"قصص شي".. دعاية لتحسين صورة الصين أمام العرب
في ظل الانتقادات التي واجهتها بكين في المنطقة العربية جراء مواقفها في ملفات سياسية عدة، منها التقارب مع إيران ودعم نظام بشار الأسد، سعت السلطات الصينية إلى "تحسين صورتها" أمام العرب عبر الدعاية.
ولجأت القناة الصينية الحكومية "سي جي تي إن" إلى ترويج مقاطع فيديو منشورة على قناتها بموقع "يوتيوب" الشهير، حيث تظهر تلك المقاطع "مدفوعة الثمن" في مساحة إعلانية بمقاطع الفيديو التي يشاهدها الزوار العرب على تلك المنصة الشهيرة.
قصص شي جين بينغ
وتحت عنوان "قصص شي جينغ بينغ"، أنتجت القناة نحو 23 مقطع فيديو لـ"قصص" تستند إما لحديث من الرئيس الصيني شي جينغ بينغ أو مواقف منسوبة له.
وتحمل مقاطع الفيديو رسائل سياسية عدة، فأحد تلك المقاطع يتحدث عن "زيارة" شي إلى قرية في مقاطعة سيتشوان جنوب غرب الصين، ويتناول كيف تغير شكل تلك القرية وأصبحت "تحظى بالتنمية" على عكس الماضي.
الفقر في الصين
ولكن في الحقيقة، وعلى الرغم من محاولات النظام الشيوعي في الصين الترويج لمجابهة الفقر في البلاد، إلا أن أكثر من خمسي الصينيين لا يزيد دخل الفرد منهم عن 1000 يوان، أو نحو 150 دولارا في الشهر فقط.
وهذا المبلغ جاء على لسان رئيس الوزراء الصيني لي كيغيانغ في أوائل العام 2014، وتسبب في "عاصفة" داخل البلاد، وحينها قال إن هذا الدخل "بالكاد يكفي لتأجير غرفة في مدينة متوسطة الحجم.
وأشار الباحث في جامعة ستانفورد "سكوت روزيلي" إلى حقيقة أنَّ الصين لديها واحدة من القوة العاملة الأقل تعليماً في العالم، في ظل وصول ثلاثة صينيين إلى المرحلة الثانوية من أصل عشرة، وفقاً للإحصاء الرسمي في 2015، وأغلب هؤلاء هم عمالة ريفية هاجروا إلى المدن، ونتيجة نظام "هوكو" لتسجيل الأسر، الذي يمكنهم من الحصول على خدمات يفتقرون إليها في القرى.
التوسع العسكري الصيني
وبالعودة إلى المقاطع الدعائية، نشرت "سي جي تي إن" فيديو لمشاركة الجيش الصيني في بعثات حفظ السلام، تحت شعار "الجيش الصيني مدافع قوي عن السلام العالمي"، ويتحدث عن ترحيب السكان في إحدى مناطق جمهورية الكونغو الديمقراطية بالبعثة العسكرية الصينية.
وتشارك الصين في 12 بعثة لحفظ السلام، منها 7 بعثات في مالي، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية أفريقيا الوسطى، والسودان، وجنوب السودان، وغينيا بيساو، والصومال.
وسبق أن كشفت وثائق لوكالة الاستخبارات الأميركية، أن الصين ترغب في توسيع الحضور العسكري المتزايد لجيشها من أجل "تأمين مصالحها"، وقد سعت في ذلك عبر البعثات الخاصة بحفظ السلام، وأيضا التحرك في أنشطة مثل مكافحة القرصنة في منطقة القرن الأفريقي،
وإنشائها قواعد عسكرية مثل الموجودة في جيبوتي.
وعلى المستوى المشاركات في قوات حفظ السلام، فقد كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة، في العام 2016، النقاب عن 69 ادعاء بانتهاكات جنسية لقوات حفظ السلام في أماكن مختلفة من العالم.
واشار التقرير إلى أن حوالي ثلث حالات الانتهاك، 22 حالة، متهمة بها قوات حفظ السلام في جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث تشارك الصين بشكل نشط في تلك البعثة.
أما في الكونغو التي أشار لها مقطع الفيديو الدعائي، فقد نشرت وسائل إعلام دولية العديد من التقارير حول امتلاك الصين معظم المناجم الصناعية في هذه الدولة الأفريقية الفقيرة، وهي مسؤولة عن "عمالة الأطفال هناك" في ظل "ظروف عمل ومعيشة غير آدمية".
الأزمة البيئية في الصين
مقطع آخر يتناول "الحياة البرية" في الصين، وسط "الطبيعة الخلابة"، ورسائل حول الاهتمام بالبيئة وثقافة المجتمع التي تهتم بحقوق الحيوان.
لكن في الحقيقة تعاني الصين من أزمة بيئية حادة، وفق تقرير نشرته موقع شبكة "بي بي سي" نهاية العام الماضي، وقد حذر من بلوغ تلوث الهواء في العاصمة الصينية بكين مستويات خطيرة، حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية.
واكتظت المستشفيات الصينية بشباب ومسنين يعانون من مشاكل في التنفس. وطالبت السلطات الناس بعدم الخروج إلى شوارع العاصمة، بينما ارتفعت مبيعات أجهزة تنقية الهواء المنزلية، وكذلك الأقنعة الواقية، لدرجة أن بضاعة بعض المتاجر نفدت.
كما تعاني الصين من نسب تلوث كبيرة نتيجة النشاط الصناعي سواء في التربة أو مصادر المياه، كما إنها إحدى أعلى الدول في انبعاثات الكربون المتسببة في التغيرات المناخية حول العالم، وذلك على الرغم من إنفاقها مليارات الدولارات في محاولة خفض الانبعاثات.
الثقافة وحقوق الأقليات
وفي مقطع آخر، يتحدث الرئيس الصيني شي عن "الحاجة للحفاظ على الثقافة والحضارة الصينية"، وما يسمى بـ"الثقافة التقليدية"، لكن الأمر قد يبدو كمحاولة لدمج جميع سكان الصين، باختلاف أعراقهم ومعتقداتهم، في نمط ثقافي محدد.
وسبق أن نشرت "جسور" تقريرا حول التغييرات التي استهدفت النمط المعماري في مناطق الأقليات المسلمة بالصين، وإجبارهم على عمارة مساجدهم ومؤسساتهم الدينية بشكل "صيني" بحت، ورفض الشكل المعماري العربي أو الإسلامي.
ولا يقتصر الأمر على الأبينة فقط، بل يطال المعتقدات والممارسات الدينية، وهو ما أشارت إليه تقارير أممية عدة بشأن وضع أقلية "الإيغور" المسلمة في الصين، حيث يتم احتجازهم في ما يشبه "معسكرات الاعتقال".
وتنظم السلطات الصينية ما تقول إنه برامج لإعادة تأهيل تلك الأقلية، وتشير بعض التقديرات إلى وجود نحو مليون من أقلية الإيغور في تلك "المعتقلات"، فيما نزح مئات الآلاف الآخرين خارج البلاد، وتضغط بكين على بعض الدول من أجل رفض منحهم اللجوء.
]]>