الذكاء الصناعي وسيلة الإمارات لتعزيز اقتصادها المزدهر

إن كنت تريد أن ترى القفزة الجديدة في التطور البشري، يمكنك قطع تذكرة سفر إلى أبوظبي أو دبي أو أي من مدن الإمارات، من أجل رؤية كيف يمكن أن يصبح الذكاء الصناعي أداة لبناء أمة.

وسلط موقع "بوليتيكو" الضوء على تجربة الإمارات حين قامت "بأحد أكبر الرهانات في العالم" على هذه التكنولوجيا الناشئة، وأنفقت مبالغ ضخمة على الرقائق والطاقة لتشغيل النماذج والتطبيقات الحديثة.

الاستثمار في الذكاء الصناعي

ومن أجل بناء منظومة الذكاء الصناعي، كان على الإمارات "تحرير قوانين الهجرة والأعمال والضرائب، وأن تجد طرقًا لجذب أذكى الأشخاص من مختلف أنحاء العالم، وهذه وصفتها الاقتصادية لعام مقبل ناجح"، وفق الجريدة الأميركية.

وتناول "بوليتيكو" باهتمام مجلس مسائي، أو حفل عشاء، جمع إماراتيين وعدد من الأجانب، بينهم بريطاني وألماني وروسي، جميعهم مهتمون بالعمال في مجال التكنولوجيا.

وقال رجل الأعمال الألماني لين كايزر، خلال الحفل: "تستخدم الإمارات الذكاء الصناعي للتصنيع، بطريقة منطقية في القرن الحادي والعشرين"، وتقوم شركته "LEAP71"، ومقرها دبي، بتصميم محركات صاروخية باستخدام الذكاء الصناعي والتي يتم طباعتها بعد ذلك بتقنية ثلاثية الأبعاد، وجرى إطلاق واحدة بنجاح في الأسبوع الماضي.

وأكد مُضيف المجلس، عمر العلماء أن الإمارات تتطلع إلى الاستفادة من التكنولوجيا والذكاء الصناعي "لتنويع الاقتصاد وضمان ازدهاره في المستقبل".

وشغل الرجل البالغ من العمر 34 عامًا منصب أول وزير مسؤول عن الذكاء الصناعي في الإمارات والعالم بأسره، وكان ذلك في العام 2017، قبل أن يجعل "ChatGPT" الذكاء الاصطناعي حديث العالم منذ عامين، وتمثلت مهمته في وضع الإمارات بين الدول الرائدة عالميا في مجال الذكاء الصناعي بحلول عام 2031.

وأشار "بوليتيكو" إلى تقدم الإمارات على الجدول الزمني الموضوع في هذا المجال، ما يثير دهشة الآخرين، حيث حظت البلاد بالاهتمام في العام الماضي بعد إطلاق تطبيق "Falcon"، وهو نموذج لغوي كبير مفتوح المصدر أنشأه معهد تديره الدولة والذي تفوق في الأداء على العروض المقدمة من أفضل الأسماء في وادي السيليكون، استحوذت "مايكروسوفت" في أبريل على حصة أقلية بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة "G42"، وهي شركة تعمل في مجال الذكاء الصناعي ومقرها أبوظبي وتدعمها الأسرة الحاكمة وتتطلع إلى بناء تطبيقات للطاقة والرعاية الصحية وقطاعات أخرى.

الإمارات الخامسة عالميا

وفي مؤشر الذكاء الصناعي العالمي السنوي الذي تصدره جامعة ستانفورد، احتلت الإمارات العام المرتبة الخامسة بين أكثر الدول "حيوية" في مجال الذكاء الصناعي، بعد أن كانت في المرتبة العاشرة في العام السابق، وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة الأولى، تليها الصين والمملكة المتحدة والهند، وقال أحد أصحاب رأس المال الاستثماري الإماراتي، متحدثًا في حفل إفطار لمستثمر خاص في أبو ظبي ذات صباح: "لقد وضعونا في مقدمة الدول التي قمنا بمقارنة أنفسنا بها"، طلب عدم ذكر اسمه.

