المؤشرات الاقتصادية والمالية في العام 2023 والتي امتدت حتى هذه اللحظة".
وأضاف "نحن اليوم على أبواب فصل الربيع، وكما هو معلوم، فإن أبريل ـ نيسان ومايو ـ أيار يشكلان الفترة التي يتم التحضير فيها لفصل الصيف من قبل السياح العرب والأجانب وحتى من قبل المغتربين اللبنانيين، إلا أن الخوف يعتري اليوم من يفكر بالحجز للقدوم إلى لبنان بسبب التطورات السلبية الكثيرة والحرب الدائرة في الجنوب التي من شأنها الانعكاس سلبا على عمليات الحجوزات إلى لبنان".
]]>