هل تنتقل انتفاضة السوريين ضد تركيا إلى ليبيا؟

لم يكن يتوقع الكثيرون أن شرارة أحداث ولاية قيصرية التركية الأخيرة، التي أشعلت "انتفاضة" بين سكان الشمال السوري ضد سلطات أنقرة، ستمتد لتطال مكانا آخر يبعد آلاف الأميال.

وهذا ما حدث في مواقع تجمع المقاتلين السوريين الذين جلبتهم تركيا إلى الغرب الليبي، ضمن اتفاق أمني مع السلطات في العاصمة طرابلس وقعته حكومة الوفاق السابقة، وحافظ عليه حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبدالحميد الدبيبة.

استنفار المقاتلين

وكشف آمر قوة الإسناد بعملية "بركان الغضب" الليبية، ناصر عمار، أن معسكرات المقاتلين السوريين في معسكر اليرموك بطرابلس، وموقع "سيدي بلال" بجنزور، وقاعدة الوطية الجوية غربا، شهدت استنفارا غير مسبوق.

وتوترت الأوضاع في تلك المعسكرات، على إثر الأحداث التي شهدتها تركيا وشمال سوريا، وفق عمار، حيث أبدى المقاتلين غضبهم مما يجري هناك.

وأوضحت مصادر مطلعة، لـ"جسور"، أن التوترات بدأت بالفعل منذ تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مطلع الأسبوع الجاري عن "رغبته" في تطبيع العلاقات مع النظام السوري، وعرضه لقاء بشار الأسد، ما أغضب المقاتلين المحسوبين على فصائل المعارضة.

وأضافت أن المقاتلين ممتعضون أيضا من تأخر صرف رواتبهم، وهو مشكلة تتكرر بشكل دوري، وهو ما فسروه بأن أنقرة "تتخلي عنهم".

وخرج المقاتلون فيما يشبه "تظاهرة مسلحة" في قاعدة الوطية ليل أول من أمس الإثنين، لتفرض بعد ذلك قيادة الجيش التركي إقامة جبرية عليهم، مع توجيه الميليشيات الليبية المحلية بالاستنفار "تحسبا لأي طارئ".

أحداث قيصرية

واندلعت أعمال عنف واسعة في ولاية قيصرية التركية يوم الإثنين الماضي، حيث هاجم السكان أماكن إقامة ومحال للسوريين في الولاية وأحرقوها.

وقال زير الداخلية التركية علي يرلي كايا إن مواطنين "تصرفوا بطريقة غير قانونية"، وألحقوا أضرارا بمنازل وأماكن عمل ومركبات مملوكة لسوريين، لكنه لم يعلق على صحة مقاطع مصورة لرجال من الشرطة التركية وهم "يعتدون على سوريين".

ثم تداولت العديد من الحسابات على موقع "إكس" مقاطع فيديو قصيرة تظهر "تمزيق" أعلام تركية، وإسقاطها من أعلى مقار رسمية في مناطق عدة شمال غرب سوريا، وظهر في تلك المقاطع مقاتلين تابعين لفصائل من المعارضة السورية وهم يعترضون شاحنات تركية ويرفضون عبورها إلى مناطقهم.

المقاتلون السوريون في ليبيا

وتحدثت العديد من وسائل الإعلام الدولية، وتقارير لخبراء تابعين للأمم المتحدة، عن مشاركة مقاتلين سوريين في الصراع الأهلي الدائر منذ سنوات في ليبيا، وذلك مع الطرفين في شرق وغرب البلاد.

وبدأ انتشار المقاتلين السوريين في الغرب الليبي، بعد توقيع حكومة الوفاق السابقة مع أنقرة اتفاقا أمنيا بمقتضاه نشرت تركيا أيضا قوات نظامية في قواعد جوية ليبية وأيضا معدات عسكرية منها طائرات بدون طيار طراز "بيرقدار".

وأكدت العديد من التقارير مشاركة المقاتلين السوريين فيما عرف بـ"حرب العاصمة" طرابلس العام 2019، ومعارك أخرى دارت في مطلع 2020، قبل أن يتوقف القتال داخل ليبيا، ويستمر تمركز للمقاتلين في العاصمة ومدن أخرى، حيث يجري تبديلهم بين الحين والآخر، ويقدر عددهم بالآلاف.

وفي تحقيق أخير نشرته وكالة "فرانس برس"، أشارت إلى قيام شركة "سادات" التركية الأمنية بنشر مقاتلين سوريين في النيجر، الدولة الجارة لليبيا.

والرواية الرسمية لأنقرة تذكر أن الوجود التركي في أفريقيا هو بغرض "حماية مشاريع ومصالح تركية بينها مناجم"، لكن مصادر مطلعة كشفت لبي بي سي أن المسلحين السوريين ينخرطون في معارك قتالية على المثلث الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، تحت قيادة عسكرية لروسيا، التي تدعم المجلس العسكري في النيجر.

]]>

Previous
Previous

ينفقون مليارات على الطعام.. كيف يحتفل الأميركيون بعيد الاستقلال؟

Next
Next

ثلاث ملفات حفزت براجماتية أردوغان في التقارب مع سوريا مجددا.. فهل تنجح المصالحة؟