وسجلت الإمارات نتائج جيدة في استطلاع ستانفورد فيما يتعلق بجذب المهندسين ورجال الأعمال، ودعم اقتصاد الذكاء الاصطناعي المحلي بالاستثمارات العامة وسهولة ممارسة الأعمال التجارية.

ومنذ سبعينيات القرن الماضي، بذلت البلاد جهودًا حثيثة أكثر من دول الخليج الأخرى لجذب الشركات ورؤوس الأموال الخارجية.

وقال أنور قرقاش، أحد كبار الدبلوماسيين الإماراتيين ومستشار السياسة الخارجية لرئيس الدولة، إن الإمارات جعلت من ضمن أولوياتها هو جعل اقتصادها أكثر تنافسية.

ولفت "بوليتيكو" إلى امتلاك الإمارات كل العوامل التي تمكنها من جعلها مركزا جاذبا في ما يتعلق بمجال التكنولوجيا، فلديها المال بوفرة، ولكن أيضا هناك الموهبة، حيث خففت الإمارات القيود المفروضة على التأشيرة والملكية، مما سمح للأجانب بامتلاك أعمال تجارية هناك. 

وقال أحد المستثمرين الإماراتيين الأميركيين في مجال التكنولوجيا أثناء الإفطار في أبو ظبي، لـ"بوليتيكو": "إن جلب المواهب إلى الإمارات أسهل من جلبها إلى الولايات المتحدة، والدخول إلى الإمارات أسهل من الوصول إلى أوروبا، والعيش هنا أكثر أمانًا أيضًا".

صيد اللؤلؤ

وفي الإمارات، تسمع كثيرًا عن "مثل" غواص اللؤلؤ، فقبل قرن من الزمان، كان الغوص على لحصد اللؤلؤ صناعة كبيرة في دبي، لكن حين اكتشف اليابانيون كيفية إنتاج اللؤلؤ صناعيا، تدهورت صناعة اللؤلؤ الإماراتية، إلا أن الأمر تحول إلى دافع من أجل تنويع اقتصادهم.

والنظرة الحديثة في الإمارات هي أن اللؤلؤ الآن هو النفط والغاز، ويذهب هذا التفكير إلى أنه في يوم من الأيام سوف يختفي أو يُزاح، وللحفاظ على مستويات المعيشة المرتفعة التي اعتادت عليها الدولة، عليهم البحث في مكان آخر.

ولذلك ابتداءً من الثمانينيات، عندما كانت موارد الطاقة الصغيرة نسبياً تستنزف، تنوعت دبي في مجال التمويل، وأصبحت مركزاً للنقل البحري والجوي وأنشأت صناعة سياحية، والآن، أصبحت من أوائل الدول التي تبنت الذكاء الاصطناعي.

وفي القرن الحادي والعشرين، يحاول هذا المكان أن يفعل ما فعلته سنغافورة وهونغ كونغ في القرن العشرين - ليصبح ملتقى العالم لرأس المال والناس في قطاع المستقبل، ولهذا تحتاج إلى التركيبة السكانية الجيدة، وفتح الحدود للموهوبين والطموحين، وحواجز منخفضة أمام ممارسة الأعمال التجارية.

واختتم "بوليتيكو": "بوسع الاقتصادات الأكثر نضجاً والأقل حيوية في أوروبا وآسيا أن تتعلم من الإمارات، وكذلك تستطيع الولايات المتحدة أن تفعل ذلك، بقدر ما ترغب طبقتنا السياسية الضيقة في فتح أعينها على العالم".

]]>

Previous
Previous

رحيل عرَّاب السلام.. هل يحتاج الشرق الأوسط إلى استحضار تجربة كارتر؟

Next
Next

حرب من نوع خاص.. أميركا تستعين بـ"ثعالب البحر" لصد غزو السلطعون الأخضر