نيويورك تايمز: أسبوع كبير للدبلوماسية السعودية

خلال أسبوع واحد، صارت العاصمة السعودية الرياض "قبلة" لكل الجهود الدبلوماسية التي تتمحور حول قضايا ساخنة حول العالم، فمن اللقاء "الاستثنائي" الذي جمع كبار مسؤولي الولايات المتحدة وروسيا، وعلى رأسهم وزيرا الخارجية مارك روبيو وسيرغي لافروف، إلى الاجتماع "غير رسمي" سيتباحث خلاله القادة العرب الوضع في قطاع غزة. 

وقالت جريدة "نيويورك تايمز" إن السعودية "سهلت المحادثات" التي جرت بين الوفدين الأميركي والروسي الثلاثاء الماضي، في ظل "حفاوة استقبال استثنائية"، كما رفعت وسائل الإعلام السعودية الحكومية والخاصة شعار "بلد السلام" في تغطيتها لهذه المحادثات، فيما تداول آخرون "هاشتاج" يصف المملكة بأنها "عاصمة قرارات العالم".

محادثات الرياض

وناقش المسؤولون الأميركيون والروس في الرياض إنهاء الحرب في أوكرانيا وإعادة العلاقات الطبيعية.

وفي لقاء مع وفد أميركي يوم الإثنين الماضي، أعرب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن سعادته بالتعامل مع الوفد والرئيس دونالد ترامب وإدارته، مشيرا إلى أمله في أن يسهم هذا التعاون عن أشياء إيجابية للسعودية ودول العالم

من جانبه، تحدث ترامب في وقت متأخر يوم الأربعاء الماضي في قمة استثمارية في ميامي بيتش استضافها صندوق الثروة السيادية السعودي، حيث أشاد بدور الرياض في رعاية المحادثات الروسية - الأميركية.

لقد كان الأسبوع الكبير للسعوديين في الدبلوماسية الدولية قيد الإعداد منذ فترة طويلة، وفي الوقت الذي أصاب فيه الضعف دول عربية جراء الاضطرابات الداخلية لسنوات، برزت السعودية في عهد محمد بن سلمان، واستفادت من حجمها وثروتها ومكانتها كوصي على أقدس الأماكن الإسلامية، كما يشير تقرير الجريدة الأميركية.

نفوذ عالمي للمملكة

وقال حسن الحسن، الباحث السياسي المختص في شؤون الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن الدبلوماسية رفيعة المستوى التي تتبناها السعودية "تُظهر نفوذها العالمي وقيادتها الإقليمية".

وأشار إلى أن تراجع نفوذ القوى الكبرى على المسرح العالمي سمح لـ"الجهات الفاعلة المرنة" مثل السعودية بالتقدم.

وأشار محللون، بما في ذلك بعض المقربين من الديوان الملكي، إلى أن الاستراتيجية السعودية الذكية لتنمية علاقاتها الدولية خلال سنوات التوتر مع إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن "قد أتت بثمارها في المحادثات الأميركية - الروسية يوم الثلاثاء".

وفي السنوات الأخيرة، أسست السعودية روابط اقتصادية مع الصين وتجنبت الانحياز إلى أي طرف في الحرب في أوكرانيا، وقد سمح لها حيادها بالمساعدة في التوسط في تبادل السجناء بين روسيا وأوكرانيا، وبين وروسيا والولايات المتحدة، واستضافة كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

كما أن المكانة المكتسبة عالميا للسعودية جعلها بمثابة "الجائزة الكبرى" بالنسبة لإسرائيل ومساعيها في تطبيع العلاقات مع جيرانها العرب، مما أعطى السعوديين النفوذ للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق دفاعي مع الولايات المتحدة، بل وربط الأمر أيضا بملف قطاع غزة.

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن استمرار محادثات السعودية مع الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن التطبيع، كما من المتوقع أن تساعد في تمويل أي إعادة إعمار في غزة، الأمر الذي جعلها خيارًا طبيعيًا لعقد اجتماع مع مصر والأردن والإمارات وقطر اليوم الجمعة لمناقشة ملف القطاع.

