“وحيدا ومعزولا".. هكذا أمضى الأسد لحظاته الأخيرة في الحكم
مع الانهيارات السريعة في صفوف القوات التابعة له، كان الأسد يقضي لحظاته الأخيرة في الحكم وسط وحدة وعزلة حقيقية، بعدما "خذله" حلفائه، وانفرط عقد مؤيديه.
هذا ما جاء ضمن تقرير لجريدة "وول ستريت جورنال" بشأن الأيام والساعات الأخيرة للأسد في قصره بالعاصمة دمشق، قبل أن "يفر" إلى موسكو حيث منحه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حق اللجوء مع عائلته.
لكن قبل ذلك بأيام، كان الأسد في العاصمة الروسية ولكن بشكل آخر، فمازال رئيسا و"يملأه الأمل" في الحصول على "دعم سريع وكبير" من حليفته روسيا، لكي يوقف زحف المعارضة السريع بعد سيطرتهم على حلب، وقرب سقوط حماة.
حلفاء الأسد تخلوا عنه
وقالت "وول ستريت جورنال"، نقلا عن مصادرها، إن طلب الأسد قوبل بالرفض من الجانب الروسي، الذي لم يستطع أن يعيد تكرار ما حدث في العام 2015، حين "وضع ثقله" خلفه وساعده في إعادة السيطرة على معظم البلاد، وذلك بالنظر إلى تورط موسكو في حربها الطويلة بأوكرانيا.
وكشف مسؤولون أمنيون سوريون وعرب للجريدة الأميركية، إنه الأسد اتجه إلى إيران للمساعدة، لكنها ردت بأنه "من الصعب" أن ترسل قوات جديدة إلى سوريا، ثم أرسل وزير خارجيته إلى بغداد في محاولة أخيرة لحشد المزيد من القوات، لكن الحكومة العراقية رفضت ذلك بأدب.
وأفادت التقارير بأن إيران طلبت من قوات الحرس الثوري الإسلامي والميليشيات التابعة لها البقاء خارج القتال، في حين تتفاوض أيضًا على توفير ممر آمن لأفرادها وتبرم صفقة لمقاتليها لتسليم الأراضي سلميًا للمعارضة.
وبدا للجميع، خصوصا المسؤولين المحيطين به، أن سقوط الأسد أصبح مسألة وقت، ليقرروا المغادرة إلى روسيا ودول عربية أخرى، وفق ما كشفته "وول ستريت جورنال".
وتروي الجريدة الأميركية أن زوجة أحد كبار مسؤولي المخابرات السورية اتصلت هاتفيا بمستشار حكومي وهي تبكي، لأنها أرادت الفرار لدولة عربية لكن زوجها رفضت، وطلبت من المستشار أن يقنعه بالمغادرة لأن النظام "في طريقه للنهاية".
ليلة السقوط
وفي ليلة السبت، لم يكن معروفا مكان وجود الأسد أو كبار المسؤولين الآخرين، وانتظر أنصاره أن يخرج في بيان ليطمئنهم، لكن في النهاية ظهر قائد عسكري يتحدث بخطاب "مكرر" عن وضع الجيش "الجيد" و"قدرة على هزيمة المسلحين".
وقال الجيش إنه فرض طوقا أمنيا حول دمشق، وتدفق السكان على المتاجر لتخزين البقالة، وركب آخرون سياراتهم وانطلقوا، بينما اندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء العاصمة مع اقتراب المعارضة.
وقال فواز جرجس، الباحث البارز في شؤون الشرق الأوسط في جامعة لندن: "أعتقد أن ما حدث ليس فقط التقدم السريع والمذهل للمعارضة، بل الانهيار المفاجئ للجيش السوري، الذي لا قيادة له ويتضور جوعا".
ويعلق محمد علاء غانم، وهو ناشط معارض سوري-أميركي في واشنطن: "لقد سقط النظام حتى قبل أن (تصل المعارضة) إلى دمشق.. تخلى جنود الجيش العربي السوري عن مواقعهم، وهجرت الشرطة مراكزها، وفر بشار الأسد ببساطة".
ووصف أحد سكان حماة، الذي أوصل جنديًا سوريًا كان يتجول في المدينة الأسبوع الماضي، بأنه كان "مرعوبا".
فرار الأسد
وقالت "وول ستريت جورنال" إن المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين لدى النظام ناقشوا مع المعارضة "شروط الاستسلام"، في ظل حالة اليأس التي ضربتهم، وذلك دون الحصول على إذن من الأسد، الذي كان في ذلك الوقت على متن طائرة متجهة إلى موسكو.
وقد تابع نشطاء على مواقع رصد حركة الطائرات، إحدى الطائرات التي أقلعت من دمشق ليل السبت - الأحد، وأخذت تحلق بشكل غير مفهوم، حتى انقطعت إشارتها فجأة فوق ريف حمص الشرقي.
ورجحت العديد من المصادر في حينه أن تلك هي طائرة الأسد، وجرى تداول رواية أن سبب انقطاع إشارتها يعود إلى إسقاطها عبر صاروخ مضاد للطائرات أطلقته منظومة روسية، وربما بالخطأ.
لكن بعدها بساعات تفاجأ العالم بصورة للأسد وقد وصل مع عائلته بأمان إلى روسيا، وهنا قد يبدو أن انقطاع إشارة الطائرة كان محاولة للتمويه على مسارها.
]]>