بعد أحداث داغستان.. تاريخ روسيا الدموي في القوقاز يطاردها

هجمات هي الأعنف منذ عقود شهدتها داغستان في منطقة القوقاز، "الخاصرة الرخوة" لروسيا التي دائما ما سعت للسيطرة عليها بـ"الحديد والنار".

وحسب الرواية الرسمية، هاجم مسلحون مجهولون كنيس وكنيسة أمس الأحد، في الجمهورية التابعة للاتحاد الروسي، ما أودى بحياة 19 شرطيا، إضافة إلى وفاة كاهن وأربعة مدنيين آخرين، بينما زعمت السلطات مقتل خمسة من المسلحين خلال "عملية أمنية" صباح اليوم الإثنين.

وسبق أن تورط مسلحون يعتقد أنهم من القوقاز، في الهجوم على مجمع "كروكوس سيتي هول" للحفلات الموسيقية بالعاصمة موسكو، ما أسفر عن مقتل أكثر من 140 شخص، وهو الهجوم الذي اتهمت "موسكو" أوكرانيا والغرب بالوقوف وراءه، في حين أن تنظيم "داعش" أعلن مسؤوليته عنه.

تلك الأحداث تثير تساؤلات حول إمكانية أن تتحول القوقاز إلى بؤرة صراع جديدة، خصوصا وأن المنطقة لها تاريخ طويل من الصراع مع موسكو لنيل الاستقلال.

الوجود الروسي في القوقاز

ضمت روسيا داغستان إبان حقبة الإمبراطورية في القرن التاسع عشر، بموجب اتفاق غولستون الموقع بين الروس وإيران، وقد اتسمت سياسة الروس بـ"القسوة" في التعامل مع السكان المحليين، ما أدى إلى اشتعال الثورات فيها من حين إلى آخر.

أولى تلك الثورات حدثت في عام 1829 واستمرت سنوات عديدة، ثم في عام 1877، والتي قمعتها موسكو "بقسوة" وجرى تهجير الكثيرين إلى أقاليم روسيا الباردة، وقد لاقى سكان الإقليم معاملة صعبة أيضا خلال حقبة الاتحاد السوفيتي، ثم بعد انهياره سميت جمهورية داغستان ضمن الاتحاد الروسي.

ودائما ما تنشط المجموعات الانفصالية في المناطق الجبلية الواسعة في داغستان، والتي تسعى إلى تشكيل "إمارة إسلامية" في منطقة القوقاز.

أما في الشيشان الجارة، فقد كانت لها فصول طويلة في الصراع مع روسيا، بدأت منذ عام 1722 بحرب طويلة استمرت عشرات السنوات، اتسعت لتطال باقي مناطق شمال القوقاز، حتى بسطت موسكو سيطرتها بشكل كامل في 1864 بعد إخماد المقاومة الشيشانية وثورة الشركس.

وظلت الشيشان بؤرة مقاومة للوجود الروسي بعد قيام الاتحاد السوفيتي، وجرت فيها ثورة كبيرة عام 1928 استمرت حتى 1935 حين انتهت بإعدامات كبيرة للقادة الدينيين والشيوعيين في البلاد، ثم انطلقت مقاومة مدنية وسياسية أخرى، ادت في النهاية إلى إقرار روسيا تشكيل جمهورية للشيشان تحت حكم روسي في عام 1957.

وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، أعلنت الشيشان تحت قيادة جوهر دوداييف انفصالها، لتعلن روسيا بقيادة بوريس يلتسن الحرب عليها في 1994، وهي حرب ضارية استمرت عامين، أدت لدمار البلاد، لكن تكبدت روسيا فيها خسائر دفعتها لتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار في 1996، ثم معاهدة سلام في العام التالي "تنص على بناء العلاقات بينهما وفق القانون الدولي، وأنه لا يجوز استعمال السلاح ولا التهديد باستعماله لحل النزاع بينهما، تنص المعاهدة على استقلال الشيشان".

حرب الشيشان الثانية

لكن مع تولي فلاديمير بوتين القيادة الروسية، خاض في الشيشان أولى الحروب في مسيرة زاخرة بالصراعات، وقد دامت "حرب الشيشان الثانية" من العام 1999 وحتى عام 2009، وانتهت بإعادة روسيا سيطرتها على البلاد، وإنهاء استقلالها، وقد استغل بوتين في تبرير حربه سلسلة من الهجمات الإرهابية، اتُهم الشيشانيون بارتكابها، فيما خرجت روايات تتحدث عن تورط لأجهزة الأمنية وراءها لأجل إيجاد سبب للحرب.

واليوم وفي الوقت الذي أرسل فيه رئيس الشيشان الموالي لموسكو رمضان قديروف آلاف المقاتلين للحرب إلى جوار الجيش الروسي في أوكرانيا، يقف على الضفة الأخرى مقاتلون شيشانيون يحاربون على أمل هزيمة الروس، وما قد يمثله الأمر من فرصة لاستعادة دولتهم.

]]>

Previous
Previous

من كوميديا ريغان إلى ساعة بوش.. لحظات طريفة في تاريخ المناظرات الأميركية

Next
Next

هل حول حزب الله مطار بيروت إلى مخزن للأسلحة الإيرانية؟