العلاقات السعودية الأميركية

وعلى الرغم من أن إدارة بادين حاولت الدفع نحو تحقيق التطبيع بين السعودية وإسرائيل في بعض الأوقات، إلا أنها لم تكن على وفاق مع الرياض دائما، كما تشير الجريدة الأميركية.

لكن الوضع مختلف الآن مع ترامب الذي رفع المملكة الخليجية إلى مكانة الصديق الموثوق به والشريك في الشؤون العالمية.

وكانت الزيارة الأولى للرئيس ترامب إلى دولة أجنبية في فترة ولايته الأولى إلى المملكة العربية السعودية في مايو 2017.

وقال حسين كابيش، الباحث البارز في معهد دول الخليج العربية في واشنطن: "ترامب يعترف بها كزعيمة" للدول العربية، ولقد أرادت (الرياض) أن تُعامل بهذه الطريقة، وفي عهد ترامب يتم التعامل معها" من هذا التصور.

وقال ترامب إن المملكة اختيرت لاجتماعه الأول المحتمل مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين منذ عودته إلى البيت الأبيض بسبب علاقة الرئيسين مع ولي العهد محمد بن سلمان.

وصرح ترامب في هذا السياق قائلا: "نحن نعرف ولي العهد، وأعتقد أنه سيكون مكانًا جيدًا جدًا للتواجد فيه".

اتفاق دفاعي بين أميركا والسعودية

ولكن هناك أمر آخر يهم العلاقات الثنائية بين البلدين، ويعد أولوية لصناع القرار في الرياض وهو "تأمين اتفاق دفاعي، والمساعدة في تطوير برنامج نووي مدني من الولايات المتحدة مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل".

وأيدت السعودية موقفي الأردن ومصر فيما يتعلق برفض مقترح ترامب نقل سكان غزة، ولذلك فإن معالجة هذا الملف ضرورة من أجل المضي قدما في جهود التطبيع مع إسرائيل. 

ومع ذلك، ربما يكون المسؤولون السعوديون قد جنوا فوائد من الوقت الذي أمضوه مع كبار المسؤولين في إدارة ترامب في الرياض هذا الأسبوع.

وقال محللون سياسيون سعوديون إن تعزيز العلاقات مع وزير الخارجية ماركو روبيو، ومايكل فالتز، مستشار الأمن القومي، وخاصة ستيف ويتكوف، وهو صديق قديم لترامب يعمل كمبعوث خاص له إلى الشرق الأوسط، قد يساعد السعودية في تعاملاتها مع الولايات المتحدة بشأن غزة والتطبيع، وقد تحدث الأمير محمد بن سلمان مع روبيو حول غزة وأوكرانيا يوم الاثنين.

وقد برز ويتكوف، وهو مستثمر عقاري في نيويورك، مثل رئيسه، كشخصية رئيسية في قلب الصفقات الخارجية التي يجريها ترامب، ولقد تجاوز مسمى وظيفته المزعوم لحضور مؤتمر روسيا والولايات المتحدة في الرياض يوم الثلاثاء، والمساعدة في تأمين إطلاق سراح مارك فوغل، وهو مدرس أمريكي محتجز في روسيا منذ عام 2021، الأسبوع الماضي.

وقال سلمان الأنصاري، المحلل السعودي، إن ويتكوف "سيستمع بلا شك بعناية إلى ما سيقوله السعوديون بشأن غزة، وعلى الرغم من وجود خلافات أولية بشأن القطاع، إلا أنهم سيجدون طريقا للمضي قدما".

على أي حال، فإن العلاقة بين البلدين لا تتوقف فقط على التطبيع أو اتفاق الدفاع أو الدولة الفلسطينية، خاصة في عهد ترامبن وقد تجلى ذلك بوضوح في أواخر يناير الماضي، عندما أخبر الأمير محمد بن سلمان ترامب بأن السعودية تعتزم تعزيز استثماراتها وتجارتها مع الولايات المتحدة بنحو 600 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة.

]]>

Previous
Previous

قمة ترامب وبوتين في الرياض.. أوروبا تترقب والسعودية "الفائز الأكبر"

Next
Next

أسلحة بلا فائدة.. الجيش الصيني "غير مصمم" للقتال