كيف أثرت حرب غزة على أوضاع إدلب السورية؟

 إدلب – جسور 

بينما تهيمن أخبار الحرب في قطاع غزة على نشرات الأخبار العالمية والمحلية، صعّد النظام السوري وحلفاؤه الروس والإيرانيون من هجماتهم في مناطق خفض التصعيد المتفق عليها، كما تراجعت المساعدات المقدمة للشمال السوري بعد أن نقلت عشرات المنظمات الإنسانية المحلية والدولية العاملة في مناطق شمال غرب سوريا تركيزها إلى تقديم المعونة للمدنيين في غزة بحسب تصريحات سكان في مدينة إدلب لـ"جسور". 

وبعد مرور أكثر من عقد على الحرب في سوريا، يشعر السوريون في مناطق سيطرة المعارضة بأن صراعات أخرى مثل الحرب في أوكرانيا وغزة، ساهمت في تواري الاهتمام الدولي عن المسألة السورية من المناحي السياسية والانسانية. 

وفي ديسمبر الماضي، أعلن برنامج الأغذية العالمي وقف برنامج المساعدات الرئيسي في سوريا عام 2024 على الرغم من اعتماد قرابة 14 مليون سوري على السلة الغذائية التي يقدمها، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن البرنامج خلال العام 2022.

ويقول الناشط السوري، محمد سلقان، لموقع "جسور"، إن الأوضاع في غزة "سحبت" الأضواء الإعلامية عن "القصف والقمع" الذي تتعرض له إدلب على يد النظام السوري وحلفاؤه روسيا وإيران"، مضيفا "أهالي غزة اختاروا الدعم الإيراني وهذا شأن يخصهم، أما بالنسبة لنا كسوريين فإيران هي العدو الأول للثورة السورية".
 
تصاعد الهجمات
ويشير سلقان في حديثه لـ"جسور" إلى تصاعد قصف النظام السوري والميليشيات الإيرانية على شمال غرب سوريا منذ مطلع شهر آذار - مارس الماضي قائلا "لم يتابع أحد ما جرى لنا، إذ استمر القصف والضرب والإجرام والتمادي وكسر الحدود والخطوط من النظام السوري، ولم يهتم أحد بما يحدث لنا بسبب ما يجري في غزة".
 
وفي سياق متصل، قال المرصد السوري إن النظام السوري وحليفه الإيراني واصلا قصف مناطق خفض التصعيد في ريفي إدلب وحلب، مستخدمين القذائف والصواريخ شديدة الانفجار، حيث استهدف القصف قريتي الفطيرة سفوحهن بجبل الزاوية جنوب إدلب، ومحورَي كفر تعال وكفرعمة بريف حلب الغربي، ومحور كبانة بجبل الأكراد شمال اللاذقية.

وأشار المرصد إلى أن الفصائل المعارضة ردت على القصف بإطلاق النار والمدفعية على مواقع وتجمعات النظام السوري والإيراني على محورَي الرويحة وداديخ في ريف إدلب.

الموقف من إيران
وفي الذكرى الثالثة عشر لاندلاع الثورة، انتشرت عبارات مناهضة للنظام السوري وإيران على جدران المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، حيث يتهم السكان طهران بارتكاب مجازر بحق الشعب السوري لمساعدة النظام على البقاء، "وتبني مواقف متناقضة من خلال ادعائها الإنسانية تجاه غزة بينما تقتل ميليشياتها السوريين منذ عقد من الزمن". 

ويقول المهندس السوري غيث سراج، لموقع "جسور"، إن الموقف الإيراني من غزة "نفاق وازدواجية"، فهي تدعم حركة حماس لأسباب مصلحية وسياسية، وفي الوقت نفسه تقتل وتهجر الشعب السوري.

ويتفق معه المواطن أحمد الصواف معه، قائلا لموقع "جسور"، إن إيران عدو خالص للثورة السورية، وقد أساءت للسوريين على مدار 13 سنة جرت فيها أعمال ظلم وقصف وحرق، وارتكبت فيها إيران الكثير من المجازر بحق الشعب السوري "بشكل كبير وممنهج".

أما المعارض أحمد الجراح، فيرى في تصريحات لموقع جسور"، أن أي دعم مقدم من إيران لحماس "مشروط ويستهدف تحقيق المصالح الإيرانية ولن يفضي إلى أي نتائج إيجابية تمس الفلسطينيين". 
 
تراجع المساعدات 
وقلص برنامج الغذاء العالمي دعمه في شمال سوريا إلى مستويات منخفضة خلال العام 2024، كما فصلت المنظمات الإنسانية المئات من موظفيها، الأمر الذي نجم عنه فقدان عدد كبير من سكان المنطقة لمصدر رزقهم، إضافة إلى توقف عشرات المشروعات الإنسانية التي أثّرت بشكل مباشر على قطاعات الصحة والنظافة والتعليم، وتخفيض الدعم المالي المقدم للنازحين لأكثر من النصف.

واشتكى المهندس غيث سراج، في حديثه إلى موقع "جسور"، من تأثر مناطق شمال غرب سوريا كثيرا بالحرب في غزة، خصوصا الإمدادات الإنسانية، إذ تغافلت المنظمات الدولية عن مناطق إدلب بعد تركيزها على إغاثة القطاع.

بدورها شددت الأمم المتحدة على ضرورة توسيع تسليم المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس إلى جميع أرجاء سوريا، مؤكدة أن ذلك "يمثل أولوية قصوى".

وقال الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، جويس مسويا، أن أكثر من سبعة ملايين شخص نازحون من منازلهم، ويحتاج أكثر من نصف السكان، نحو 13 مليون شخص، إلى المساعدات الغذائية، في حين ارتفع معدل سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة بمقدار ثلاثة أضعاف خلال السنوات الخمس الماضية، ويحتاج أكثر من نصف مليون طفل إلى علاج منقذ للحياة من سوء التغذية الحاد هذا العام، وتواجه النساء والفتيات بعضاً من أسوأ آثار الأزمة الإنسانية.

وقال المنسق الإقليمي الأممي للشؤون الإنسانية لأزمة سوريا، ديفيد كاردن، خلال زيارة إلى شمال غرب سوريا أواخر يناير "ظهرت أيضا صعوبات في دعم محطات المياه والخدمات التعليمية والدعم الطبي في المستشفيات"، مكملا: "وبينما تتزايد الاحتياجات، فأننا لا نستطيع أن نفعل المزيد بموارد أقل".

ولم تتمكن الأمم المتحدة من تأمين سوى 37% من 5.3 مليارات دولار لازمة لاستجابتها الإنسانية العام 2023 في سوريا، والتي قال كاردين، إنه كان أحد أصغر أهداف التمويل منذ بدء الصراع.

بدوره حذر رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، باولو بينيرو، من أن البلاد "أصبحت مكاناً أكثر خطورة للعيش" فيه وهي "ليست آمنة لعودة اللاجئين".

]]>

Previous
Previous

كيف أثرت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر على الاقتصاد المصري؟

Next
Next

"الحصاد المر".. مغامرات حزب الله تُدمر السياحة اللبنانية